19-11-2003, 02:04 PM
|
#1
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 4021
|
تاريخ التسجيل : 05 2003
|
أخر زيارة : 11-03-2004 (01:04 AM)
|
المشاركات :
584 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
عشق الأحزان
هناك من يعشق الهم إلى حدّ الخرافة، ويهواه إلى حدّ السخافة ، لا لشيء إلا أنه تعود أن يكون حزينا مكتئبا ، قد ألفت عيناه الدموع ولسانه عبارات التشكي وأذنه همهمات الشفقة وحلقه آهات التوجع ، وتكيف مع تكشيرة الوجه وتقطيب الحاجبين وجمود الألفاظ ودفن نفسه في صومعة الأحزان لا يبغي عنها تحويلا ، وهذا ما أراه جليا في صاحبتنا سعيدة ، فهي على الرغم من اسمها الذي يشع سعادة إلا أن من يراها يجزم أن هموم العالم قد نفرت من العالمين واستقرت في صدرها ، وأن المصائب والعجائب تتحكم في أيامها كما تتحكم الأصابع في عرائس الورق ، إنها لا تزور ولا تزار ، ولا تشارك في طعام أو كلام ، دموعها تجري بلا أسباب وتندب دوما الصحب والأحباب، وإن سئلت عن سر ذاك الهم والغم سردت من الأحداث ما مرت عليها عقود واختلطت مع رفات الجدود ، ولا تسأم سعيدة من الشكوى وسرد المآسي على كل من تلقاه ويخونه الحظ فيسألها عن أحوالها ، إذ تبادره بالتأفف والتأسف على هذه الدنيا والتي لا تعرف من سعادتها إلا اسمها ومن ابتسامتها سوى رسمها ، وإن حاولت إحدى الصديقات تلطيف الجو فمدحت وجهها الصبيح وقدّها المليح لأطلقت زفراتها مستنكرة : أي وجه تقصدين ؟ لقد أتعبني السكري وعصرني الضغط وفتتّ عظمي الروماتيزم وأحرقت معدتي الحموضة وذلك الصداع الرهيب قد عشّش في رأسي واستعبد عروق دماغي … عندها لا يملك السامع إلاّ أن يمسك بطرف ثوبه ويطلق ساقيه للريح هربا من شلالات الشكاوي فإن ما فيه يكفيه .
هذا النوع من البشر قد ألف شخصية المكتئب ، ورضي بالضعف أمام مجريات الأمور ، افتقد قوة التغيير وإرادة التجديد ، وأوقف حياته عند أول منعطف حاد ورأى أن الحياة لا تحمل له سوى الحوادث والكوارث ، وأنها قد أنعمت عليه باضطهادها ،وبخلت عليه بجني سعادتها .
وحتى لا نكون مثل صاحبتنا سعيدة ولا مثل أولئك البشر علينا بالتحلي بما يلي :
1- الإيمان بتصاريف القدر ، وأن ما كان وما سوف يكون إنما هو قدر في باطنه الأجر والسعادة بإذن الله .
2- الإيمان بقضية أو هدف كبير والسعي لتحقيق ذلك الهدف في الحياة ، فانشغال العقل بقضية جدّية يبعده عن التفكير بصغائر الأمور ، ويخلق لديه روح التحدي بوجوب تخطي العثرات للوصول إلى ما يطمح ويريد .
3- الاهتمام بالآخرين وتوجيه طاقة النفس نحو ربط العلاقات وترطيب المشاعر ، والاقتناع بأن السعادة تأتي من النفوس المحبة وأن الكثير من المشاكل قد تلاشت من خلال جلسة مودة وابتسامة صفاء مع الآخرين .
4- تعويد اللسان دوما على الحمد والثناء، وترديد عبارات التوكل والرجاء ، في كل ساعات الحياة .
5- النظر إلى الدنيا بتفاؤل أكبر ، والتأكد بأن السعادة تنبع من داخل النفس ولا تجنى أو تستجدى من أيدي الآخرين .
6- الإقبال على الله تعالى بالدعاء والإنابة إليه إن احتلكت الأمور وطغت الأحزان والأسقام ، فهو وحده من بيده الفرج ومفاتيح الراحة والفرح .
(هذه المقاله مختارة )
|
|
|