06-09-2003, 12:13 PM
|
#4
|
عضـو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2423
|
تاريخ التسجيل : 09 2002
|
أخر زيارة : 30-12-2012 (12:07 AM)
|
المشاركات :
591 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
كيف الوصول لهذا السر العجيب ؟
أولا: المعرفة الحقيقية بالله سبحانه وتعالى: من أراد الخشية من الله، والخوف من الله سبحانه، فليتعرف على الله حقيقة المعرفة من خلال أسمائه وصفاته، وذلك متمثل في توحيد الأسماء والصفات . أليس من أسماء الله عز وجل: الرقيب؟ ومن أسمائه: الحفيظ، ومن أسمائه: السميع، والعليم، والبصير .
فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها؛ حصلت له المراقبة، فالمراقبة كما يعرفها أهل العلم: هي ثمرة علمك بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليك، ناظر إليك، سامع لقولك، مطلع على عملك كل وقت، وفى كل نفس، وكل لحظة، وكل طرفة عين، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته؛ ازداد إيمانه، وقوي يقينه بالله. وهذه المعرفة تحصل بمراتب ثلاث في توحيد الأسماء والصفات:
أولا:إحصاء هذه الأسماء بألفاظها وحفظها.
ثانيًا:فهم معانيها ومدلولها دون تحريف، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تكييف.
ثالثا:دعاء الله بها، وهو على نوعين: دعاء الثناء، ودعاء المسألة .
ومن عرف الله؛ عظّمه، وأجله. ومن عظّمه؛ عظّم حرماته، وائتمر بأمره، وانتهى عن نهيه:} وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ[30] { “سورة الحج “ ودوام تأمل الأسماء والصفات بالله؛ يورث ذلك حقيقة:} وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[67]{ “سورة الزمر” فلذلك تعرف إلى الله حقيقة المعرفة.
ثانيًا:الإكثار من ذكر الموت وأحوال الآخرة: فهو الأمر الذي لا مفر منه، ولذلك: فإن أردت الخشية والخوف؛ فتذكر الموت وسكراته وشدته، تذكر القبر وسؤاله وعذابه ونعيمه وضيقه وظلمته وضمته، تذكر أهوال يوم القيامة وشدته وطوله والعرض على الله سبحانه وتعالى، وتطاير الصحف، والميزان، والصراط، وذهول العباد من الموقف، فمنهم من يساق إلى الجحيم، ومنهم من يدخل الجنة . إن تذكر ذلك كله؛ يدفع الإنسان إلى العمل الجاد المتواصل؛ فالبكاء والندم بتذكر هذه الأمور؛ لا ينفعان صاحبهما إذا لم يقرنا بالعمل .
ثالثًا: شهود المنة والفضل: وهو أن تتذكر فضل الله عليك ومنته، والكرماء هم الذين يعرفون الفضل لأهله، فانظر لنعم الله عليك، انظر لنعمة الإسلام وحدها، انظر إليها ويتضح ذلك عندما ترى أحوال الكفار ،وأهل البدع . وانظر لنعمة الهداية، ويتضح ذلك عندما ترى أحوال الفساق، والفجار. وانظر لنعمة العافية، ويتضح ذلك عندما ترى أحوال المرضى وأهل العاهات، فاحمد الله، واشكر الله على هذه النعم ... وهكذا نعم الله سبحانه لا تحصى، فتذكر أنه قادر على سلبها بكلمة: كن فيكون، فكن ذاكراً، شاكراً،حتى تعبد الله كأنك تراه.
رابعاً: تقوية القلب بالجلوس مع المؤمنين والصالحين: أصحاب القلوب الرقيقة، والدمعة الدفيقة . احرص على الجلوس مع أولئك الذين يخشون الله ويهابونه، وهذا على نوعين:
1- إما بالمخالطة في المجالس للصالحين والأتقياء، وهم الذين قال عنهم:} الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[67]{ “سورة الزخرف” .
2- أو بالإكثار من قراءة قصص الصالحين والنظر في سيرهم: قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لاتجلس معنا؟ قال ابن المبارك: أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم! أنتم تغتابون الناس . فعليك بالنظر في سير أولئك الرجال حتى يتعلق قلبك بأحوالهم وصفاتهم.
وأخيرًا:
اعلم أن رقابة الله عليك متنوعة ومنها:
1- رقابة الملائكة: يقول تعالى:} أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ[80]{ “سورة الزخرف” ويقول سبحانه:} وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ[10]كِرَامًا كَاتِبِينَ[11] يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ[12]{ “سورة الانفطار” .
2- رقابة الكتب: فلكل عبد كتاب، فيه كل صغيرة وكبيرة، قال تعالى:} وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا[13]اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا[14]{ “سورة الإسراء”.
3- رقابة الجوارح: }يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[24]{ “سورة النور” .
4- رقابة الجلود: }وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[21] وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ[22]وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ[23] { “سورة فصلت” .
هذه الرقابة المتنوعة لا مفر، إذاً الأبواب موصدة، فما بقي أمامك إلا باب واحد مفتوح، وهو باب تربية النفس على خشية الله، ومراقبة الله، هذا هو السر العجيب الذي أردت أن أطلعك عليه، الذي قلب حياة أولئك الرجال، فجعل حياة النبلاء حياة ذات معنى، وذات لذة، وذات حلاوة، فهل تريد يا أخي الحبيب هذه الحياة ؟ هل تريد أن تشعر بمعنى قيمة الحياة؟ جرب ذلك، وحاول أن تتمثل هذا السر، فستجد العجب العجاب في حياتك كلها كبيرها وصغيرها ، نسأل الله أن يرزقنا خشيته في السر والعلن .
من محاضرة: السر العجيب للشيخ/ إبراهيم الدويش
|
|
|