بداية .. أعتذر عن تأخر الرد للانشغال كما ذكرت ...
وأشكر الأخ مللت من الحياة على إجابته الوافية المختصرة ..
وأهلا ًبالأخ الزائر 11 ..
واسمح لي بأن أزيد بقليل فقط عما ذكره الأخ في رده ..
أنت قلت :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زائر11
فيه حديث للرسول يقول:صلى الله عليه وسلم " إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك، ثم يرسل إليه المَلَك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فــيسـبـق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " .. رواه البخاري ومسلم
السؤال الاول اذا كان رزقي مكتوب قبل ان تنفخ روحي فلماذا اعمل
السؤال الثاني اذا كان ااجلي مكتوب فلو قتلت نفسي الان
السؤال الثالث اذا كان عملي مكتوب فلماذا اعاقب على شي كتب علي ؟
وشاكر لك مقدما
|
قبل أن أن أجيبك أخي على أسئلتك الثلاثة :
أود أولا ًأن نتعرف معا ًعلى معنى القدر ..
القضاء : هو الحكم بشيء معين .. والله تعالى يقضي بما يشاء : ولا معقب لقضائه ولا لحكمه ..
أما القدر : فهو كتابة شيء معين : أنه سيقع : وبدون جبر من الله ..
وإنما هو من تقديره الكامل عز وجل للأشياء وحكمته وعلمه الكاملين ...
ويمكن تشبيه القدر : بالتوقع .. مع الفارق بالطبع كما سأشرح الآن ..
لأن التوقع قد يصيب ويخطيء : وتبعا ًلمختلف الظروف الداخلة في الإرادة والعلم والخارجة عنها ..
وأما القدر : فلن يخطيء لكمال إرادة الله تعالى وعلمه الكاملين ..
ولنضرب مثالا ًبسيطا ً..
(س) من الناس يعمل في أحد المكاتب لمدة 6 أيام في الأسبوع .. ويتقاضى عن اليوم 10 جنيه ..
إذا ً: يمكننا التوقع بأنه في نهاية أي أسبوع سيكون معه : 10 * 6 = 60 جنيها ً..
ولكن ...
هل نحن أحطنا بكل الظروف والأحداث التي قد تقع وتحول دون حدوث ما توقعناه ؟؟..
الإجابة : لا ..!
فعلمنا قاصر ومحدود وكذلك هناك أشياء خارجة عن توقعاتنا لأنها بيد الله وحده !!..
وأما مثال علمنا القاصر مثلا ً:
أن يكون فاتنا خصم يوم إجازة رسمي قد نسيناه !!!..
وأما مثال الأشياء الخارجة عن توقعاتنا لأنها بيد الله وحده :
فهو أن (س) سيمرض مثلا ًويتغيب عن عمله في يوم الإثنين : فيتم خصم يوم كذلك من راتبه !
فإذا فهمت معي أخي المثال السابق :
علمت أن الله تعالى : لا ينقصه علم من جهل !!!.. بل هو العليم المحيط سبحانه ..
وأنه هو وحده بيده ملكوت كل شيء وقضائه : بما في ذلك تصريف الصحة والمرض والموت إلخ
إذا ً:
فتقدير الله تعالى :
سيقع حتما ً: رغم أنه لم يحدث بعد ...!
وذلك من الأزل إلى الأبد .. فسبحانه هو المحيط بكل شيء علما ً: وهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية :
" إنما إلهكم الله الذي : لا إله إلا هو : وسع كل شيء علما " ..
" لتعلموا أن الله على كل شيء قدير : وأن الله : قد أحاط بكل شيء علما " ..
" ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم : ألا إنه بكل شيء محيط " ..
" ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا " ..
" هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم " ..
ولذلك :
نجده سبحانه يتحدث في قرآنه عن أحداث ٍمثلا ًمثل :
يوم القيامة ومثل الحساب وأهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار وكلام هؤلاء وكلام هؤلاء :
بصيغة الماضي وكأنها حدثت بالفعل أي : أنه مفروغ ٌمنها : أو في صيغة المستقبل الواقع يقينا ..
والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى هي أيضا ًلو تعرف ..
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وهو :
طالما كان الله تعالى يعرف تماما ًكل ما سنفعل ونقول .. وكل ما سيحدث : فلماذا خلقنا في الدنيا ؟
أقول :
الله تعالى له صفات كمال .. لا يمكن الطعن فيها .. ومنها صفات العدل والحق ..
وهو سبحانه لما شاء أن يخلق خلقا ًمختارين (الجن والإنس) ليعبده ويؤمن به مَن يعبده ويؤمن به منهم :
على اختيار وحرية إرادة :
فقد علم منذ خلقهم وأودع فيهم تلك الحرية في عالم الذر : مَن فيهم المؤمن ومَن فيهم الكافر :
" هو الذي خلقكم : فمنكم كافر .. ومنكم مؤمن .. والله بما تعملون بصير " ..
ولكنه سبحانه لو أكرم ونعم المؤمنين به مباشرة : وعذب الكافرين العاصين له مباشرة ً:
وبما يعلمه من خبايا نفوسهم :
لاحتج عليه الكافرون بأنك يا ربنا عذبتنا وأكرمت هؤلاء ونعمتهم :
رغم أننا لم نفعل شيئا ً: وهم كذلك ؟!!!..
ورغم أن الله تعالى يمكنه ألا يعبأ بهم .. فهو رب .. وهم عبيد مخلوقون .. ولأنه سبحانه :
" لا يُسأل عما يفعل : وهم يُسألون " .. وأنه " لا معقب لحكمه " ..
إلا :
أن من كمال صفاته عز وجل العدل والحق : ألا يترك لأحد من خلقه عليه حُجة ...!
فسبحان الله العظيم ...
ويمكننا لمس مثل هذه الحقائق مثلا ًفي قوله عز وجل :
" وما كنا معذبين : حتى نبعث رسولا ً" !.. وقوله :
" رسلا مبشرين ومنذرين : لئلا يكون للناس على الله حُجة بعد الرسل .. وكان الله عزيزا حكيما " ..
ومن هنا :
فحتى المجنون : والأصم : والجنين الميت : والطفل الذي لم يبلغ التكليف : والذي لم يبلغه الإسلام :
كل أولئك يُمتحنون يوم القيامة بما علمه الله تعالى منهم ومن نفوسهم ...
فهو سبحانه قد أعد لكل واحد منا حياته واختباره الذي يناسبه تماما بتمام لإظهار حقيقة نفسه :
مما يعلمه الله ..
فالله تعالى هو الذي اختار لكل منا :
عصر ولادته - وأباه وأمه وأقاربه ومجتمعه - وشكله ووسامته أو قبحه - وصحته أو مرضه وإعاقته -
وغناه أو فقره - وبلده - وطوله أو قصره إلخ إلخ إلخ ..
وهذا بعين حكمته وعدله سبحانه وليس عشوائيا ً.. فكل موقف في الحياة هو لك اختبار ...
وهو لك إظهار لما يعلمه الله منك :
" أم حسب الذين في قلوبهم مرض : أن لن يخرج الله أضغانهم " ؟؟!!..
" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم : أيكم أحسن عملا ً" ؟؟..
وذلك :
لأن الله تعالى لا يأخذ بالظاهر والذي قد يكون مخادعا ً..
هو أمرنا ورسوله بمعاملة الناس علىظاهرهم : وترك بواطنهم له .. مثل المنافقين مثلا ً..
وأما هو سبحانه :
فيأخذ بالباطن ويحاسب عليه سبحانه : ويُظهره بصوارف الدهر والمواقف والظروف والابتلاءات :
" الم .. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا : وهم لا يُفتنون ؟؟!!..
ولقد فتنا الذين من قبلهم : فليعلمن الله الذين صدقوا .. وليعلمن الكاذبين " ..
وعلم الله هنا هو علم تحقق ما يعرفه سبحانه .. وهو على سبيل المشاكلة اللفظية كما هو معلوم ..
ومن كل ذلك أخي :
تقرأ حديث النبي عن الذي يعمل بعمل أهل الجنة (فيما يتراءى للناس) : ثم يضله الله ولو في آخر حياته :
أن ذلك هو مقتضى عدل الله تعالى مع المرائين والغير مخلصين وغير صادقين في إيمانهم :
أنهم إذا خدعوا الناس بصلاة وزكاة وحج وعمرة وصدقة إلخ : فلن يخدعوا الله : فلا يميتهم إلا على الكفر !
وفي المقابل :
ترى الذي يعمل بعمل أهل النار (فيما يتراءى للناس) : ثم يهديه الله تعالى إلى الإسلام أو التوبة ولو في آخر حياته :
أن ذلك هو مقتضى عدل الله تعالى معه : إذ علم أنه يحمل قلبا ًمؤمنا أو محبا لله موقرا ًله :
رغم هزيمة نفسه الأمارة بالسوء له في حياته بالمعاصي والشهوات والبعد أو الكفر إلخ : ولكن لأن الله علم فيه خيرا ً:
هداه ونجاه : وطالما كان ذلك الشخص يحفز نفسه على الإيمان والطاعة : ويجاهدها في الله : فسيهديه الله :
" والذين جاهدوا فينا : لنهدينهم سبلنا " ..
ولم يكن من الذين استسلموا لأنفسهم الأمارة بالسوء طول حياتهم واستمتعوا بالذنوب والمعاصي ورضوا بها :
فنسوا الله : فنسيهم الله بل : وأنساهم أنفسهم : أن يختاروا لأنفسهم سبل النجاة في الدنيا والآخرة !!..
" نسوا الله : فنسيهم " !!..
" ولا تكونوا كالذين نسوا الله : فأنساهم أنفسهم " !!..
وأعتقد أن إجابة أسئلتك الثلاثة الآن أخي باتت من السهولة بمكان إن شاء الله ..
فأما سؤالك :
اقتباس:
السؤال الاول اذا كان رزقي مكتوب قبل ان تنفخ روحي فلماذا اعمل
|
الجواب :
أن تقدير الله تعالى للأشياء : لا نعرفه نحن : وإنما هو معروف عند الله ..
فعلام تجلس وتنتظر : والله تعالى قضى أن الدنيا بالأسباب إلا ما شاء أن يخرقه منها سبحانه بمعجزة او كرامة ؟!
يقول عز وجل :
" وقل اعملوا : فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون : وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" ..
اقتباس:
السؤال الثاني اذا كان ااجلي مكتوب فلو قتلت نفسي الان
|
الجواب : أجلك وكيفية موتك : يعلمها الله تعالى ومكتوبة عنده : لا عندك أنت !!!..
" وما تدري نفس بأي أرض تموت " !!..
إذا ً: لو قتلت نفسك الآن :
فثق تماما ًأن ذلك هو المكتوب عند الله في انتهاء أجلك !!!..
اقتباس:
السؤال الثالث اذا كان عملي مكتوب فلماذا اعاقب على شي كتب علي ؟
|
الجواب :
أفعالك قد علمها الله تعالى وكتبها : تقديرا ً: لا جبرا ً!!.. وشتان بينهما في المعنى !!..
فأنا لما أتوقع أن ابني سيفعل شيئا ًما : ثم يفعله فعلا ً: أكون لم أجبره عليه !!..
فأنت الآن وفي كل لحظة من حياتك : مختار بين أفعالك وأقوالك ..
وقد أشهد الله تعالى عليك جسدك وملائكته ينظرون ويكتبون :
لكيلا تكون لك حُجة ًعلى الله تعالى والكل عليك شاهد !!..
وفقني ووفقك الله ..
وهداني وإياك إلى كل خير ..
وأنصحك كما نصحك أخي الذي قبلي :
لا تسترسل مع الوساوس والشبهات إن كانت تأتيك بصورة مكررة في المسألة الواحدة بعد إذ فهمتها ..
ويكفيك أنك تعلم في كل لحظة وتشعر بحريتك في أن تفعل أو لا تفعل ..
والله المستعان ..