المرأة قبل الديانات السماوية
كان وضع المرأة لدى أغلب الأمم والتشريعات قبل الإسلام وضعاً مهيناً قاسياً مذلاً، فلم يكونوا يعتبرونها إنساناً ذا روح، بل كانوا يعتقدون أنَّها من روح وضيعة، وهي عندهم أصل الشر، ومنبع الآثام..
المرأة في الحضارة الهندية:
إنَّ من أبرز ما نلاحظه من مواقف المجتمع الهندي تجاه المرأة أنَّ ينكر إنسانيتها، ويعرض عن الاعتراف بقيمتها الاجتماعية، وذلك ما دعا إلى إنكار حقوقها، وإثقال كاهلها بالكثير من الواجبات، فالمرأة عند المشرع الهندي أسوأ من الوباء والجحيم والسم والأفاعي والنار، وقد كانت هذه الفكرة مسطرة على بوذا لدرجة أنَّه كان يتردد كثيراً قبل أن يسمح للنساء بالانضمام إلى الطائفة البوذية [1]. لذا لم يكن للمرأة عند الهنود في شريعة مانو أي حق من الحقوق، وهي خادمة فقط لزوجها أو أبيها، ولا تملك الأهلية للتصرف في مالها، بل لم يكن لها حق الملكية ذاته؛ إذ كل ما تملكه يعود إلى زوجها أو إلى أبيها، أو إلى ولدها، وكانت إذا مات زوجها أحرقوها حية ودفنوها معه.. ورغم أنّ الاستعمار البريطاني أصدر قانوناً يمنع إحراق المرأة حية مع زوجها الميت، إلاَّ أنَّ هذا مستمر حتى الآن بين حين وآخر[2]، أو قد يقع إسعافها فتبقى على قيد الحياة لتباع مع ما يباع من أمتعة الزوج[3].
المرأة الفارسية في الديانة الزرادشتية:
لقد أدخل زرادشت تغييراً هاماً على موقف المجتمع الفارسي من المرأة، فتمتعت ببعض الحقوق كاختيار الزوج، ومعارضة الأب في تزويجها بمن لا ترضاه، وحق طلب الطلاق، وملك العقار، وإدارة الشؤون المالية للزوج بتوكيل منه، لكن هذه الأوضاع لم تستمر طويلاً، إذ ما إن انتهى عهد زرادشت حتى عادت المرأة إلى ما كانت عليه من انحطاط المنزلة خصوصاً في الطبقات العالية التي تفرض على المرأة الانغلاق في البيت، وتحرَّم عليها رؤية الرجل ولو كان أباً أو أخاً، أمَّا المرأة الفقيرة فقد تمسكت ببعض نتلك الحقوق، وكانت بسب ذلك في نظر المجتمع الفارسي محتقرة منبوذة، وبقي هذا الاستهتار بالغاً بالرجل الفارسي حداً مسرفاً؛ إذ كان يستحل البنت والأخت والشقيقة وغير الشقيقة، ويبيح الأم، ويجمع بين الأختين[4].
المرأة عند البابليين والآشوريين:
أمَّا الآشوريون والبابليون في العراق والشام فقد عاملوا المرأة بمثل ما كان يعاملها به المجتمع الهندي من استرقاق أبدي، وإنكار لقيمتها الإنسانية، ومكانتها الاجتماعية[5]، ففي شريعة حمورابي كانت تعتبر المرأة مثل السائمة، وليست لها الأهلية للملكية ولا للتصرف. .وإذا قتل رجل ابنة رجل آخر فعليه أن يسلمه ابنته ليقتلها أو يسترقها حسبما يشاء[6].
|