06-09-2003, 12:09 PM
|
#3
|
عضـو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2423
|
تاريخ التسجيل : 09 2002
|
أخر زيارة : 30-12-2012 (12:07 AM)
|
المشاركات :
591 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
فمن يباري أبا حفص وسيرته أو من يحاول للفاروق تشبيهًا
وفى الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ] رواه الترمذي والنسائي وأحمد .
خطأ! اسم الملف غير معين.وهذا أحمد بن حنبل:وهو صاحب الورع والخشية كان جالساً يوماً مع تلاميذه يحدثهم، فاقشعر بدنه، وشعر بحلاوة الإيمان، فقام وتأخر على التلاميذ، وذهب أحد التلاميذ؛ ليرى أين ذهب الإمام، فاقترب من باب الغرفة، فسمع الإمام أحمد يتمثل هذين البيتين، ويبكي بكاءً شديداً :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفـل سـاعـة ولا أن ما تخفي عليه يغيب
ذكر الذهبي في السير: أن القاضي حسين حكى عن القفال أستاذه: أنه كان في كثير من الأوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس- يعني وهو يلقي الدرس- ثم يرفع رأسه، ويقول:' ما أغفلنا عما يراد بنا!'. فأين نحن من هذا؟ وأين المدرسون، والمربون الذين يربون أبناء المسلمين عن هذه الخشية؟
في قصة تربوية يذكرها بعض علماء التربية: أن شيخاً قال لتلاميذه الصغار: يا أبنائي -هذه القصة رسالة للمدرسين والمدرسات- إذا كان الغد، فلا يأت أحد منكم إلا وقد جاء معه بدجاجة قد ذبحها في مكان لا يراه فيه أحد، فجاء التلاميذ من الغد، وكل منهم قد علق دجاجة في يده إلا غلامًا واحداً، فسأله الشيخ: يا غلام أين الدجاجة ؟ فقال الغلام- انظروا التربية-: يا شيخ إنك قلت: أن أذبح الدجاجة في مكان لا يراني فيه أحد، وإنني دخلت الحجرة، فوجدت أن أحداً يراني، فصعدت السطح، فوجدت أن أحداً يراني، وما طرقت مكاناً إلا وكان ذلك الأحد يراني، فقال الشيخ: من هذا الذي يراك؟ فقال الصغير، ذاك القلب الخاشع لله: إنه الله، إن الله معي في كل مكان يراني. أرأيت التربية! فأين أنت أيها المدرس الفاضل؟ أين أنت أيها الداعية الصادق؟ أين أنت يا أيتها المدرسة الصالحة؟ أين أنتم من تربية أبناء وبنات المسلمين على مثل هذا السر العجيب . إننا نحتاج إلى وقفة مراجعة ونظرة إلى النفس، فإننا نسمع ونقرأ في حياة النبلاء: أنه إذا كان الرجل الصالح لوحده في قريته ومدينته؛ أصلح الله به أهل المدينة .
إذاً فما دهانا وأين أثرنا وأين نتائجنا ؟!
3- حمل هم الآخرة وتعلق القلوب بها: نعم إن هذا السر: مراقبة الله ما زال يفعل الأفاعيل في قلوب الصالحين، حتى جعل تلك القلوب تتعلق بالآخرة، فهمومها هي الآخرة، وأحاديثها هي الآخرة، ودندنتها هي حول الآخرة، ولذلك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ] رواه ابن ماجه بسند صحيح. نسمع هذا الحديث ثم نرى الأمور الدنيوية هي حديث مجالسنا: فتارة عن المشاريع التجارية، وتارة عن المعمارية، وتارة عن الوظيفة ودرجاتها، وأخرى عن المركب، وأخرى عن الملبس ،وأخرى عن المشرب... وهكذا، حتى الصالح من الناس إن حمل الهم، فإذا هو هذا همه.
عن القاسم بن محمد قال:' كنا نسافر مع ابن المبارك، فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي: بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس بهذه الشهرة إن كان يصلي؛ إنا لنصلي، وإن كان يصوم؛ إنا لنصوم، وإن كان يغزو؛ فإنا لنغزو، وإن كان يحج؛ إنا لنحج . قال: وكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته، وقد ابتلت بكثرة الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا' . ولعله فقد السراج، فصار إلى الظلمة فذكر القيامة...لحظة من اللحظات يغيب السراج، فإذا الدموع قد ملأت وجه ولحية ابن المبارك رضي الله تعالى عنه. إنها قلوب حملت همّ الآخرة، وتعلقت بها، فإذا رأت ظلمة؛ تذكرت ظلمة القبر، وإذا رأت ناراً؛ تذكرت نار جهنم، وإذا رأت نعيماً وخضرة؛ تذكرت جنان الفردوس... هكذا القلب المتعلق بهموم الآخرة، يفكر في أحوال القيامة، وكل أمر يلحظه في دنياه، ويمر على مخيلته ينتقل مباشرة إلى مواقف القيامة، وأحوال الآخرة.
وذكر أحمد في 'الزهد': أن ابن مسعود مرّ على هؤلاء الذين ينفخون الكير، فوقع رضي الله عنه، وأنه مرّ مرة أخرى على الحدادين، فبصر بحديدة قد أحميت، فبكى. أرأيت القلب كيف يتعلق بالآخرة وبهمومها؟!
الحسن البصري رحمه الله:صاحب الدمعة، وهذه إحدى قصصه: يقول صالح بن حسان:' أمسى الحسن صائماً، فجئناه بطعام عند إفطاره، فلما قرب إليه، عرضت له هذه الآية:} إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا[12]وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا[13]{ “سورة المزمل “ فقرصت يده عنه، فقال: ارفعوه، فرفعناه، فأصبح صائماً، فلما أراد أن يفطر ذكر الآية، ففعل ذلك أيضًا، فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني ويحيى البكاء وأناس من أصحاب الحسن، فقال: أدركوا أبي، فإنه لم يذق طعاماً منذ ثلاثة أيام، كلما قربناه إليه ذكر هذه الآية:} إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا[12]وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا[13]{ “سورة المزمل “ فأتوه فلم يزالوا به حتى أسقوه شربة من سويق'. غلبه هم الآخرة وتذكر أهوالها؛ فجعله لا يشتهي الأكل وتأباه نفسه .
4- هضم النفس والإزراء عليها مهما بلغت من الصلاح: فخشية الله ومراقبته؛ جعلت أولئك الرجال يحتقرون هذه النفس، فما زالوا في هضمها، واحتقار شأنها؛ تربية لها ومحاسبة، وإن كثيراً من أهل الخير والصلاح غفل عن قلبه حتى ظن أنه ليس بحاجة إلى موعظة تذكره بالجنة والنار، والحساب والعذاب . فمن آثار استشعار مراقبة الله في حياة السلف أنهم عرفوا حقيقة أنفسهم، وحرصوا على تربيتها:
فهذا سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث:كان رضي الله عنه لشدة تعلقه بالآخرة، واستيلاء همها عليه، لكأنه جاء منها، فهو يحدثك عنها رأي العين، يقول أبو نعيم:' كان سفيان إذا ذكر الموت لم ينتفع به أيامًا ' ويقول ابن مهدي:' كنا نكون عنده، فكأنما وقف للحساب'. عجبًا لهؤلاء الرجال !
والسر الذي جعلهم يصلون لهذا: رقابة الله وخشيته، فنسأل الله أن يملأ قلوبنا بخشيته وخوفه.
|
|
|