08-06-2012, 05:58 AM
|
#42
|
V I P
على آوتآر عمري
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 34791
|
تاريخ التسجيل : 07 2011
|
أخر زيارة : 28-11-2014 (10:11 PM)
|
المشاركات :
5,160 [
+
] |
التقييم : 167
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Deeppink
|
|
أذان بلال في بيت المقدس
يذهب عمر بجمله ومولاه ليفتح بيت المقدس ، فلا موكب ولا جنود ولا حراسة ولا حشم ولا دنيا، يذهب بالدين، لكنه يذهب وهو يحمل الدنيا في يديه، كما قال حافظ إبراهيم :
قل للملوك تنحوا عن مناصبكم فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها
يأخذها في ساعة ويعطيها في ساعة.
وأتى عمر ودخل بيت المقدس بثوبه الممزق المرقع، وهو في ثوبه وفي هيكله وفي جسمه يصف العدل، ويمثل الرحمة والصرامة، ويجتمع المؤمنون في فتح بيت المقدس ، الصحابة وكبار الصحابة، وأهل العهد المكي، وبقية العشر، وأهل بدر وأهل بيعة العقبة، وكلهم احترق من داخله بموت الإمام.
وتحين صلاة الظهر مرة ثانية، فيقول عمر : أسألك بالله يا بلال
أن تؤذن لنا، قال: اعفني يا أمير المؤمنين! قال: أسألك بالله أن تذكرنا الأيام الأولى في حياتنا، فلكل إنسان ذكريات، وذكريات الصحابة محمد عليه الصلاة والسلام، وحبهم وتاريخهم وتعاليمهم وفجرهم وليلهم ونهارهم محمد عليه الصلاة والسلام، يريد عمر أن يطوي أربعين أو ثلاثين سنة في جلسة واحدة، قال الصحابة: يا بلال اتق الله سألك أمير المؤمنين، فقام بلال يتحامل على جسمه، وقد أصبح شيخاً كبيراً، وارتفع صوته، فإذا بصوت عمر يسابقه بالبكاء أسرع من صوت بلال بالأذان، وتَنْهَدُّ أكتاف عمر ، وقد أصبح كالطفل الرضيع يبكي، وبكى كبار الصحابة، وبكى الجيش الفاتح الذي مع عمر ، الجيش.. والواحد منهم كالأسد الضرغام، لا ينهزم ولا يغلب، ولكن غلبوا في ساحة الحب، أصبحوا صرعى من البكاء، وتردد المسجد الأقصى بالبكاء، لماذا؟
لأن الأذان ذكرهم تاريخاً وذكريات تنهال على الإنسان من كل حدب وصوب.
فلا إله إلا الله ما أعظم الذكريات! ولا إله إلا الله ما أجل الحياة! وما أشرف الأوقات مع أولئك الذين رفعوا دين الله في الأرض والبحار والفلوات!
أعلى الصفحة
رؤية بلال للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام وزيارته له والوداع الأخير
وبعدها يعود بلال إلى الشام ، وانقطع عن المدينة المنورة فترةً طويلة، انقطع لأن السفر مضن، وبلال أصبح شيخاً كبيراً أشرف على الشيخوخة، ونام ليلة من الليالي؛ وفي أثناء النوم زاره طيف محمد عليه الصلاة والسلام، زاره وجه الرسول عليه الصلاة والسلام النوم، والرسول عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين - يقول: {من رآني في المنام، فسوف يراني، فإن الشيطان لا يتمثل بي } رأى حبيبه وشيخه، رأى الإمام بصورته، ورآه بنوره، وبشاشته أمامه يحاسبه، ويعاتبه ويقول له: هجرتنا يا بلال ! أما تزورنا؟
ما أعظمها من كلمات! وما أقوى العتاب!
لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الأجسام بالعلل
أو كما قال المتنبي :
يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون همُ
هجرتنا يا بلال ، ألا تزورنا في المدينة !
واستيقظ بلال باكياً وسط الليل، وتوضأ وصلى ركعتين، وأسرج راحلته، أبعدها يتأخر؟!
دعوةٌ مقدمةٌ من الإمام الأعظم إلى المؤذن في الشام أن يزوره في المدينة .
والرسول عليه الصلاة والسلام حرم الله على الأرض أن تأكل جسده، كلما سلم عليه مسلم رد الله عليه روحه ليرد السلام، ركب الناقة وذهب، وطوى القفار وكأنها سويعات، سويعات قصيرة حتى يصل إلى المدينة .
جزى الله الطريق إليك خيراً وإن كنا تعبنا في الطريق
فوصل قبل صلاة الفجر، لتكون ملحمة من البكاء أيضاً، فوجد الناس نياماً، وأتى إلى الروضة فسلم، وبكى ما شاء الله له أن يبكي، ووقف هناك في عالم الذكريات، والحياة، وعالم العبر، والدروس التي لا تنتهي أبداً.
وحان أذان الفجر وتأخر المؤذن -مؤذن المدينة تأخر ونام- حكمةً من الله وتحرج بلال ، فدينه لا يسمح أن يذهب، وينام الناس، ويذهب وقت الأذان، فصعد المنارة وأذن، ولما أتى إلى محمد رسول الله خنقه البكاء، وقام الناس من المدينة ، قام الصحابة كأنهم بعثوا من القبور يبكون مع بكاء بلال .
الله أكبر! كيف تتكرر المشاهد التي لا تنتهي والصور التي تحمل الأحاسيس والذكريات والمشاعر، وأتوا إليه، وأتى المؤذن وأذن من جديد ووقف بلال يعانقهم ويعانقونه، ويبكون ويبكي:
ولما تلاقينا تباكت قلوبنا فممسك دمع عند ذاك كساكبه
ولكن بلالاً بعدها ودَّع الصحابة؛ لأنه أتى لمهمة خاصة، ولإجابة دعوة خاصة لحبيب خاص، فعاد وفي الشام أتته المنية، فأخذ ينشد وهو في سكرات الموت: [[غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه ]].
ومن الذي لا يفرح كفرح بلال ، وهو يتصور أنه بعد لحظة سوف يلقى محمداً عليه الصلاة والسلام، وأبا بكر وعمر وخيار الناس؟!
ولفظ أنفاسه، ومات قال تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر:27-28].
|
|
|