الحديث عن أدب الحوار والتحية كوننا مسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :: 7
إن هذا الموضوع لا يقصد إثبات ضرورة الحوار بل يقصد إلى الحديث عن أدب الحوار واسمحوا لي أعضاء المنتدى الكرام أن اسرد هذه القصة الواقعية: خرج رجل أعجمي مسلم لا يحسن اللغة العربية جيدا لقضاء بعض حوائجه، وفي الطريق استرعى انتباهه رجلين عربيين مسلمين كانا يتحادثان، ثم اشتد نقاشهما واحتد إلى درجة السباب والشتائم والبذاءة، فرجع الرجل الأعجمي المسلم إلى أهله وعلى وجهه علامات الضيق والاستغراب فسأله أولاده ماذا جرى فأجابهم بالقصة:ظفيا أخي هذا رجل لا يحسن اللغة ولكنه كان يظن أن لغة القرآن لا تسمح باستخدامها في السباب والبذاءة بين المسلمين تكريما لهذه اللغة وتشريفا لها وصونا لها أن تنزل إلى هذه الحضيض في الاستعمال.نحن المسلمون نسمع ونقرأ ونرى زخما كبيرا من ألفاظ الدخيلة بين المسلمين خصوصا ممن فكيف تحول الحوار الذي هو وسيلة التفاهم والتقارب والمعرفة إلى هذه الدرجة الوضيعة وقد ينتقل الحوار إلي التهميش لماذا؟ لأن هذا المسلم لم يقتنع بكلام محاوره فانهال عليه تجريحا ، فأين أدب الحوار؟ وماذا تركتم للسوق أيها المتناقشون، وان كان المسلم يقلل من قيمة أخاه المسلم فماذا تركنا لأعداء الدين ليقولوه عنا ؟ولعل من اكبح القبائح توجيه هذا الأسلوب في المناقشة للمفكرين والعلماء الذين يبذلون جهدهم في إرشاد الناس ونقلهم من الظلمات إلى النور ودعنا نتساءل لمصلحة من كل هذا الهجوم ؟. واين النقاش العلمي والحوار الهادئ والقول اللين ؟ أين آداب الإسلام في الحوار ؟ ومتى كان المرض يعالج بالقتل والخطأ بالشتائم والسباب ؟ ما هكذا تورد الإبل.أيها المناقش، لست وحدك خالفوك الرأي نحن جميعاً تعلمنا الأدب كما تعلمنا العلم فلماذا لانطبق ما تعلمنا وعلم بلا أخلاق كشجرة بلا أوراق ومن يدري لعل رأي من خالفك هو الصواب وأنت تتجاهله. إني أوجه هذه المقالة لكل أعضاء المنتدى على حد سواء، رجاء أن يرتفعوا في حوارهم عن أسلوب الغمز واللمز، فكان الخير في احترام أنفسنا خصوصا وان الإسلام دين الحضارة والرقي لا يرضى للمسلم أن ينزلق إلى هذه الترهات والأساليب لمغلوطة. وحتى لا تطول المقدمة دعني أخبرك هذا الموضوع ستأخذ شكل الحوار لأننا نتحدث عن أدب الحوار وسنقوم بجولة في عالم الحوار وطبيعته ثم سنسهب ونقيض في الحديث عن الحوار بين الأعضاء أنفسهم فأرجو أن يتسع صدرك وان تنظر إليها بعين العقل والعلم والشرع وليس قصدي من هذه الموضوع سوى دعوة كافة الأعضاء لاحترام بعضهم البعض في حوارهم الذي هو وسيلة هامة للتفاهم والتقارب والمعرفة والتكامل، والله الموفق لما فيه الخير كان لي صديقه تجاذبني أطراف الحديث كل مساء وفي أمسية طيبة جرى بيننا هذا الحوار عن أدب الحوار ولماذا لا نحسن نحن المسلمين الحوار مع أنفسنا قبل غيرنا ولماذا ينتهي الحوار في بعض مسائل بالحدة والتهميش لبعضنا وأحيانا ؟ يا صديقتي يلزمنا في هذا الحديث إذا أردنا الاستفادة منه أن نلتزم بالعلم أي أن ندرك الأشياء كما هي عليها دون زيادة ولا نقصان لأن من ساء تصوره عن الشيء ساء تصرفه معه ولا أكتمك سرا إن قلت لكم نحن بحاجة ماسة إلى طرح المفاهيم الخاطئة واستبدالها بأخرى صحيحة لا تتعارض مع الشرع والعقل والفطرة السوية.يا سيدتي منك نستفيد / هات افدنا أفادك الله وأحسن جزاءك فيا صديقتي لنبدأ حديثنا بهذا السؤال: ما هي سنة الله في خلقه هل هي اتفاقهم أم اختلافهم:هذا سؤال فما هو جوابك يا صديقتي ؟ لتإن سنة الله في خلقه هي اختلافهم وليس تطابقهم وإلا لصارت المخلوقات نسخا متكررة لا فائدة منها. أوضحي يرحمك الله.هذه العوالم التي خلقها الله، تراها مختلفة فعالم النبات يختلف عن عالم الحيوان ويختلف عن الجماد، ثم خذ عالماً منها بالتحديد، فعالم الجماد فيه المائع والجامد والرطب واليابس و الأبيض و الأسود والصلب والهش والثقيل والخفيف والغالي والرخيص إلى آخر تلك الاختلافات. وأنظر يا صديقتي إلى عالم النبات ففيه نبات زاحف وآخر متسلق ومنها ما هو طفيلي ومنها من يعتمد على نفسه، بل انظري إلى النوع الواحد من النبات كالحمضيات مثلا تجد فيها عشرات من أنواع البرتقال وهو مختلف في اللون والطعم والرائحة. ألا ترى يا صديقتي أن فصول السنة مختلفة من ربيع وصيف وشتاء وخريف ألا ترى النهار يختلف عن الليل بل أن الشروق يختلف عن الضحى عن الزوال ع الهاجرة عن العصر عن العشى عن الغروب، ألا ترى أن يومك يختلف عن أمسك في ظروفه وطقسه و أحداثه ألا تعلم أن جنس الأبقار في العديد من الفصائل المختلفة وكذلك الخيول و الإبل وغيرها وتعال يا صديقتي نتأمل عالم الإنس ألا ترى الإنس شعوبا وقبائل مختلفة، بل انظر إلى الشعب الواحد تجد فيه العالم والجاهل والصادق والكاذب والمريض و المعافى والأعمى والبصير والأصم والسميع والغني والفقير بل انظر الإنسان نفسه تجده صاحب أطوار مختلفة من جنين إلى رضيع إلى فطيم إلى صبي إلى مراهق إلى شاب إلى كهل إلى شيخوخة إلى أرذل العمر، بل انظر إلى نفسك تجد فيك اختلافا كبيرا عن نفسك، فأنت تقبل ما كنت ترفض وتتعلم ما كنت تجهل وتفارق ما كنت تعاشر وتمر عليك ظروف مختلفة تترك آثرها في تغيير الكثير من مواقفك و آرائك وسلوكك فتستبدل لعب الصبي باندفاع المراهق بحماس الشباب بعقل الكهول وحكمة الشيوخ الست تختلف عن نفسك في ظل كل هذه المتغيرات. يوما تحارب ويوم تسالم يوما تجوع ويوما تشبع يوما تفرح ويوما تبكي هذه سنة الله في خلقه والله وحده هو الذي يغير ولا يتغير، انظر إلى القرآن لي يا صاحبتي القرآن مليء بهذه الآيات التي تعبر بوضوح عن الاختلاف في خلق الله بصفة عامة فإذا فهمت كلامي علمت يقينا أن الاختلاف والتغيير هو سنة الله في خلقه وليس التطابق والاتفاق. ، كنت أظن أن الاتفاق هو الأساس ولكن كلامك خالف ظني . إن تشابه الأسماء لا يعني بالضرورة تشابه المسميات و بالأخرى لا يعني اتفاقها فالنخلة شجرة و اليقطين شجرة ولكن شتان بين الزاحف على الأرض والشامخ في السماء وانظر كم من الاختلافات الأخرى وكلاهما يسمى شجرة على وجه العموم وتأمل الإنسان. هل الجبان كالشجاع وكلاهما إنسان ؟ وقس على ذلك .: يا صاحبي أنا اتفق معك على أن الاختلاف هو سنة الله في خلقه، فما الذي يلزم عن ذلك، وهل نعتبر هذا الاختلاف والتغيير في الخلق مدعاة للتناحر والصدام وعدم الانسجام بين هذه المخلوقات المختلفة، وبين بني البشر المختلفين والمتغيرين دوماً. : هذا هو السؤال الثاني في حوارنا ويمكن أن لخص سؤالك الطويل بقولنا: ما الحكمة في أن يجعل الله الاختلاف هو سنة خلقه ؟ المهم هو أن أتحصل على جواب شافٍ لا يصادم العقل و الشرع والعلم والفطرة حسناً
وأخيرا سأختم حديثي عن آداب التحية في الإسلام بماسبة شهر رمضان وما هي الا تذكير فقط فتعاملنا مع البعض كمسلمين
كانت التحية في الجاهلية عند العرب عم صباحا وحياك الله وكانت تحية النصارى وضع اليد على الفم وتحية اليهود الاشارة بالاصابع وتحية المجوس الانحناء. أما تحية المسلمين أهل الايمان فهي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فالتحية دعاء حسن لمن ألقيت عليه ولذلك يجب الرد عليها بأحسن منها أو بمثلها وهي دعاء بالحياة وقد يستعمل في معنى الملك ومن ذلك فسر معنى التحيات لله اي الملك لله او الاملاك لله وحده سبحانه.روي ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عشر (يعني له عشر حسنات) ثم جاء اخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال : عشرون فجاء ثالث فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فقال : ثلاثون والسنة توجب على القادم السلام وعلى المنصرف السلام فمن دخل على قوم عليه ان يلقي التحية اقصد السلام وايضا من اراد الانصراف عليه ان يلقي تحية الاسلام. وأخرج البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :(لما خلق الله آدم عليه السلام قال : إذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة الجلوس فاستمع ما يحيونك به فانها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه الرحمة ويجب الجهر بالسلام ورفع الصوت ليسمع فيجاب ويرى العلماء أن من سمع التحية ولم يرد وهو قادر على الرد ليس اصم فإنه آثم لان القاء التحية سنة ولكن الرد فرض وواجب حتى ان بعض العلماء يرى ان عدم رد السلام يؤدي والعياذ بالله الى الكفر فالرد فرض كفاية على من ألقى السلام عليهم ان قام به واحد منهم كفى الاخرين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (يجزى عن الجماعة اذا مروا ان يسلم احدهم ويجزي عن الجلوس ان يرد احدهم).روى ان انسا كان اذا مر على الصبيان فانه يسلم عليهم واخرج ابو داود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان يلعبون فسلم عليهم ذلك لتربيتهم على السنة النبوية ولبيان اهميتهم واحترامهم وانهم رجال الامة في المستقبل ولبث الثقة فيهم.وللتحية اداب منها ان يسلم الصغير على الكبير اذا التقيا في الطريق ويسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير (أقصد أن من يبدأ السلام) ويجب ان لا يبدأ المسلم بالسلام على اليهودي او النصارني او غير المسلم واذا هو بدأ بالسلام يكون رد المسلم : وعليك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تبتدئ اليهود والنصارى بالسلام واذا سلم يهودي او النصراني رد عليه المسلم فقال : وعليك فانهم يدعون علينا). يقول الله جل جلاله في سورة النساء : (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ..)
مع تحياتي للجميع _هلين_
_ بالعلم بل بالأدب تنال أعلى الرتب فعش حياة العلماء واقرأ صنوف الكتب
|