05-10-2003, 10:35 AM
|
#2
|
عضـو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1344
|
تاريخ التسجيل : 03 2002
|
أخر زيارة : 16-08-2022 (03:23 AM)
|
المشاركات :
658 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الجزء الثاني والأخير من الحوار :
س : كيف يفهم مالك بن نبي موقع الدين في حركة التغيير الاجتماعي؟
ج : المجتمع المعاصر في أمس الحاجة لتطبيق هذه الأفكار وتفعيلها، فمالك بن نبي قدم (مشروعاً حضارياً) في أبعاده وثقافياً اجتماعياً في جوهره ومشروعه هذا ليس تنظيرياً يصعب تطبيقه؛ بل هو أيضاً حدد كيفية تفادي الصعوبات المحتملة على كل مستوى حتى على المستوى الدولي. حيث إنه يكامل في تحليلاته لمشكلات الحضارة مع وحدتين أساسيتين هما: (الحضارة) و (الفرد)؛ الأولى كأوسع وحدة اجتماعية يمكن أن تتحقق في التاريخ، والثانية كأصغر وحدة اجتماعية ..ومشكلة المسلم عنده هي (مشكلة حضارة)، وليست (مشكلة دولة).
ومشكلة الحضارة تتطلب حلولاً لا على مستوى ( الدول) فحسب؛ بل وضروري جداً أن تكون قبل ذلك على مستوى (الفرد)؛ لأن الرقي بالفرد هو بالضرورة (تقدم) للدولة وليس العكس. فنجاح أي بناء مادي أو اجتماعي يعتمد على مدى قوة أصغر وحدة؛ فإذا كانت قوية جاء البناء بعد ذلك قوياً، أما إذا كان الاهتمام بالشكل النهائي للبناء فقط وعدم الاكتراث بوحداته الصغيرة؛ فإن العمل حقاً لن يكون قوياً، بل وقابل للانهيار.
س : ماهي العوامل التي أملت عليكم الالتفات لموضوع التغيير الاجتماعي عند مالك بن نبي؟ ومتي بدأ اهتمامكم بفكره؟
ج : لقد كانت بداية معرفتي بفكر مالك بن نبي في عام 1403هـ عند تدريس لمادة (التخطيط الاجتماعي) التي كانت من مواد الأستاذ الدكتور (أبو بكر باقادر) أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز، وتم تكليفي فيها نظراً لتغيير في الجدول الأكاديمي للدكتور، وكان قد أشار في مذكرته تلك الى إسهام المفكر مالك بن نبي في آليات التغيير الاجتماعي، ولم أتوقف عند ما ذكره الدكتور في مذكرته حيث كان مختصراً جداً، ولكن اطلعت على مؤلفه "شروط النهضة"، وانبهرت بأسلوبه وفكره، وبدأت في متابعة مؤلفاته، وعندما تقدمت لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رغبت التعمق في تحليل أفكار مالك بن نبي، حيث إني لمست أن لديه ما يمكن أن يكون نظرية اجتماعية في التغيير الاجتماعي، وقد استشرت الأستاذ الدكتور أبأ بكر باقادر في ذلك، ووجدت منه دعماً كبيراً وتشجيعاً، ولا أنسى دوره في ذلك، ودور الأستاذ الدكتور محمد أسعد نظامي أستاذ النظرية الاجتماعية في جامعة الملك سعود في مساعدتي، والدكتور عبد الله العويسي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في البداية، وبحمد الله الذي وفقني لتقديم دراسة وافية عن أفكاره في التغيير الاجتماعي الذي تم نشرها بعد ذلك في كتاب يحمل العنوان نفسه.
والعوامل التي دفعتني لذلك؛ هي أننا نفتقد في مادة علم الاجتماع أي دراسة عن هذا الجانب لأي مفكر عربي أو مسلم، ومالك بن نبي لديه الأفكار الكاملة للتطبيق، ولديه مشروعه الحضاري الذي تجاوز فيه ما لدى ابن خلدون في نظريته عن الدورة الحضارية، وكان مهم إخضاع هذه النظرية للتحليل، وتقديمها لدارس علم الاجتماع لدراستها ونقدها وتقويمها، واستثمارها في أي مشروع تنموي حضاري.
س : هل ترون أن هناك جوانب أخرى في فكر الأستاذ مالك تستحق الالتفات والبحث؟
ج : نعم هناك جوانب عديدة في فكره تستحق البحث والدراسة مما يمكن أن يندرج في علم اجتماع المعرفة، أو علم الاجتماع السياسي، أو علم الاجتماع الثقافي، وعلم الاجتماع الديني، وعلم الاجتماع التربوي، وأيضاً علم الاجتماع الاقتصادي؛ فنظرياته تتميز بالمنهجية وبالتناسق الثباتي، والترابط الوظيفي بين وحداتها، كما أنه يتميز في جميع تحليلاته للواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي والحلول التي يطرحها بالشمولية وارتباط هذه الحلول بالسياق الثقافي والاجتماعي والتاريخي للإنسان والمجتمع بكافة قطاعاته ومؤسساته، وارتباطه بالنسق العالمي. وحسب معرفتي أن هناك دراسات عنه تطرقت إلى بعض جوانب فكره في عدد من التخصصات التربوية والسياسية والاقتصادية.
من ضمن الملاحظات التي قدمت على فكر مالك بن نبي أن خطابه كان موجهاً في أغلبه للنخبة المثقفة والمستنيرة من الطلاب وغيرهم, ما مدى اتفاقكم مع هذه الملاحظة؟
مالك بن نبي يتعمد أن يقدم خطابه للنخبة، ولكن تميزه الفكري وخلفيته العلمية وإطاره المنهجي، وعمق تحليلاته وإطلاعه الواسع للعديد من التخصصات العلمية والفلسفية؛ كونت خطابه المنهجي الفكري، وبالتالي من سيقيم فكره ويستوعب تنظيراته لا بد أن يكون ملماً بهذه الخطوط المتقاطعة لديه, فمالك بن نبي ليس مثقفاً عادياً ولكنه (مفكراً علمياً) وبالتالي خطابه ليس أيديولوجياً قدر ما هو فكريّ بأسلوب علمي, وبسبب طبيعة هذا التكوين المعرفي لمالك بن نبي أصبح خطابه (نخبوياً) كما تقول.
كما أن مالك في الوقت نفسه كان إنساناً ومفكراً مستقلاً لم يرتبط بحركة اجتماعية واسعة تفرض عليه أسلوباً شعبوياً لمخاطبة الآخرين، وإنما كان عنده (منتدى فكري) لا يحضره إلا النخبة المثقفة، وطبيعة هذه النخبة من مستمعيه مع الخطوط الأولى في صياغة شخصيته، ومنهجية تفكيره، ووضعيته الاجتماعية شكلت هذه المحصلة لخطابه.
س : كيف تقيمون الأفكار السائدة الآن في الساحة الإسلامية ؟ وهل هي بقدر التحدي الذي تفرضه حركة التحديث والتجديد؟
ج : بالطبع الإجابة بالنفي لعدة أسباب منها:
إن ما يطرح من أفكار لا ينتظمها نسق بنائي وظيفي شمولي بين معظم المفكرين الذين يطرحون هذه الأفكار . نعم هناك بعض التقدم والوعي بطبيعة العصر وقضايا الحاضر، ولكن ليست في مستوى التحدي الحضاري، وذلك لعدم قدرة هذه الأفكار على مجاراة هذا الواقع العولمي في حركته أو في الإجابة على تساؤلاته إجابة كاملة فعدم اختيار اللحظة التاريخية لطرح هذه الأفكار يدفع إلى إخفاقها.
ولكن هناك بعض الطروحات لبعض المفكرين الإسلاميين تمثل إشراقة جيدة، مثل: أفكار الدكتور طه عبد الرحمن، وبعض طروحات الدكتور عماد الدين خليل.
س : أين تضعون الأستاذ مالك بني نبي بين المفكرين الإسلاميين المعاصرين؟
ج : أعتقد أن مالك بن بني يتميز عن معظم المفكرين الإسلاميين المعاصرين لأن أفكاره ليست خاصة بالعالم الإسلامي أو بالمسلمين فقط؛ فأفكاره وتنظيراته القابلة للتطبيق والتفعيل يستفيد منها الوثني أو حتى الشيوعي لأن فكره (سنني) والسنة أو القانون يستفيد من تطبيقاته الجميع. وفق هذا المنظور أعتقد أن مالك بن نبي ليس مفكراً إسلامياً بالمفهوم الأيديولوجي , فمعظم المفكرين الإسلاميين يطرحون الإسلام كنظام في مواجهة الأنظمة الأخرى، أما مالك فيطرحه كحل حضاري شامل بناء على أن القانون الحضاري هو أن أية حضارة تقوم على الدين، ولأن كل أمة لها دين، وبالتالي لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها، والإسلام هو المخرج لاستعادة هذه الأمة لحضارتها.
فمالك هو صاحب مدرسة مستقلة، وصاحب وجهة الطرح السنني العلمي في أفق الفكر الإسلامي، وهي وجهة جديدة ويمكن القول: إنه "رائد التفكير السنني" في الفكر الإسلامي.
المفكرون الإسلاميون معظمهم لم يظهر لديهم هذا الاهتمام، وقد يكون هناك من طرح (السننية)، ولكن أعتقد أنه لم تكن لديهم (نظرية) بالإمكان تطبيقها على إشكالية الحضارة أو أية إشكالية ثقافية أو تنموية بشكل عام.
س : مَن قدم مِن المفكرين العرب نظريات اجتماعية -غير مالك بن نبي- تستطيع أن تكون بديلاً عن النظريات الغربية؟.
ج : نظرية مالك بن نبي في التغيير الاجتماعي التي قمت بصياغتها -كما ذكرت سابقاً- ووضحت أنها تدخل في سياق (النظريات الكبرى) مثل نظرية ماركس مثلاً، أو نظرية سوروكين في التغيير الدوري الحضاري، أو حتى نظرية بارسونزر وفق هذا المنظور لا أعتقد أن هناك من قدم من المفكرين العرب نظرية تكون بديلاً للنظريات الغربية، وإن كانت هناك اجتهادات جيدة قدمها الأستاذ الدكتور معن خليل عمر في مؤلفه "نظرية عربية في علم الاجتماع".
------------
المصدر :
http://www.islamtoday.net/articles/s...=77&artid=2901
|
|
|