أشكر كل مَن علق أو رحب بالفكرة ...
جزاكم الله خيرا ًجميعا ً...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كيف الحال ؟
جزاك الله خير ..
أتمنى النقاش يكون أخوي وبعيد عن الكلمات الجارحة .. سامحني لكن ردك بالموضوع السابق فيه الكثير من المهاجمة والعصبية أكثر من ما هو تبيان للحق .
أتمنى نصفي نيتنا لانه في النهاية كل إنسان يملك عقل وله حرية الاختيار .
وشكرا مرة ثانية
|
هناك حالات لا ينفع معها للأسف إلا الهجوم بـ (المثل) ليفيق صاحبها .. فإنما هي بضاعة تؤخذ وترد ..
وليس من العقل أن :
يبدأ المعتدي بالطعن في الدين بدون وجه حق وبلا حياء ولا أدنى شعور بالمسؤلية من فتنة غيره وبلبلته :
ثم لما يُرد عليه بـ (المثل) : يُلام المُدافع لا المعتدي ..!!
فالموقف كان موقف دفاع لا دعوة ..
وأنا معكم أن كل إنسان له عقل وهو حر في اختياره ...
ولكني لست معكم في فتح الباب على مصراعيه لمَن يلقي الشبهات في الدين عن جهل :
ولا يصده أو يردعه أحد وخصوصا ً: وأنه يرفض حتى الحوار فيما يدعي !!!..
على العموم ...
عفا الله عما سلف ...
وبإذن الله تعالى هذا الموضوع هنا هو دعوة مفتوحة للتحاور في :
الشبهات أو الوساوس التي لها اتصال بالدين أو الله عز وجل وشرعه الحكيم ..
بالحلم والروية والإقناع والتفصيل ...
وهذا بالفعل ما هو معروف عني ولله الحمد ...
ولكن وكما ذكرت من قبل :
إذا قيل رفقا ًقال : للحِلم ِموضع ٌ..
وحِلمُ الفتى في غير ِموضعهِ : جهل ُ...!
وأبدأ على بركة الله تعالى معكم بإيراد أكثر من نصيحة عن الوساوس هنا ...
ونبدأها برد ماتع للشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى ..
--------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
(المصدر موسوعة فتاوى اللجنة والإمامين ....
فتاوى الشيخ بن عثيمين المجلد الأول السؤال (18) إنتاج موقع روح الإسلام )
سئل الشيخ : عن رجل يوسوس له الشيطان بوساوس عظيمة فيما يتعلق بالله عز وجل وهو خائف من ذلك جداً ؟
فأجاب فضيلته بقوله :
ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها، أقول له :
أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة، لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين، ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم، ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان، بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين .
وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان، ولا هي آخر حال، بل ستبقي ما دام في الدنيا مؤمن . ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال :
" أو قد وجدتموه ؟ " قالوا : نعم، قال : " ذاك صريح الإيمان " !!.. رواه مسلم.
وفي الصحيحين عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ ! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته " .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال :
" إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلى من أن أتكلم به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة " . رواه أبو داود .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله في كتاب الإيمان ص 147 من الطبعة الهندية :
" والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة : يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به . فقال : " ذاك صريح الإيمان "وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به . قال " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا عظيم الجهاد " ..
إلى أن قال رحمه الله :
" ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم ، لأنه ( أي غيرهم من المسلمين الغافلين واللاهين واليهود والنصارى إلخ ) لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه، وهذا مطلوب الشيطان , بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة، فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى " أ . هـ .
فأقول لهذا السائل :
إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها، واعلم أنها لن تضرك أبداً مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها، والانتهاء عن الانسياب وراءها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم " . متفق عليه .
وأنت لو قيل لك : هل تعتقد ما توسوس به ؟ وهل تراه حقّاً ؟ وهل يمكن أن تصف الله سبحانه به ؟ لقلت : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك، وكنت أبعد الناس نفوراً عنه، إذاً فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك، وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، ليرديك ويلبس عليك دينك .
ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن، فأنت تسمع مثلاً بوجود مدن مهمة كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يوماً من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى، وليس فيها ساكن ونحو ذلك، إذ لا غرض للشيطان في تشكيك الإنسان فيها، ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن، فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه، ويوقعه في ظلمة الشك والحيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء، وهو قوله : " فليستعذ بالله ولينته " .
فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلباً ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه، بحول الله، فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله وتدعوه وتعظمه، ولو سمعت أحداً يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك، إذاً فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها، كما لو انفتح على شخص طاهر الثوب قد غسل ثوبه لحينه ثم أخذ الوهم يساوره لعله تنجس لعله لا تجوز الصلاة به، فإنه لا يلتفت إلى هذا .
ونصيحتي تتلخص فيما يأتي :
1.
الاستعاذة بالله، والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
2.
ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في الوساوس .
3.
الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله . وابتغاء لمرضاته، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجد وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .
4.
كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .
وأسأل الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه
-----------------------------
انتهى رد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ...
والخلاصة في التفريق بين الملحد الكافر الحقيقي : وبين المسلم الموسوس : هي كما قال أخي عبد الرحمن الحنبلي من منتدى التوحيد :
" أن الملحد المنكر لعقله ولله تعالى علامته : انشراح صدره بالكفر والإلحاد ..! وذلك كما قال الله تعالى في القرآن " ولكن : مَن شرح بالكفر صدرا ً"..... وانسجامه مع افكاره الإلحادية ..... ونطقه بالكفر والإلحاد بغير حرج .... بل ويدعو إليه !!.. بينما الموسوس المسلم : تجده يكره هذه الأفكار المزعجة .. وينكرها .. ولكنها تتكرر عليه دون إرادته إذا استرسل معها ... وتجده لايخبر أحدا بتفاصيل هذه الأفكار .. وتجده يخاف من أن يُحاسب عليها " ....
وأنقل لكم هنا في ختام هذه المشاركة موضوعا للأخ أبي القاسم من منتدى التوحيد في نفس الصدد ..
حيث يحكي قصة حقيقية وقعت معه بالفعل فيقول - مع التصرف اليسير مني - :
--------------------
منذ نحو عام .. سيق للفقير كاتب هذه السطور .. خبر فتاة :
تنهشها بنات الأفكار .. فأضحت أسيرة لسواقي الشكوك .. تقذف بها يمنة ويسرة .. فقيل لي :
كلمها .. لعل الله يلطف بها على طوق ٍبيديك تلقيه إليها : فتركب سفينة النجاة على بحر من اليقين مبين .. فقلت نعم : لعل !..
فلما كلمتها .. تبين لي أنها أرفع إيمانا مني ..!! وغاية ما هنالك :
وسواس قهري قاس : أنشب أظفاره في فؤادها المكلوم !!.. يهجم عليها دون استدعاء ٍمنها ولا تعمد استرسال ..
ويكاد صوت أنينها يخترق حجب المسافات .. أحس به منبعثا من بين ثنايا سطورها الراعشة .. وقد أكفرت نفسها وتستغيث :
أرجوك .. كيف أذوق طعم الإيمان من جديد !..
قلت لها :
هل تصلين ؟؟.. قالت الحمد لله .. وحجابك ؟ .. منتقبة ولله الحمد ..!! إلخ
والحادث : وبعد جملة من السؤالات : هنأتها وغبطتها على إيمانها !!.. وبينت لها أن هذه الخطرات : إن كانت تهجم عليك ِقسراً : وبلا تحرٍ منك : وليست على إثر قراءات عبثية لبعض المخبولين : فاطمئني .. فإن الله لا يؤاخذك .. بل هذا مما تؤجرين عليه ..! وإنما يلزمك عيادة خبير بآفات النفس : ليقوّم ما أنت فيه سلوكياً .. وإن كان في مخزونك زاد من الإرادة : فيمكنك الاستغناء عن أطباء النفس وعلماء النفس : بأن تعرضي عن هذه الهواجس : كما لو حطت على وجهك ذبابة .. فإنما تقولين (أي تشيحين) بيدك هكذا : فتطير .. فإن أتقنت ِصناعة عدم الالتفات : وأشغلت نفسك بنفع ٍمتعد ٍ:
فما تلبثين بعد مدة أن تتعافي من هذا بإذن الله تعالى ..
وأما الشك العقلي : فشيء آخر .. إنه بوابة الكفر الكبرى .. وعلى عتبات مصراعيها يهلك المُبطلون : فكيف لو ولجوا ..؟!
وغالبا ما تكون البداية تلك الخدعة الماكرة التي يلقيها الملاحدة على أغرار المسلمين : لا تكن مقلداً ..عليك أن تشك في كل شيء من حولك ..!! فتلقى هذه الفكرة الصاخبة بما لها من بهرج خلّاب وبريق أخّاذ : رجعَ صدى كبير عند طائفة من الناس : لاسيما محبو الخروج عن المألوف وفق مبدأ "خالف تعرف" ..!
وإنما هي شبهات : تلقفوها من هنا وهناك .. ودواؤها : قذائف الحق .. والتي تدمغ الباطل رأساً كما قال سبحانه :
" بل نقذف بالحق على الباطل : فيدمغه .! فإذا هو زاهق " ..
ويكفي في حرقها ومحق أثرها عند من أصابته عدوى الشك هذه : دليل واحد فحسب إن كان صادقا في اتباع المنهج العلمي .. ولو كان أصل الشك محمودا في ذاته - كما يزعمون - دون اقتضاء موجبٍ له وجيه : لكانت المعادلة أنه يوصل إلى اليقين في قاعدة مطردة : لا كما قال (بيرون 365-275ق. م) أستاذ المدرسة اللا أدرية :
" فلا حقيقة في الوجود !!.. وما ثم إلا وجهات نظر : يمكن إثباتها ونفيها في آن !!.. ولا خير ولا شر في واقع الأمر ..!! إنما هو رأيك ورأيي " ..!
وإذ لم يكن الشك من حيث هو أمرا محمودا وإنما بحسب متعلقه : ومع استصحاب القاعدة الجليلة : " اليقين لا يزول بالشك " : فلا يمكن أن يقرر منهجا علمياً !!.. وقد ثبت بالتواتر المستفيض أن هؤلاء الشكاكين :
هم أشقى الناس في الدنيا !!.. يعانون في أيامها : وأكثرهم ينتحر في نهاية الأمر !!..
وكما قال تعالى :
" ومَن أعرض عن ذكري : فإن له معيشة ضنكا " ..