حمدا لله على سلامة ابنتك .. غاليتي ...
ولقد ذكرتني - بما لا أنساه أبدا - ففي مثل هذه الأيام وقبل العيد أيضا بثلاثة أيام وبعد أن كان زوجي قد أجريت له عملية بسيطة جدا وهي استئصال للزائدة الدودية .. بعدها بعشرة أيام - وكما ذكرت سابقا - قبل العيد بثلاثة أيسام فوجئنا بعدم قدرته على التنفس .. وبعد أن جريت في الشوارع من المغرب للعشاء وبعده حتى الساعة العاشرة تقريبا بحثا عن طبيب يسعفه ولم أجد .. لجأت لأحد أصدقاء زوجي ليحضر تاكسي ونحمله للطبيب الذي يسكن في حي بعيد جدا عن حينا .. وكان .. وعندما شاهده الطبيب قال إنه مصاب بشيء في رئته اليمنى .. إما من العملية أو ميكروب .. لا يعرف تحديدا ولكنه كتب تقريره ونصحنا بالتوجه للمستشفى ليبقى فيها تحت العناية .. وكان .. وذهبنا إليها وكان وقتها عندي "معاذ" فقط عامين ونصف .. وبقينا هناك حتى الثانية صباحا عندما تحرك الأطباء والذين كانوا أشبه بالحجارة التي لا تشعر فلا هم قاموا بعمل شيء من الحادية عشر ولا صرفونا .. وبعد الكلام والمحايلة مني مرة ومن صديق زوجي مرات .. تكرموا وعملوا له أشعة أظهرت وجود شيء ( نقاط سوداء في الرئة) .. ودخلنا الغرفة ووضعوا له أجهزة لمساعدته على التنفس .. وفي صباح اليوم الثاني إزدادت حالته سوءا .. وبلغ وصيته لأستاذه ... وحضر الطبيب المختص في التاسعة .. وقال إنه يجب أن يعمل تحاليل للدم يومين وللدم الذي يخرج من فمه أيضا .. المهم يومان وسافر الطبيب - لقضاء إجازة العيد عند أهل زوجته - بعد أن كتب له ما يجب على الممرضات فعله والأدوية الواجب تناولها ومواعيدها .. وعاد بعد خمسة أيام وقرر أنه يجب أن تعمل له أشعة إكس .. ثم أشعة تلفزيونية .. لم يرضه التقرير الذي كتب عنها .. ثم أشعة مقطعية .. أيضا شكك في صحة تقرير الطبيب الخاص بها ... ثم أخيرا أشعة بالصبغة .. وقا ل إنه يعاني من جلطة في الرئة ناتجة عن الجراحة وهذه الجلطة ليس لها علاج إلا الإذابة .. وذكر أنها حالة نادرة لم يرها إلا ثلاث مرات وعددها لنا واحدة في بريطانيا وواحدة في باكستان .. وعندما سألناه ماذا حدث للحالتين قال :"ماتا .." وذكر إن سبب ذلك هو الإختلاط في أعراضها مع البرد أو الشك في أنها "نامونيا" يعني إلتهاب في الصدر ..
كنت أتضرع لله في كل وقت وأرجوه ألا يفجعني في زوجي وحبيبي وكل أهلي .. وبقي زوجي في السرير مدة ستة عشر يوما كاملة في المستشفى .. إلا تلك الأوقات التي ينقل على كرسي متحرك حتى مكان الأشعة .........
هذه الفترة شعرنا بالأسى .. وأكثر ما أشعرنا بذلك هو إبني كنت أنقله كل يومين لبيت من البيوت .. و لم نراه هذه الفترة التي قضيناها في المستشفى إلا مرتين واحدة يوم العيد وواحدة بعدها بحوالي خمسة أيام .. وكنت يوميا أترك زوجي وأذهب للبيت لإعداد الطعام وغسل ملابسنا وأخذ حمامي .. فلم يفكر أحد من كل تلك الأسر - إلا واحدة، جزاها الله كل خير - في أن يحضر إلينا طعامنا مرة ..
هذا غير ما وجدناه من إهمال في المستشفى ومن الممرضات والنظافة - على الرغم من أننا كنا نقيم في القسم الخاص ولكل مريض غرفة مستقلة وذلك حتى أتمكن من الإقامة مع زوجي ..
ولكم أن تتصوروا الممرضة أذهب إليها في موعد الإبرة الصباحية أوقضها حوالي العشر مرات وتأتي بعد موعدها بساعة متثاقلة ناقمة ولا تهتم بإبرة المحلول ولا يتفقدنه في موعده .. إن كان إنتهى أم لا .. وأذكر أنني في مرة ذهبت للممرضة أخبرها بأن زوجي يعاني من ألم شديد في كفه الذي ركبت فيه إبرة المحلول من أحد عشر يوما .. ولكنها نظرت بلا إهتمام إليها وقالت الإبرة موضوعة جيدا ... قلت لها : "هذه الإبرة وضعت من أحد عشر يوما .. وأنا أعرف أنه لا بد من تغييرها كل فترة " .. قالت : " لا" .. وذهبت ... وبعدها ذهبت للطبيبة المناوبة .. وشاهدت الإبرة وقالت : "إنها يجب أن تغير" .. قلت لها : أكتبيها وأنا أذهب لأشتريها من الصيدلية .. وكان .. وأحضرتها في ثوان .. وقلت للمرضة لتحضر لتركب المحلول بها .. وقالت إنها ستلحق بي .. وذهبت إليها مرة ثانية وثالثة .. وذهب إليها صديق لزوجي بعد أن حضر وأخبرته إن الإبرة موجودة من أكثر من ساعة وإنني ذهبت إليها عدة مرات .. ولكنها أيضا لم تحضر ... فذهبت للطبيبة المناوبة مرة أخرى ... وجاءت تترجى الممرضى أن تحضر فقالت إنها ستحضر وبعدها بعشر دقائق جاءت غيرتها ووصلت المحلول وذهبت تتم إستكمال أوراقها والإمضاء عليها - حتى يعرف المختصون أنها تقوم بواجبها كاملا ... ففوجئنا بالمحلول لا يسري وهو يشعر بحرقة شديدة .. وذهبت إليها أخبرها ..وذهب صديق زوجي إليها لتحضر لضبطها .. ولكنها لم تحضر ... بعدها ذهبت لأرى لماذا لم تحضر بعد مرور كل هذا الوقت .. فلم أجدها .. لقد أنصرفت دون أن تكلف نفسها عناء الحضور للإطمئنان على صحة الإبرة التي وصلتها في جسم إنسان بيديها ... وانتظرنا الممرضة التالية والتي وضعتها بكل إهتمام وخفة وبطريقة صحيحة ولأول مرة كنت أعرف حجرة الممرضات، حينما جاءت إلي في الحادية عشر وقالت إنها تقيم في الغرفة ... وذكرت لي رقمها، وقالت لي أنا لا أنام في المستشفى، ولكني أذهب لهذه الغرفة للدراسة .. حيث إنها طالبة وتحت التمرين ..
وبعد أن أستقرت حالة زوجي - والحمد لله .. عدنا للبيت، واحتضنا طفلنا، وقضى زوجي فترة الإجازة المتبقية في السرير - حوالي شهرين ..
هذه الفترة الصعبة .. تعلمت الكثير الكثير .. وأدركت أن المصاعب هي التي تعلم الإنسان وتقوية وتربطه أكثر بربه ... وكلما تذكرت هذه الفترة العصيبة - والحمد لله - أحمد الله كثيرا على لطفه وأتمنى ألا نرى ولا أحد من المسلمين مثل ذلك ..
|