16-01-2013, 04:04 PM
|
#5
|
عضومجلس إدارة في نفساني
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 26107
|
تاريخ التسجيل : 10 2008
|
أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
|
المشاركات :
9,896 [
+
] |
التقييم : 183
|
|
لوني المفضل : Cornflowerblue
|
|
شكرا لك وبارك الله فيك أختي أنين الذكرى .
الفصل الثالث : الاستهزاء عقبة من عقبات الدعوة إلى الله تعالى
يشكو كثير من الدعاة من عنت الاستهزاء والمستهزئين ، ولكنهم حين يتأملون سيرة الأنبياء والرسل – عليه الصلاة والسلام – وهم أشرف خلق الله – يجدونهم قد استهزئ بهم وسخر منهم ، فيكون في ذلك عزاء لهم مما يلاقونه من هؤلاء الساخرين ، قال – تعالى - : (( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً )) سورة الفرقان ، آية 31 . ويقول – سبحانه - : (( وكم أرسلنا من نبي في الأولين * وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون )) . سورة الزخرف ، آية 6 – 7 ويقول – سبحانه - : (( ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون )) . سورة يس ، آية 30 .
هذا نبي الله نوح – عليه الصلاة والسلام – الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يقابل بالسخرية والاستهزاء ، فقومه يضحكون به ويسخرون منه حين رأوه يصنع السفينة ؛ قال الله – تعالى - : (( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم )) . سورة هود ، آية : 38 – 39 .
وقال – تعالى – عنهم إنهم قالوا : (( ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين )) (22) سورة المؤمنون ، آية 24 – 25 .
ونبي الله هود – عليه السلام – أرسله الله إلى عاد فسخروا منه وقالوا : (( أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ماكان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين )) سورة الأعراف ، آية : 70 . (( قالوا ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء )) سورة هود ، آية 53 – 54 .
ونبي الله صالح – عليه السلام – أرسله الله إلى ثمود فأجابوه بهذا الجواب : (( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين )) سورة الأعراف ، آية : 75 – 77 .
وهذا نبي الله لوط – عليه السلام – أرسله الله إلى قومه فنهاهم عن فاحشة اللواط ، وإتيان الرجال شهوة من دون النساء فأجابوه بـ (( وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون )) سورة الأعراف ، آية : 82 . وفي سورة النمل ، آية : 56 . جاء قوله – تعالى - : (( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون )) .
وهذا شعيب – عليه السلام – يقابله قومه بالسخرية والإستهزاء فيصبر ويحتسب قال الله عنهم : (( قالوا ياشعيب أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد )) سورة هود ، آية 87 .
يقولون هذا على سبيل الإستهزاء والتنقص والتهكم (23)
أما نبي الله موسى – عليه السلام – فقد قوبل بسخرية لاذعة واستهزاء مهين من بني إسرائيل قال – تعالى - : (( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين )) سورة البقرة ، آية 67 .
قال ابن عطية – رحمه الله – في معنى قوله : (( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين )) يحتمل معنيين : أحدهما الاستعاذة من الجهل في أن يخبر عن الله – تعالى – مستهزئاً .
والآخر من الجهل كما جهلوا في قولهم : (( أتتخذنا هزواً )) لمن يخبرهم عن الله – تعالى - (24) .
أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد لاقى من الاستهزاء والسخرية ما تتفطر له القلوب ، واجه صلى الله عليه وسلم سخرية قبائل العرب المشركين في الفترة المكية ، وواجه سخرية واستهزاء المنافقين واليهود في الفترة المدنية – قال تعالى - : (( وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون )) سورة الأنبياء ، آية : 36 .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( فاستهزأوا بالرسول صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الشرك ، ومازال المشركون يسبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون ، إذا دعوهم إلى التوحيد ، لما في أنفسهم من عظيم الشرك وهكذا تجد من فيه شبه منهم إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك ، لما عنده من الشرك ) (25) .
ويقول – سبحانه – عنهم : (( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً * إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلاً )) سورة الفرقان ، آية : 41، 42 .
قال ابن اسحاق : ثم أن قريشاً اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم ، فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم سفائهم فكذبوه وآذوه ، ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون .. مر بهم صلى الله عليه وسلم طائفاً بالبيت فغمزوه ببعض القول فعرف ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم ثم مر بهم ثانية فغمزوه ، ثم الثالثة بمثلها فوقف ثم قال : أتسمعون يامعشر قريش ، أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح ، فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع (26) .
وقد وصف الله همزهم وغمزهم بله صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه - : (( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقوك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون )) سورة القلم ، آية 51 .
وهكذا الدعاة إلى شرعه وسنته ، يلاقون الاستهزاء والسخرية وتلك سنة باقية إلى يوم الدين .
ولهذا فإن عقبة الاستهزاء تصدم بعض الدعاة وآخر تفت في عضده وآخر تقهقره وتجنبه وآخ لا تزيده إلا صلابة في الحق وإصراراً على الاستمرار في منهج الإصلاح ومقاومة الباطل وهذا النمط الأخير هو الذي تحتاجه الأمة ، وهو زاد الدعوة إلى دين الله الحق لأن صاحبه ينظر إلى أقوال الأنبياء والرسل – كما مرت بك آنفاً – فيعلم ويستيقن أنه وارث لتركتهم وهم لم يخلفوا للناس إلا دعوة الخير والتوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتثاث الفساد من الأرض ، ولهذا لا يعبأ بهذا الاستهزاء ولو كدر خاطره فإنه من الأذى الذي لا بد منه في سبيل الدعوة ، ولهذا فقد ربح بيعه لا يقيل ولا يستقيل .
|
|
|