العلاج بالدعاء ... من كتاب نصائح طبيب إلى كل مريض وصحيح
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل (العلاج بالدعاء)
* الدعاء : الذى فيه : اللجوء ، والتضرع ، والتوسل إلى الله والاستعانة ، والاستغـاثة ، والاستعاذة بالله وحده .
( قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى - " فتح البارى " : وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير ، وأن تأثير ذلك ، وانفعال البدن عنه ، أنفع من تأثير الأدوية البدنية ، ولكن إنما ينجح بأمرين :
أحدهما : من جهة العليل وهو صدق القصد.
والآخر : من جهة المداوي ، وهو قوة توجهه ، وقوة قلبه، بالتقوى والتوكل على الله ، والله أعلم ).
*والدعاء :إذا سلم من الموانع - كما ذكر ابن القيم رحمه الله - فهو من أقوى الأسباب ، وليس شئ ـ من الأسباب ـ أنفع من الدعاء ، ولا أبلغ فى دفع المكروه ، وحصول المطلوب .
قال تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ) الأعراف.
وقال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة.
وقال سبحانه : ( وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ... ) الزمر.
وقال عز وجل : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ... ) النمل
وقال تعالى : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) الشعراء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدعاء هو العبادة " وقرأ ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) × رواه الترمذي وابن ماجة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) × رواه الترمذي .
*فالدعاء من أنفع الأدوية ، وخاصة مع الإلحاح فيه وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله أو يخففه
إذا نزل.
وقد لايُستجاب الدعاء ظاهريا بالرغم من الأخذ بأسباب الإستجابة ... وهذا مفهوم سطحى
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له فى الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها × قالوا : إذن نكثرقال :Ø الله أكثر × رواه أحمد.
هذا بالإضافة إلى أن الدعاء في حد ذاته عبادة يُثاب فاعلها ، سواء كُشف مابه من بلاء أم لم يُكشف.
*** تحرى أسباب استجابة الدعاء ، وما يُستحب عند الدعاء :
n الإخلاص فى الدعاء بالقلب واللسان.
n العزم والرغبة فيه فلا نعلق المسألة بالمشيئة كقول القائل اللهم اغفر لى إن شئت ، أو الله يشفيك إن شاء الله أو الله يوفقك أو يسترك إن شاء الله ونحو ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم Ø إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء ، ولا يقولن : اللهم إن شئت فاعطنى فإنه لا مستكره له × رواه البخاري ومسلم
n الإجتهاد فى الدعاء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم Ø أتحبون أن تجتهدوا فى الدعاء ؟ قولوا اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك × رواه أحمد.
n إستقبال القبلة.
n رفع اليدين إلى السماء.
n مواصلة الدعاء وتكراره ، وعدم اليأس من رحٍمة الله.
ففى الصحيح : Ø أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر فدعا ودعا ... ... × رواه البخاري ومسلم.ُ
n ومن الدعاء المستجاب :
/دعاء المضطر ( مثل المريض ) .
/ دعاء الصائم ، والمسافر ، والوالد ، وكذلك دعاء الأم.
/ دعاء المظلوم مطلقا.
( لهذا يجب تجنب ظلم العباد فقد يدعــو الداع وهو ظـالم وغيره يدعــو عليه فيقدَّم دعــاء المظـلوم ويُسـتجاب له فى ظـالمه والمســكين لايشــعر ماهــو السبب وراء عدم استجابة دعائه ).
/ دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب.
/ الدعاء وقت الرخاء.
n تحرى الرزق الحلال وطيب المأكل والمشرب والملبس وعدم أكل أموال اليتامى ظلما ، وعدم التعامل بالربا. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال : Ø هم سواء × رواه مسلم.
فكل من يتعامل بالربا ، وكل من يعين عليه فإنه آثم لإعانته على الحرام ، قال تعالى :
( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
وكذلك عدم التكسب من الأعمال المحرمة ، فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
Ø الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب ... يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذى بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك × رواه مسلم.
n كذلك الأخذ بأسباب النجاح ، بالعمل والاجتهاد مع الدعاء.
n وافتتاح الدعاء وختامه بالحمد لله والثناء عليه وتمجيده بما هو أهل له ، كأن نقول ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) ، وأن نصلى ونسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
***تحرى آداب الدعاء : فبالإضافة إلى ما تقدم فإنه يُستحب :
- الوضوء.
- الصلاة.
- التوسل إلىالله بفضله وسابق رحمته.
- تقديم عمل صالح لوجه الله.
-تخير الداعى إسما من أسماء الله الحسنى يوافق مسألته فيدعو به.
قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )الأعراف.
فمثلا إذا كان يدعو بالمغفرة فيقول ياغفور ، وإذا كان يدعو بالرزق فيقول يارزاق ، وإذا كان يدعو بالستر فيقول ياستير ، وغير ذلك من أسماء الله الحسنى.
- والدعاء بالأدعيه المأثورة عن النبى r ، والواردة فى الكتاب والسنة ( ويجوز الزيادة على الوارد من الدعاء بضوابطه ) .
- خفض الصوت والإعتراف بالذنب.
- التأدب والتذلل والخشوع والمسكنة.
- الإلحاح فى الدعاء.
- عدم الدعاء على النفس والأولاد والخدم والمال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم × رواه مسلم.
- وعدم الدعاء باللعن.
- ولا ندعو بإثم ولا قطيعة رحم.
- ولا بأمر قد فرغ منه وقضى الله فيه أمرا كان مفعولا.
- ولا بمستحيل.
- ولانستعجل الإجابه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لايزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أوقطيعة رحم مالم يستعجل × قيل يارسول الله ما الإستعجال ؟ قالØ يقول قد دعوت وقد دعـوت فلم أر يسـتجيب لى فيسـتحسر عند ذلك ويدع الدعاء × رواه مسلم.
- ونسأل حاجتنا كلها مهما كانت كبيرة أو صغيرة.
- والتأمين على من يدعو.
- وعدم تحجير الدعاء ، فقد أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على الإعرابى الذى دعا فقال : اللهم ارحمنى ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا وقال له :Ø لقد حجرت واسعا × رواه البخاري.
لكون هذا الإعرابى قد بخل برحمة الله الواسعة على خلقه وقد قال الله تعالى ... وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ...) ( محمد.)
وقد يستجيب الله الدعاء بدون أى شروط أو مقدمات فلله الأمر من قبل ومن بعد.
وقد يكون فى إجابة العبد وهو مقيم على معاصى الله استدراج من الله سبحانه وتعالىله نعوذ بالله من استدراجه
|