المفارقة الغريبة
كثيرون تستوقفهم هذه
المفارقة الغريبة من مفارقات الحياة, أن يعطوا بسخاء فلا ينالون إلا القليل, أو أن يخلصوا لمن يفاجئهم بالغدر وخيانة العهد, أو أن يُصدموا بالجحود والنكران, حيث كانوا يتوقعون أن يقلدهم الآخرون قلائد الوفاء والعرفان..
إنها مف...
ارقة مؤلمة بالفعل.. وقد تبدو للبعض مثيرة للإحباط, ومحرضة للإنسان على التوقف عن العطاء للآخرين مادام لا يلقى منهم في النهاية إلا جزاء سنمار..
لكن تأمل الحقيقة مليا يقنعنا على الناحية الأخرى بغير ذلك, ذلك أن المرء لا يقدم عطاء ولا خيرا لأحد إلا وينال في الآجلة أو في العاجلة جزاءه العادل عنه, وكل ما في الأمر أن البعض يرون رأي العين ثمرة عطائهم في المدى القريب, والبعض الآخر يترقبها ويتوقع أن تجيئه في خير مؤجل إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة التي كنتم بها توعدون.
وهو المعنى نفسه الذي أشار إليه الشاعر العربي حين قال:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
والعرف في هذا المقام هو المعروف والمعنى أن من يفعل المعروف لابد أن يلقى جزاءه العادل إن لم يكن من الناس, فمن الله سبحانه وتعالى في العاجلة أو الآجلة.
فضلا عن أن المرء حين يعطي فإنه يستمتع بمتعة العطاء وإحساس الرضا عن النفس بغض النظر عن جحود الآخرين أو وفائهم له.
وقديما قال الشاعر الأديب جبران خليل جبران:
إن الأشجار تعطي لتحيا..
فإن لم تعط عرضت حياتها للخطر.
وقال أيضا: من الناس من يعطون بفرح فيكون فرحهم هذا هو مكافأتهم عن عطائهم!