عرض مشاركة واحدة
قديم 23-07-2012, 11:05 PM   #1
فرجي قريب
عضو نشط


الصورة الرمزية فرجي قريب
فرجي قريب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 37940
 تاريخ التسجيل :  03 2012
 أخر زيارة : 08-09-2012 (12:30 AM)
 المشاركات : 212 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Dimgray
أعمال تطيل العمر ..صلة الرحم هل تطيل العمر ع الحقيقة ؟!!



بحث طويييل لكنه راح يفيد الموسوس بالمووووت

اقرووه كلللله ..صلة DBYD20070827230348.g..صلة DBYD20070827230348.g


أعمال تطيل الأعمار..... صلة الرحم هل تطيل العمر على الحقيقة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد النبى الأمى الكريم وعلى آهله وصحبه أجمعين ... ثم أما بعد ,,,,,
ـ لطالما كان الإنسان خائفاً من ميعاد موته وهو لا يدرى أيكون على طاعة أم على معصية .ودائما ما كان يتفرق به شمله عن إدراك حقيقة الخلق وحقيقة الدنيا ولذا لم يكن عمله سائراً على درب الطاعة بل خلط عمله الصالح بآخر سيئاً . وربما استهان بعمل سىء فقصف أجله . ولربما استعظم عمل صالح ينجيه ويطيل عمره . ولأنه يظن أن الدنيا لن تزول وأنه فيها موجود ومعدود . وأن أجله مقدر وممدود . فلذا غفل واستغفل وفرط واستأمل ... فعاش لدنياه ونسى أنه راجع لمولاه فقطع رحمه وعق أمه وهى والله مهلكاته... ولو كان واصلاً سالماً للسانه محسناً وجهه لطال عمره فى طاعة ومات وأدركته الشفاعة ..
ولقد وردت بعض النصوص فى الكتاب والسنة التى تدل على أن هناك بعض الأعمال على وجه الخصوص تزيد فى عمر المسلم حقيقة وبركة وكذلك هناك بعض المعاصى التى تقصر العمر..
ولقد دار خلاف خلاف كبير بين العلماء حول هذه المسألة : هل الزيادة فى العمر زيادة حقيقية أم هى زيادة فى البركة ؟ أى أن يزيد عمر الإنسان عما هو مكتوب فى أجله بعمل صالح فعله قبل موته فيمتد أجله ويتأخر ميعاد موته . أو أن ينتقص من عمر الإنسان عما قدر له بعمل سىء فعله .. وكان أهم الأعمال التى وردت أنها تطيل العمر هى صلة الأرحام .وأهم الأعمال التى وردت بنقص العمر هى عقوق الوالدين بخلاف حسابه عند الله فى هذا وذاك .ومن هنا وجدنا أنه من الخير العظيم والنفع الجليل بحث هذا الأمر للوقوف على حقيقته . ولقد أفضت واستفضت فيه كثيراً وجمعت أغلب ما قيل فى هذه المسألة قديما وحديثاً ثم دلفت إلى التفاسير التى وردت لهذه النصوص . وبالله استعنت لتقديم خلاصة الأمر فى صورة نصيحة لنفسى ولأقدمها لغيرى عسى أن تنفع أحداً فيعمل بها فيكون لى عملاً قد يمنع عنى عذاب الله ويقربنى من جنته ..
ـ وسأعمد إلى البساطة فى الشرح والسلاسة فى الورد وإننى دائما ً أريد أن أبتعد عن الأسلوب النمطى للأبحاث وأريد تقديم المعلومة بالشكل الذى لا يمله المطلع ...ولذا اخترت لهذا البحث شكل
الإتيان بالنصوص ثم أراء العلماء وتأويلاتهم على النصوص ثم الترجيح والنتيجة التى سنصل إليها والفائدة التي ستعم علينا من خلال هذا البحث ::
(( النصوص الواردة فى إثبات العمر وزيادته ونقصانه حقيقه ))
النصوص من القرآن الكريم : قال تعالى :
1ـ ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد,آيه 39 ...
2ـ (يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) نوح ,آيه 2 ..
3ـ (وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) فاطرآيه11
4ـ ( ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ‏ )‏ الأنعام‏ آيه 2 .
( الآيات بغير رسم المصحف الشريف )
النصوص من السنة أحاديث النبى عليه الصلاة والسلام :
1ـ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.)) صحيح البخاري ...... وفي رواية: من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه. رواه أحمد ـــ الأثر : الأجل ، ينسأ : يؤخر
2ــ وَعَنْ عمرو بْنُ سَهْلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم )) تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ )) انظر صَحِيح الْجَامِع : 2965 , الصَّحِيحَة : 276
3ـ وقال صلى الله عليه وسلم: (المرء يصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاثة ايام فينسئه الله ثلاثين سنة، وإنه ليقطع الرحم، وقد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيصيره الله إلى ثلاثة أيام ) أبو الشيخ.
روايه من طريق آخر""قال أبو عبد الله (ع) : مانعلم شيئا يزيد في العمر إلاصلة الرحم .. حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين ، فيكون وصولا للرحم ، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة .. ويكون أجله ثلاثا وثلاثون سنة فيكون قاطعا للرحم ، فينقصه الله ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين . {البحار ج71}
4ـ سنن الترمذي وغيره عن النبى : ( إن آدم لما طلب من الله أن يريه صورة الأنبياء من ذريته فأراه إياهم فرأى فيهم رجلا له بصيص فقال:من هذا يارب فقال: ابنك داود قال: فكم عمره ؟ قال :أربعون سنة قال: وكم عمري ؟ قال: ألف سنة قال: فقد وهبت له من عمرى ستين سنة فكتب عليه كتاب وشهدت عليه الملائكة فلما حضرته الوفاة قال قد بقي من عمري ستون سنة قالوا وهبتها لابنك داود فأنكر ذلك فأخرجوا الكتاب قال النبى فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته ) صححه الألباني وروى أنه كمل لآدم عمره ولداود عمره فهذا داود كان عمره المكتوب أربعين سنة ثم جعله ستين .
5ـ وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ )) صِلَةُ الرَّحِمِ ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ ، يُعَمِّرَانِ الدِّيَارَ ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ (( . حديث مرفوع) (حديث موقوف) 9 - 229 قال 9 - 229 قال أَحْمَدُ : وحدَثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، قثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْزَمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ .
6ـ عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله – (( إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفه، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مـضغـةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد؛ فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنه حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فــيسـبـق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )) . [رواه البخاري:3208، ومسلم:2643].
7ـ عن أبي هريرة قال: ((أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، ((فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر.)) حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ...فهنا ثبت تغير العمر عما هو مكتوب فملك الموت حضر فى الميعاد المحدد لموت سيدنا موسى حسب ما هو مكتوب فى اللوح المحفوظ .
8ـ وفي الصحيح أن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (اللهم أمتعني بزوجي رسول الله، وبأبي أبى سفيان، وبأخي معاوية فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد سألتِ الله آجالاً مضروبة، وأرزاقاً مقسومة، لن يقدم شيء منها ولن يؤخر)،
9ـ قال الإمام على رضى الله عنه :ـ وروى البزار بإسناد جيد والحاكم عن علي رضي الله عنه قال: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةُ السُّوءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ .
وكما ترون أن هذه النصوص وغيرها التى وردت فى العمر والأجل أغلبها يتحدث عن أنه من الممكن أن يتغير العمر عما هو مقدر ومكتوب والبعض منها يتحدث عن أن الأجل مكتوب ومقدر فى اللوح ولا يتغير ...
ـ وكانت آية سورة الرعد ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ــ
وحديث (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.) أقوى أدلة القائلين بجواز تغير العمر ومده عما هو مقدر له ...
ـ ثم كان حديث : ( إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفه، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مـضغـةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.....) أقوى أدلة القائلين بعدم جواز تغير العمر عما هو مكتوب .
ومن هنا عرفنا أن مسألة تغير العمر بالعمل تبعاً لهذه الأدلة قد أنقسم له العلماء والفقهاء والسلف الصالح رضوان الله عليهم إلى رأيين بل وأكثر من رأيين... وكل له تأويل ورأى وأسانيد .
ـ وقبل سرد الأراء سوف أقوم بجعل الآية والحديث فى الصدارة اللذان كثر فيهما التأويل والأراء والحوار واللذان تنازعت فيهما الآراء معلقاً عليهما بالتأويل اللغوى .
ـ الآيه : قال تعالى (( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )) (39) الرعد
التأويل اللغوى : للآيه :
سر إثبات الواو وعدم حذفها من لفظ ( يمحوا ) يعود إلى دلالة حرف الواو في الاستعمال اللغوي0 ، وهو في لغة العرب يشير دائمًا إلى الباطن والداخل، أينما كان موضع حرف الواو من الفعل ، فمعناه ثابت لا يتغير ولذلك فإن الواو تشير إلى النفس إذا كان الفعل صادرًا منها، وعن إرادتها، وأنها مالكة لقرارها، وليس مفروضًا عليها، فكانت الضمة وهي أخت الواو علامة على الفاعل دون المفعول به، وأن الفعل صدر من نفسه وإرادته،
ولما كان الله تعالى هو المصرف للأمور، وأن إثبات أو محو شيء من اللوح راجع إلى الله وحده ، ولمشيئته، وليس لأحد سواه، فأثبتت الواو في ( يمحو )أي أن ما يمحوه الله أو يثبته موجود عنده سبحانه وتعالى0 أما في آية الشورى (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ ) (24) فلقد حذف منها الواو لأن الممحو هو الباطل؛ (يمح الله الباطل)، لا علاقة له بالله سبحانه وتعالى، وأن الله عز وجل منـزه عن الباطل، وأن الباطل الذي يمحوه , هو عند غيره، وبعيدًا عن ذاته ونفسه، لذلك أسقطت الواو في الرسم العثماني زيادة في التأكيد على أن الله تعالى منـزه عن ذلك0
( 1 ) ـ أسرار الرسم العثمانى : أ / أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي )
ـ الحديث : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.)) صحيح البخاري .... وفي رواية: من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه. رواه أحمد ـــ الأثر : الأجل ، ينسأ : يؤخر
التأويل اللغوى للحديث :
سره : أفرحه من السرور والفرحة يبسط : يوسع له في الرزق . ينسأ له : يؤخر له في أثره في أجله وسمي الأجل أثراً لأنه يتبع العمر أو الذرية الصالحة والذكر الحسن من بعده رحمه : أى الأقارب وهو الذين بينهم وبين الإنسان نسب....
دلالة بعض حروف وكلمات الحديث الشريف : جاءت الأفعال " يبسط وينسأ " أفعال مضارعة دلالة على الاستمرار ــ تكررا كلمة " له " بعد الأفعال : دلالة على أن الله عز وجل يمن علي من يصل رحمه إكراما له ــ حرف " الفاء " تحث على سريعة صلة الرحم وعدم التباطؤ ــ فليصل رحمه : جاءت كلمة الرحم مضاف إليها الهاء ولم يقل " صلى الله عليه وسلم " فليصل الرحم ليؤكد " صلى الله عليه وسلم " على أن الرحم متعلق بكل شخص منا ويجب عليه صلته ..
من لغويات الحديث"أيضاً :: أن الفعل ( سره) فقد جاء ماضياً دالاً على رسوخ هذه الرغبة في نفس كل إنسان، ــ والفعلان ( يبسط ) و( ينسأ ) مبنيان للمجهول، وكأن ثمة تعظيماً للأجر الجزيل يهبه الله للعبد الواصل رحمه ـــ أما الفعل ( فليصل ) فقد جاء مبنياً للمعلوم مقترناً بلام الأمر ليدل بذلك كله على أهمية صلة الرحم وحتمية القيام بحقها ــ وجاء شبه الجمله ( له ) دالاً على القصر، فهذا الأجر الكبير الذي يخص به الله عباده الواصلين أرحامهم مقصور عليهم لن يناله غيرهم، وهو ما يجعل السامعين يحرصون حرصاً أن يكونوا ضمن هؤلاء الفائزين بالأجر العظيم .
والآن تعالوا بنا نبدأ فى عرض الأراء وتأويل العلماء للآية والحديث :
الرأى الأول : القائل بأن الأجل يتغير وأن الزيادة فى العمر حقيقية :
1ـ وروى أن عمر بن الخطاب : رضي الله عنه أنه كان يدعو وهو يطوف بالبيت وهو يبكي (( اللهم إن كنت كتبت علي شقاوة أو ذنباً فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة )) ...من طريق أبي حكيمة عصمة عن أبي عثمان النهدي.
2ـ وروى أيضاً أن ابن مسعود رضي الله عنه : كان يدعو بهذا الدعاء .
3 ـ وقال الأعمش : عن أبي وائل شقيق بن سلمة أنه كان كثيراً ما يدعو بهذا الدعاء : ( اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب ) رواه ابن جرير .
4ـ تفســـيرالإمام النووى : فى الآيه
ــ حدثني المثنى حدثنا حجاج حدثنا خصاف عن أبي حمزة عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة قال وما هي ؟ قال قول الله تعالى " يمحو الله ما يشاء " الآية ومعنى هذه الأقوال أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان هو الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال : قال رسول الله " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر " ورواه النسائي وابن ماجه من حديث سفيان الثوري به وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر وفي حديث آخر" إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض"
5ـ رأى الإمام الطبرى فى التفسير :
(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : يمحو الله ما يشاء من أمور عباده ، فيغيره ، إلا الشقاء والسعادة ، فإنهما لا يغيران . وعن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ، قال : يدبر الله أمر العباد فيمحو ما يشاء ، إلا الشقاء والسعادة [ والحياة ] والموت . وعن مجاهد في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) ، قال : إلا الحياة والموت والسعادة والشقاوة فإنهما لا يتغيران . وعن ابن عباس قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ، يقول : هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ، ثم يعود لمعصية الله ، فيموت على ضلاله ، فهو الذي يمحو ، والذي يثبت : الرجل يعمل بمعصية الله ، وقد كان سبق له خير ، حتى يموت وهو في طاعة الله ، فهو الذي يثبت .حدثنا الكلبي قال : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) ، قال : يمحي من الرزق ويزيد فيه ، ويمحي من الأجل ويزيد فيه . قلت : من حدثك! قال : أبو صالح ، عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري ، عن النبي صلى الله عليه [ ص: 485 ] وسلم . فقدم الكلبي بعد ، فسئل عن هذه الآية : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) ، قال : يكتب القول كله ، حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عليه عقاب ، مثل قولك : أكلت ، شربت ، دخلت ، خرجت ، ذلك ونحوه من الكلام ، وهو صادق ، ويثبت ما كان فيه الثواب وعليه العقاب . وقال الحسن في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ، يقول : يمحو من جاء أجله فذهب ، والمثبت الذي هو حي يجري إلى أجله ....
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بتأويل الآية وأشبهها بالصواب ، القول الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد ، وذلك أن الله تعالى ذكره توعد المشركين الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات بالعقوبة ، وتهددهم بها ، وقال لهم : ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ) ، يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلا مثبتا في كتاب ، هم مؤخرون إلى وقت مجيء ذلك الأجل . ثم قال لهم : فإذا جاء ذلك الأجل ، يجيء الله بما شاء ممن قد دنا أجله وانقطع رزقه ، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مال ، فيقضي ذلك في خلقه ، فذلك محوه ، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله ، فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه . وبهذا المعنى جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك ما : - وبهذا المعنى جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك ما : - عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت . ثم ذكر ما في الساعتين الأخريين ... عن ابن عباس قال : إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام ، من درة بيضاء لها دفتان من ياقوت ، والدفتان لوحان لله ، كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة ، يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب .
(2) تفسير القرآن الطبرى ...تفسير سورة الرعد )
6ـ رأى الإمام المفسر ابن كثير : قال ابن كثير رحمه الله:" وقد يستدل بهذه الآية من يقول أن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة، كما ورد به الحديث " صلة الرحم تزيد العمر".
وكان الضحاك بن مزاحم يقول في قوله : ( لكل أجل كتاب ) أي : لكل كتاب أجل يعني لكل كتاب أنزله من السماء مدة مضروبة عند الله ومقدار معين ، فلهذا يمحو ما يشاء منها ويثبت ، يعني حتى نسخت كلها بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ... وقال الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة : إنه كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء : اللهم ، إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه ، واكتبنا سعداء ، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . رواه ابن جرير .. ومعنى هذه الأقوال : أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ، ويثبت منها ما يشاء ، وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد ... حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، وهو الثوري ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الله بن أبي الجعد ، عن ثوبان قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، ولا يرد القدر إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر " . ورواه النسائي وابن ماجه ، من حديث سفيان الثوري ، به ... وقال الكلبي : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) قال : يمحو من الرزق ويزيد فيه ، ويمحو من الأجل ويزيد فيه . فقيل له : من حدثك بهذا ؟ فقال : أبو صالح ، عن جابر بن عبد الله بن رئاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سئل بعد ذلك عن هذه الآية فقال : يكتب القول كله ، حتى إذا كان يوم الخميس ، طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب ، مثل قولك : أكلت وشربت ، دخلت وخرجت ونحوه من الكلام ، وهو صادق ، ويثبت ما كان فيه الثواب ، وعليه العقاب . وقال الحسن البصري : ( يمحو الله ما يشاء ) قال : من جاء أجله ، فذهب ، ويثبت الذي هو حي يجري إلى أجل..
(3) تفسير القرأن العظيم : بن كثير :سورة الرعد : الجزء الثانى )
7ـ رأى الإمام المفسر : القرطبى :
وقال ابن عمر : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السعادة والشقاوة والموت . وقال ابن عباس : يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء ; الخلق والخلق والأجل والرزق والسعادة والشقاوة ; وعنه : هما كتابان سوى أم الكتاب ، يمحو الله منهما ما يشاء ويثبت . وعنده أم الكتاب الذي لا يتغير منه شيء . قال القشيري : وقيل السعادة والشقاوة والخلق والخلق والرزق لا تتغير ; فالآية فيما عدا هذه الأشياء ; وفي هذا القول نوع تحكم . قلت : مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد ، وإنما يؤخذ : توقيفا ، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده ، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء ، وهو الأظهر والله أعلم ; وهذا يروى معناه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم ، وهو قول الكلبي . وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول : اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها ، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة ; فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب . وقال ابن مسعود : اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم ، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء ; فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ; وعندك أم الكتاب . وكان أبو وائل يكثر أن يدعو : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء ، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . وقال كعب لعمر بن الخطاب : لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة . يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب . وقال مالك بن دينار في المرأة التي دعا لها : اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب .
عن أبي هريرة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه . ومثله عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 289 ] من أحب فذكره بلفظه سواء ; وفيه تأويلان : أحدهما : معنوي ، وهو ما يبقى بعده من الثناء الجميل والذكر الحسن ، والأجر المتكرر ، فكأنه لم يمت . والآخر : يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ ; والذي في علم الله ثابت لا تبدل له ، كما قال : يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب . وقيل لابن عباس لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه كيف يزاد في العمر والأجل ؟ ! فقال : قال الله - عز وجل - : هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده . فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته ، والأجل الثاني : يعني المسمى عنده - من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله ; فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء ، وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء ، فيزيده في أجل البرزخ ، فإذا تحتم الأجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان ; لقوله تعالى : فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون فتوافق الخبر والآية ; وهذه زيادة في نفس العمر وذات الأجل على ظاهر اللفظ ، في اختيار حبر الأمة.. وروى أبو الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله سبحانه يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء . والعقيدة أنه لا تبديل لقضاء الله ; وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء ، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعا محتوما ، وهو الثابت ; ومنه ما يكون مصروفا [ ص: 291 ] بأسباب ، وهو الممحو ، والله أعلم . وقال الغزنوي : وعندي أن ما في اللوح خرج عن الغيب لإحاطة بعض الملائكة ; فيحتمل التبديل ; لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال ; وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل . وعنده أم الكتاب أي أصل ما كتب من الآجال وغيرها . وقيل : أم الكتاب اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير . وقد قيل : إنه يجري فيه التبديل . وقيل : إنما يجري في الجرائد الأخر . وسئل ابن عباس عن أم الكتاب فقال : علم الله ما هو خالق ، وما خلقه عاملون ; فقال لعلمه : كن كتابا ، ولا تبديل في علم الله ،
(4) تفسير القرطبي [ الجامع لأحكام القرآن ] الجزء الخامس : تفسير سورة الرعد )
8ـ رأى الإمام المفسر البغوى :
ـ وفي بعض الآثار : أن الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثون سنة فيقطع رحمه فترد إلى ثلاثة أيام ، والرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثة أيام فيصل رحمه فيمد إلى ثلاثين سنة . وقيل : معنى الآية : إن الحفظة يكتبون جميع أعمال بني آدم وأقوالهم ، فيمحو الله من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب ، مثل قوله : أكلت ، شربت ، دخلت ، خرجت ، ونحوها من كلام هو صادق فيه ، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب ، هذا قول الضحاك والكلبي . وعن سعيد بن جبير قال : ( يمحو الله ما يشاء ) من ذنوب العباد فيغفرها ويثبت ما يشاء فلا يغفرها .
(5) تفسير البغوي ـ الحسين البغوى ـ تفسير سورة الرعد )
9ـ رأى المفسر : محمد الطاهر ابن عاشور :
وجملة يمحو الله ما يشاء مستأنفة استئنافا بيانيا ; لأن جملة لكل أجل كتاب تقتضي أن الوعيد كائن وليس تأخيره مزيلا له . ولما كان في ذلك تأييس للناس عقب بالإعلام بأن التوبة مقبولة وبإحلال الرجاء محل اليأس ، فجاءت جملة يمحو الله ما يشاء ويثبت احتراسا . وحقيقة المحو : إزالة شيء ، وكثر في إزالة الخط أو الصورة ، ومرجع ذلك إلى عدم المشاهدة ، قال تعالى فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار [ ص: 165 ] مبصرة ، ويطلق مجازا على تغيير الأحوال وتبديل المعاني كالأخبار والتكاليف والوعد والوعيد فإن لها نسبا ومفاهيم إذا صادفت ما في الواقع كانت مطابقتها إثباتا لها وإذا لم تطابقه كان عدم مطابقتها محوا لأنه إزالة لمدلولاتها.. والتثبيت : حقيقته جعل الشيء ثابتا قارا في مكان ، قال تعالى إذا لقيتم فئة فاثبتوا ، ويطلق مجازا على أضداد معاني المحو المذكورة . فيندرج في ما تحتمله الآية عدة معان : منها أنه يعدم ما يشاء من الموجودات ويبقي ما يشاء منها ، ويعفو عما يشاء من الوعيد ويقرر ، وينسخ ما يشاء من التكاليف ويبقي ما يشاء .... وكل ذلك مظاهر لتصرف حكمته وعلمه وقدرته . وإذ قد كانت تعلقات القدرة الإلهية جارية على وفق علم الله تعالى كان ما في علمه لا يتغير فإنه إذا أوجد شيئا كان عالما أنه سيوجده ، وإذا أزال شيئا كان عالما أنه سيزيله وعالما بوقت ذلك .
وأبهم الممحو والمثبت بقوله ما يشاء لتتوجه الأفهام إلى تعرف ذلك والتدبر فيه ; لأن تحت هذا الموصول صورا لا تحصى ، وأسباب المشيئة لا تحصى . ومن مشيئة الله تعالى محو الوعيد ، أن يلهم المذنبين التوبة والإقلاع ويخلق في قلوبهم داعية الامتثال . ومن مشيئة التثبيت أن يصرف قلوب قوم عن النظر في تدارك أمورهم ، وكذلك القول في العكس من تثبيت الخير ومحوه .
ومن آثار المحو تغير إجراء الأحكام على الأشخاص ، فبينما ترى المحارب مبحوثا عنه مطلوبا للأخذ ، فإذا جاء تائبا قبل القدرة عليه قبل رجوعه ورفع عنه ذلك الطلب ، وكذلك إجراء الأحكام على أهل الحرب إذا آمنوا ودخلوا تحت أحكام الإسلام . وكذلك الشأن في ظهور آثار رضى الله أو غضبه على العبد فبينما ترى [ ص: 166 ] أحدا مغضوبا عليه مضروبا عليه المذلة لانغماسه في المعاصي إذا بك تراه قد أقلع وتاب فأعزه الله ونصره . ومن آثار ذلك أيضا تقليب القلوب بأن يجعل الله البغضاء محبة ، كما قالت هند بنت عتبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أسلمت : ما كان أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك واليوم أصبحت وما أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك . وقد محا الله وعيد من بقي من أهل مكة فرفع عنهم السيف يوم فتح مكة قبل أن يأتوا مسلمين ، ولو شاء لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باستئصالهم حين دخوله مكة فاتحا . وبهذا يتحصل أن لفظ ( ما يشاء ) عام يشمل كل ما يشاؤه الله تعالى ولكنه مجمل في مشيئة الله بالمحو والإثبات ، وذلك لا تصل الأدلة العقلية إلى بيانه ، ولم يرد في الأخبار المأثورة ما يبينه إلا القليل على تفاوت في صحة أسانيده . ومن الصحيح فيما ورد من ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها . والذي يلوح في معنى الآية أن ما في أم الكتاب لا يقبل محوا ، فهو ثابت وهو قسيم لما يشاء الله محوه . ويجوز أن يكون ما في أم الكتاب هو عين ما يشاء الله محوه أو إثباته سواء كان تعيينا بالأشخاص أو بالذوات أو بالأنواع ، وسواء كانت الأنواع من الذوات أو من الأفعال ، وأن جملة وعنده أم الكتاب أفادت أن ذلك لا يطلع عليه أحد . [ ص: 167 ] ويجوز أن يكون قوله وعنده أم الكتاب مرادا به الكتاب الذي كتبت به الآجال وهو قوله لكل أجل كتاب ، وأن المحو في غير الآجال . ويجوز أن يكون أم الكتاب مرادا به علم الله تعالى . أي : يمحو ويثبت وهو عالم بأن الشيء سيمحى أو يثبت . وفي تفسير القرطبي عن ابن عمر قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السعادة والشقاوة والموت ، وروي مثله عن مجاهد . وروي عن ابن عباس يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء ؛ الخلق بفتح الخاء وسكون اللام ، والخلق بضم الخاء واللام ، والأجل والرزق والسعادة والشقاوة ، وعنده أم الكتاب الذي لا يتغير منه شيء . قلت : وقد تفرع على هذا قول الأشعري : إن السعادة والشقاوة لا يتبدلان خلافا للماتريدي .
وعن عمر وابن مسعود ما يقتضي أن السعادة والشقاوة يقبلان المحو والإثبات . فإذا حمل المحو على ما يجمع معاني الإزالة ، وحمل الإثبات على ما يجمع معاني الإبقاء ، وإذا حمل معنى ( أم الكتاب ) على معنى ما لا يقبل إزالة ما قرر أنه حاصل أو أنه موعود به ولا يقبل إثبات ما قرر انتفاؤه ، سواء في ذلك الأخبار والأحكام ، كان ما في أم الكتاب قسيما لما يمحى ويثبت . وإذا حمل على أن ما يقبل المحو والإثبات معلوم لا يتغير علم الله به كان ما في أم الكتاب تنبيها على أن التغيرات التي تطرأ على الأحكام أو على الأخبار ما هي إلا تغيرات مقررة من قبل وإنما كان الإخبار عن إيجادها أو عن إعدامها مظهرا لما اقتضته الحكمة الإلهية في وقت ما . و أم الكتاب لا محالة شيء مضاف إلى الكتاب الذي ذكر في قوله لكل أجل كتاب . فإن طريقة إعادة النكرة بحرف التعريف أن تكون [ ص: 168 ] المعادة عين الأولى بأن يجعل التعريف تعريف العهد ، أي : وعنده أم ذلك الكتاب ، وهو كتاب الأجل . فكلمة ( أم ) مستعملة مجازا فيما يشبه الأم في كونها أصلا لما تضاف إليه ( أم ) ; لأن الأم يتولد منها المولود فكثر إطلاق أم الشيء على أصله ، فالأم هنا مراد به ما هو أصل للمحو والإثبات اللذين هما من مظاهر قوله لكل أجل كتاب . أي : لما محو وإثبات المشيئات مظاهر له وصادرة عنه ، فأم الكتاب هو علم الله تعالى بما سيريد محوه وما سيريد إثباته كما تقدم . والعندية عندية الاستئثار بالعلم وما يتصرف عنه ، أي : وفي ملكه وعلمه أم الكتاب لا يطلع عليها أحد . ولكن الناس يرون مظاهرها دون اطلاع على مدى ثبات تلك المظاهر وزوالها ، أي : أن الله المتصرف بتعيين الآجال والمواقيت فجعل لكل أجل حدا معينا ، فيكون أصل الكتاب على هذا التفسير بمعنى كله وقاعدته . ويحتمل أن يكون التعريف في الكتاب الذي أضيف إليه ( أم ) أصل ما يكتب ، أي : يقدر في علم الله من الحوادث فهو الذي لا يغير ، أي : يمحو ما يشاء ويثبت في الأخبار من وعد ووعيد ، وفي الآثار من ثواب وعقاب ، وعنده ثابت التقادير كلها غير متغيرة . والعندية على هذا عندية الاختصاص ، أي العلم ، فالمعنى : أنه يمحو ما يشاء ويثبت فيما يبلغ إلى الناس وهو يعلم ما ستكون عليه الأشياء وما تستقر عليه ، فالله يأمر الناس بالإيمان وهو يعلم من سيؤمن منهم ومن لا يؤمن فلا يفجؤه حادث . ويشمل ذلك نسخ الأحكام التكليفية فهو يشرعها لمصالح ثم ينسخها لزوال أسباب شرعها وهو في حال شرعها يعلم أنها آيلة إلى أن تنسخ .
(6 ) تفسير التحرير والتنويرـ محمد عاشور ـ تفسير سورة الرعد )
10ـ رأى الإمام المفسر : محمد بن علي بن محمد الشوكاني :
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ، ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة ، فهو الذي يمحو ، والذي يثبت الرجل يعمل بمعصية الله وقد سبق له خير حتى يموت على طاعة الله . وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه أيضا في الآية قال : هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت ، وعنده أم الكتاب ، أي : جملة الكتاب . وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال " إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء له دفتان من ياقوت ، والدفتان لوحان لله كل يوم ثلاث وستون لحظة يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " . وإسناده عند ابن جرير : هكذا حدثنا محمد بن شهر بن عسكر حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس فذكره . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل فيفتح الذكر في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو الله ما يشاء ويثبت الحديث .
(7) ( تفسير فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية للشوكانى ـ تفسير سورة الرعد )
11ـ ال الطحاوي رحمه الله :
يحتمل أن يكون الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النسمة جعل أجلها إن برت كذا وإن لم تبر كذا ، لما هو دون ذلك ، وإن كان منها الدعاء رد عنها كذا ، وإن لم يكن منها الدعاء نزل بها كذا ، وإن عملت كذا حرمت كذا ، وإن لم تعمله رزقت كذا ، ويكون ذلك مما يثبت في الصحيفة التي لا يزاد على ما فيها ولا ينقص منه " انتهى
(8) .بيان مشكل الآثار" (7 / 202)
12ـ وقال الحليمي رحمه الله في معناه : " أن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وصل رحمه عاش عددا من السنين مبينا ، وإن قطع رحمه عاش عددا دون ذلك ، فحمل الزيادة في العمر على هذا " انتهى .
(9) . شعب الإيمان" (6 / 219)

من أقوال العلماء المعاصرين :
13ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" فالحديث على ظاهره ، أي أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سببا شرعيا لطول العمر وكذلك حسن الخلق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة ، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به لأن هذا بالنظر للخاتمة تماما كالسعادة والشقاوة فهما مقطوعتان بالنسبة للأفراد فشقي أو سعيد ، فمن المقطوع به أن السعادة والشقاوة منوطتان بالأسباب شرعا كما قال صلى الله عليه وسلم:" اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة "
ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } الليل5/10 ]
فكما أن الايمان يزيد وينقص وزيادته الطاعة ونقصانه المعصية وأن ذلك لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ فكذلك العمر يزيد وينقص بالنظر إلى الأسباب فهو لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ أيضا
فتأمل هذا فإنه مهم جدا في حل مشاكل كثيرة ولهذا جاء في الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة
الدعاء بطول العمر" ا.هـ صحيح الأدب المفرد ....
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
الْأَجَلُ أَجَلَانِ " أَجَلٌ مُطْلَقٌ " يَعْلَمُهُ اللَّهُ " وَأَجَلٌ مُقَيَّدٌ " وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجَلًا وَقَالَ : " إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زِدْتُهُ كَذَا وَكَذَا " وَالْمَلَكُ لَا يَعْلَمُ أَيَزْدَادُ أَمْ لَا ؛ لَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ " انتهى .
) 10) مجموع الفتاوى" (8 / 517)
14ـ وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
وذلك : أن الله يجازي العبد من جنس عمله . فمن وصل رحمه وصل الله أجله ورزقه ، وصلاً حقيقياً ، وضده : من قطع رحمه ، قطعه الله في أجله وفي رزقه " انتهى
)11) فتاوى الشيخ ابن جبرين" (54 / 13)
15ـ رأى الشيخ مصطى العدوى :: المرجع تفسير سورة نوح :
الخلاف فى زيادة العمر بأعمال البر :::قوله تعالى: (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) يرد عند هذه الآية مسألة وهي: هل عبادة الله تعالى وتقواه سبب في طول العمر؟ وهل يزيد العمر عن الحد الذي حده الله سبحانه وتعالى بشيء من الأسباب؟ إن مسألة الزيادة في العمر قد ورد فيها نصوص مختلفة، فقد وردت نصوص تفيد أن العمر قد يطول ببعض الأعمال، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يبسط له في رزقه -أي: يوسع له في رزقه- وينسأ له في أثره -أي: يؤخر له في عمره- فليصل رحمه)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمران الديار ويزيدان في الأعمار). ووردت أدلة أخرى في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرها يفيد معنىً آخر، فقد قال الله سبحانه: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ [الرعد:38]، وقال الله سبحانه: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [يونس:49]، وفي الصحيح أن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (اللهم أمتعني بزوجي رسول الله، وبأبي أبى سفيان، وبأخي معاوية فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد سألتِ الله آجالاً مضروبة، وأرزاقاً مقسومة، لن يقدم شيء منها ولن يؤخر)، أو بنحوه. وفي حديث التخلق قال صلى الله عليه وسلم: (ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد). فاختلف العلماء في الجمع بين هذه النصوص على أقوال: القول الأول: أن لكل أجل كتاباً، ولكل شخص عمراً قدر له، ولكن إذا عمل الشخص الأعمال الواردة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم زيد له في عمره، فالجمع بين النصوص أن معنى قوله تعالى: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ [يونس:49] أي: إذا جاء أجلهم الذي قدر لهم لو لم يصلوا الرحم، فإذا وصلوها زيد في أعمارهم؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم. وأشار إلى هذا المعنى الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى، ولم يطل في هذا المقام. فهذا قول مبنيٌ على ظاهر الأدلة، وهو أن الشخص له عمر مكتوب، لكن إذا وصل الرحم زيد له في عمره. القول الثاني: أن المراد بطول العمر هو البركة في العمر، فيذكر بخير بعد مماته. القول الثالث: أن الأجل أجلان: أجل أعلمه الله تعالى لملائكته أن إذا عمل عبدي كذا وكذا فاكتبوا له من العمر كذا وكذا، وإذا عمل كذا وكذا فاكتبوا له من العمر كذا وكذا، والله تعالى يعلم بالذي سيختاره العبد، وأثبت في اللوح المحفوظ ما سيختاره العبد، وهذا المثبت في اللوح المحفوظ هو الأجل الذي عند الله تعالى في أم الكتاب، والمحو والإثبات يكون في الكتاب الذي بين أيدي الملائكة. ومن هذا ما ورد في شأن موسى عليه السلام حين جاءه ملك الموت فلطمه ففقأ عينه -كما في صحيح البخاري رحمه الله- فرجع إلى الله تعالى، ثم بعد ذلك قبض روح موسى صلى الله عليه وسلم. فالله يعلم بالذي دار كله، وأثبت عنده منتهى الأمر الذي سيصدر من موسى، والوقت الذي ستقبض فيه روح موسى، فأثبت هذا في أم الكتاب، وأما الذي تغير فهو الذي بيد الملك. وإلى هذا أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض اختياراته، وثم أقوال أُخر. وهذه المسألة وصفها العلماء بأنها من المسائل الشائكة التي ينبغي أن تجرى على ظاهرها كسائر الأمور مثلها؛ فهي كمسألة الرزق، إذ الأجل والرزق مكتوبان، فمكتوب لك وأنت في بطن أمك كم سترزق، فإذا سعيت والتمست الأسباب الصحيحة لطلب الرزق في الظاهر فإنك سترزق، وإذا نمت وتركت العمل، فلن يأتيك رزق ذلك اليوم، فإن آمنت بأن الرزق مقدر ومع ذلك تسعى في الأخذ بالأسباب، فكذلك تؤمن بأن الأجل مكتوب، وعليك أن تسعى بما يزيد في أجلك كما تسعى بما يزيد في رزقك. فالإيمان قائم أن الأجل مقدر، وعلمه عند الله تعالى، مع التدين بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في عمره فليصل رحمه)، فعليك أن تصل الرحم، كما أن عليك أن تخرج لطلب الرزق، ومع ذلك تترك الباقي إلى المولى سبحانه وتعالى، كسائر المسائل المتعلقة بالقدر. والله أعلم. ومن العلماء من قال: إن قوله تعالى: ((يؤخركم إلى أجل مسمى)) المراد بها: يدفع عنكم العذاب فلا تعذبون في الحياة الدنيا، وهذا كالأول، فإن العذاب مقدر، فإن أطعت الله رفع عنك العذاب، كما إذا وُصِلَتِ الرحمُ طالت الأعمار.
(12) تفسير سورة توح )
16ــ رأى الشيخ الفوزان :
الحديث الذي سألت عنه حديث صحيح، ومعناه أن الله سبحانه وتعالى وعد من يصل رحمه أن يثيبه وأن يجزيه بأن يطيل في عمره، وأن يوسع له في رزقه جزاءً له على إحسانه، وهذا من فضله سبحانه وتعالى أنه يجازي المحسن بإحسانه‏:‏ ‏{‏هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ‏}‏ ‏[‏سورة الرحمن‏:‏ آية 60‏‏‏]‏‏.‏ ولا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الذي فيه أن كل إنسان قد قدر أجله ورزقه وهو في بطن أمه، لأن هناك أسبابًا جعلها الله أسبابًا لطول العمر وأسبابًا للرزق، فهذا الحديث يدل على أن الإحسان وصلة الرحم سبب لطول الأجل وسبب لسعة الرزق، والله جل وعلا هو مقدر المقادير ومسبب الأسباب، هناك أشياء قدرها الله سبحانه وتعالى على أسباب ربطها بها ورتبها عليها إذا حصلت مستوفية لشروطها خالية من موانعها ترتبت عليها مسبباتها قضاءً وقدرًا وجزاءً من الله سبحانه وتعالى، فلا تعارض – والحمد لله – بين هذين الحديثين، وهكذا كل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعارض ولا ينقض بعضه بعضًا
(13) فتوى الشيخ الفوزان ‏.‏http://www.islamweb.net/hadith/displ...php?hflag=1&bk
17ـ وقال الإمام : الطحاوى :
في أنواع التقدير. ذكرنا لك أنَّ التقدير أربعة مراتب ومنها مرتبة الكتابة.
ومرتبة الكتابة جاء في الحديث أنها التقدير كما في قوله صلى الله عليه وسلم «قدّر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء»(1) يعني كَتَبْ، ولهذا نقول مراتب التقدير يعني مراتب الكتابة.
فالله - عز وجل - جعل كتابته للأشياء لها خمس أحوال:
1ـ الكتابة الأولى: وهي أوَّلُهَا وأقدمها وأعظمها كِتَابَةُ الله - عز وجل - مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه هي الكتابة التي كانت قبل الخلق، وهذه الكتابة لا تتبدل ولا تتغير، رُفعت الأقلام وجفَّتْ الصحف.
فيجد العبد ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ من خير أو شر.
وهذه مر معنا جُمَلْ الأدلة عليها وبعض التفصيل لها.
2ـ الكتابة الثانية: كِتَابَةٌ لمقادير الخلق من حيث الشّقاوة والسعادة، ونعني بالخلق خاصةَ المكلفين.
وهذه التي تأتي فيها أحاديث الميثاق وأنَّ الله - عز وجل - استخرج ذرية آدم من صلبه فنثرهم أمامه كهيئة الذَّر وأخذ عليه أن لا يشركوا به شيئاً سبحانه وتعالى، وقَبَضَ قبضة إلى الجنة وقبضة إلى النار وكتب أهل الجنة وكتب أهل النار، ونحو ذلك مما جاء في السّنة من بيان ذلك. هذا تقديرٌ بَعْدَ الأول، وهو قبل أن يُخْلَقَ جِنْسُ المكلفين أي من الإنسان.
لمَّا خلق الله - عز وجل - آدم حصل ذلك، حصل هذا التقدير العام لهم.
3ـ الكتابة الثالثة: وهي التقدير العمري، والعُمري هو الذي يكون والإنسان في بطن أمه فإنَّ النطفة إذا صارت في الرحم وبلغت ثنتين وأربعين ليلة أتاها ملك، فأمره الله - عز وجل - بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد.
وهذه أيضا جاءت في حديث ابن مسعود المشهور الذي فيه (أنَّ الملك يأتي بعد أربعين وأربعين وأربعين؛ يعني بعد عشرين ومائة، فيأتي فيكتب رزق الإنسان وأجله وعمله وشقي أو سعيد، يؤمر بِكَتْبِ هذه الكلمات الأربع).(2)
هذه الكتابة العُمرية هي تفصيلٌ لما في اللوح المحفوظ، لأنَّ الذي في اللوح المحفوظ شامل لكل المخلوقات، وهذا مُتعلِقٌ بهذا المخلوق المعين وحده.
لهذا قال العلماء: إنَّ هذه تفصيل، فذاكَ فيه الجميع، وهذا للإنسان المعين بخصوصه، قالوا تفصيل ولك أن تقول تخصيص.
4ـ الكتابة الرابعة: الكتابة السنوية، والكتابة السنوية هي التي تكون في ليلة القدر قال - عز وجل - {حم(1) وَالكِتَابِ المُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان:1-4].
وهذه تُكْتَبْ فيها المقادير في تلك السَّنَةْ. من السَّنَةْ إلى السَّنَةْ. وما معنى ذلك؟
معناها أنَّ الله - عز وجل - يوحي إلى ملائكته بأن يكتبوا أشياء مما في اللوح المحفوظ فتكون بأيديهم مما سيحصل للناس.
5ـالكتابة الخامسة: هي التقدير الأخير وهي التقدير اليومي.
واستدل له أهل العلم بقوله سبحانه {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن:29].
إذا تَبَيَّنَتْ هذه المراتب فإنه قد ثبت في السنة أنَّ الله - عز وجل - يزيد في العُمُر، ينْسَأُ في الأَثَرْ، يبسط في الرزق، فقال صلى الله عليه وسلم «من سرّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه»(3) يعني الرزق صار يتغير والأثر العمر صار يتغير، وقال أيضاً في الحديث الآخر «إنّ العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه»(4) فمعناه فيه حرمان لبعض الرزق.
وهذا معنى قول الله - عز وجل - في آية سورة الرعد {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[الرعد:39].
فنظر أهل العلم في ذلك فقالوا:
إنَّ المراتب الثلاث الأُوَلْ هذه لا تتغير ولا تتبدل؛ يعني: الأول السابق القديم الذي في اللوح المحفوظ. وهؤلاء إلى الجنة وهؤلاء إلى النار. وكذلك كتب الملك الكلمات الأربع.
لهذا جاء في آخر الحديث مُؤَكِّدَاً صلى الله عليه وسلم على أنها لا تتغير «وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها»(5)، الثلاث الأُوَلْ هذه ما تتغير.
إيش الذي يَتَغَيَّرْ ويتبدل ويحدث فيه المَحْوُ والإثبات والزيادة إلى آخِرِهْ ويؤثر فيه الدعاء وتؤثر فيه الأعمال الصالحة؟
هذا التقدير السنوي.
والتقدير السنوي في الحقيقة هو من التقدير الأوّل.
هو مِنَ اللوح المحفوظ؛ لكنه في اللوح المحفوظ وُجِدَ مُعَلَّقَاً فصار بأيدي الملائكة مُعَلَّقَاً.

وأما التقدير العمري فهو ما فيه النهاية؛ يعني ما كَتَبَهُ الله - عز وجل - بما فيه نهاية العبد وما فيه نتيجة أثر الدعاء وأثر الأعمال إلى آخره مما قد يكون مُتَغَيِّراً.
إذاً فقوله - عز وجل - {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} يعني مما في أيدي الملائكة من الصحف {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وكذلك من التقدير اليومي.
إذا كان كذلك فهذا به تَفْهَمُ الأحاديث التي فيها تغيير الرزق وتغيير العمر والنَّسْءْ في الأثر أو حرمان الرزق بالذنب ونحو ذلك، ومنه أيضا تفهم قول عمر رضي الله عنه فيما جاء عنه (اللهم إن كنت كتبتني شقيا فاكتبني سعيدا؛ يعني بما يتعلق بتلك السنة من الإضلال والهداية)(1)
وأسأل الله سبحانه أن ينور قلبي وقلوبكم بعلم سلفنا الصالح، وأن يزيدنا من العلم النافع وأن يوفقنا لحسن الظن به - عز وجل - وحسن التوكل عليه وعِظَمْ العلم به وحسن العمل إنه سبحانه جواد كريم سميع قريب.
وصلى الله وسلم بارك على نبينا محمد.
__________


يتببع
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس