الفكر الدعوي الاسلامي .. في محك
التوجه الدعوي الوعظي البحت خلق نوعاً من الصدام أو على الأقل عدم التوافق بين أناس هدفهم الدعوة الى الله وبين المجتمع ، وذلك عندما وضع اصحاب هذا التوجه هدفاً أمامهم أن يصلوا بالمجتمع الى الفضيلة الكاملة .. فكانت النتيجة سلبية من جهتين ..
الجهة الأولى هي احباط المجتمع من الوصول الى ما يدعو اليه هؤلاء وبالتالي وجدت الفجوة الكبيرة بينهم وبين عامة الناس ..
الجهة الثانية هي اصابة بعض حملة هذا التوجه الدعوي بالخذلان عند اصطدامهم بالواقع واستحالة تحقيق هدفهم وخاصة قليلي العلم و الدراية بمقاصد الشريعة العليا وحقيقة الناس والبشر .. وبالتالي فهذا الخذلان في رأيي قد تسبب تدريجياً في خلق بذرة التطرف واستخدام العنف وقتل النفس واستعداء الآخرين وخاصة المخالفين ..
أيضاً هذا التوجه خلق تصنيفات اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان ، وجعل تصنيف الرجال و وضع المسميات لهم هو أساس شرعي لا يستقيم الدين بدونه ..
كذلك ضعف القدرة على الحوار وتقبل الرأي الآخر عند حملة هذا التوجه أدى أيضاً الى زيادة الحواجز بينهم وبين الآخرين .. وربما كرس هذا الضعف الفكري بيئة معينة نشأ فيها هذا الفكر .. بيئة منغلقة لم تعرف عن الآخر الا أنه الغريب وربما العدو
أدعو من هنا الى أن يكون حملة هذا التوجه الوعظي البحت والمثالية في الخطاب أن ينزلوا الى أرض الواقع و أن يحققوا الأهداف العليا للشريعة وهي صيانة المجتمع من الانحراف ووضعه على طريق عام به تتحقق المصالح للأمة .. بدلاً من التركيز وبذل الجهود في تغيير التفاصيل الشخصية التي لا ينقص الناس العلم بها بقدر ما ينقصهم المزيد من الايمان و الارتقاء الاجتماعي الشامل..
اذا ما نجح الدعاة في تحقيق هذا التوجه الدعوي فسيقتربوا من واقعهم وسيقترب المجتمع من حقيقة دينه وستكون القدرة على التفاهم بينهم أكبر..
لا أنسى قبل الختام أن أنبه الى كلمة الدعاة فهي هنا تعني فئة من الدعاة بالطبع وليس كلهم ..
|