عرض مشاركة واحدة
قديم 18-03-2004, 04:31 AM   #3
د.سلطان العويضه
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية د.سلطان العويضه
د.سلطان العويضه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4018
 تاريخ التسجيل :  05 2003
 أخر زيارة : 29-10-2013 (06:09 AM)
 المشاركات : 861 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ويسعدني المشاركة بنقل قراءة طالبتي بالأمس وزميلة اليوم الأستاذة هند السليمان في جريدة الرياض يوم الخميس 20 محرم 1425 حول كتابي (إدراكان العقل العربي للعلاج والإرشاد النفسي: إنموذج سعودي)
لعل فيه فائدة إن شاء الله....

" موقف السعوديين من الإرشاد النفسي

هند السليمان

أصدر د. سلطان العويضة كتاباً بعنوان "ادراكات العقل العربي" عن مركز الوحدة العربية (2003) سلسلة أطروحات الدكتوراه. يتناول الكتاب ادراكات العقل العربي نحو الارشاد والعلاج النفسي متخذاً السعوديين نموذجاً للدراسة. يحتوي الكتاب في فصوله الثمانية على جزءين نظري يتناول مفهوم الارشاد وطبيعته ووظائفه بالاضافة الى الارشاد والعلاج في السعودية المعتقدات والمشكلات واساليب العلاج ومدى امكانية تطبيق طرق العلاج الغربي في المجتمع وايضاً الخدمات الارشادية والعلاجية في مؤسسات الصحة النفسية وفي مجال التعليم بالسعودية. اما الجزء التطبيقي فيتناول ادراكات السعوديين للارشاد والعلاج النفسي ومن هنا تم اشتقاق عنوان الكتاب. حيث يستعرض طريقة البحث والنتائج وتفسيرها واخيراً الاستنتاجات والتوصيات والارشادات.
في البداية يناقش ما اذا كان مصطلح الارشاد يختلف عن مصطلح العلاج والتطورات التاريخية للارشاد والعلاج والنظريات الاكثر تطبيقاً في الارشاد والعلاج النفسي ودور المعالج في كل نظرية، لينتقل بعد ذلك الى تقديم خلفية تاريخية وثقافية عن المجتمع السعودي حيث يذكر ان اهم المعتقدات السعودية التقليدية تجاه المرض النفسي هي: التنسيم واضطراب الدم في الجسد والمشكلات الانفعالية والحسد والجن والسحر وبعدها يتعرض لبعض المشكلات النفسية لدى السعوديين والتي ترجع وبشكل اساسي الى ان الثقافة السعودية منظمة وبشكل كبير وتخضع لتأثير اخلاقيات ثابتة وعادات وتقاليد يحترمها الناس. وان مجرد انحراف بسيط عن تلك القوانين هو غير مقبول، والافراد الخارجون عنها يصبحون وبشكل سريع منبوذين.
أما اساليب العلاج النفسي في السعودية فكون المواطن السعودي يقع تحت تأثير ثلاث قوى ثقافية: الاسلام والثقافة العربية والثقافة الغربية ونتيجة لتلك القوى فإن المواطن السعودي يظهر صفتين وهما: الانتقائية والانعزال الداخلي حيث تتضح الانتقائية بكون المريض النفسي بشكل خاص وعائلته انتقائيين، أي ان المريض يتوجه عادة الى المعالجة بالقرآن واذا لم ينجح يتوجه الى المشعوذين واذا لم ينجح يتوجه اخيراً الى الطبيب النفسي. وحتى خلال المعالجة الطبية واذا لم ينجح يتوجه اخيراً الى الطبيب النفسي. وحتى خلال المعالجة الطبية فإن المريض قد يتوقف عن العلاج ويستشير المشعوذ او المعالج بالقرآن. وقد يقضي المريض سنين عمره وهو ينتقل بينهما دون معرفة وضعه وسير علاجه، إلا ان المتعلمين لديهم نظرة او توجه اكثر استقراراً في هذه المسائل. أما الانعزال الذاتي فإن لدى السعوديين التوجه لفصل حياتهم الخاصة عن الحياة المحيطة بهم وانهم بالاستجابة الى المؤثرات الخارجية يتأثرون داخلياً في إطار الاسرة والمعارف مما يشكل عبئاً كبيراً على الاسرة والمعارف فيحاول الوصول الى حلول للمشكلة داخل السعودية او حتى خارجها. وفي حال فشل الاسرة في التعامل مع هذه الامور، علماً ا
ن المرضى السعوديين يتصفون بثلاث صفات هي يرفضون الدواء خوفاً من ان يصبحوا مدمنين وانهم يريدون حلاً سريعاً للمشكلة وانهم يحتاجون الى النصح المباشر كونهم ينتمون الى مجتمع قبلي.
وأخيراً يعرض مدى امكانية تطبيق نظريات العلاج النفسي الغربي في المجتمع السعودي ويقدم مثالاً مقتبساً ان الجراح الباكستاني الذي تدرب في بريطانيا نادراً ما يحتاج الى نوع من التكيف حين اجرائه عمليات جراحية في بلده. انه سيجد نفس نوعية القناة نفس نوعية القلب والكلى بغض النظر عن المعتقد ونوعية الأكل وطريقة التنشئة او الوضع الاقتصادي من جهة اخرى، نجد ان علم النفس متأثر بشكل كبير بالتغيرات الثقافية صحيح ان هناك بعض القوانين النفسية التي من الممكن تطبيقها عبر الثقافات مثل اهمية التعزيز في التعلم ولكن عند تطبيق بعض المبادئ مثل استخدامات التعزيز الايجابي والتعزيز السلبي والطريقة التي تقدم بما تمثل الى حد كبير ظاهرة محكومة ثقافياً بالأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية داخل كل ثقافة.
بعد ذلك ينتقل الى الخدمات الارشادية والعلاجية في السعودية والتي تعد ترجمة للتداخل بين الثقافة السعودية والتحولات الثقافية نتيجة التطورات الدولية في حقل الارشاد والعلاج النفسي فكانت البداية في أواخر الخمسينيات ومن أجل حماية المجتمع السعودي حجز المرضى ذوو الامراض النفسية الشديدة في المورستان وهي مؤسسة في مكة المكرمة حيث كانوا يتلقون خدمات طبية محدودة لدرجة انه لم يقدم لهم الدعم النفسي او الطبي المتخصص. وفي عام 1959عين اختصاصي نفسي من قبل وزارة الصحة للعناية بهؤلاء المرضى وهي الخطوة الاولى في علاج المرضى النفسيين وبعد ذلك جرى نقلهم من مدينة مكة الى مدينة الطائف في عام 1962م حيث تم تأسيس اول مستشفى للأمراض النفسية في السعودية وهو مستشفى شهار للامراض النفسية في مدينة الطائف. وقد بدأ الدكتور اسامة الراضي (وهو اول مدير لهذا المستشفى) اعماله كعضو في مشروع تعاوني مع منظمة الصحة العالمية. وبعد سنوات وتحديداً عام 1992تم احصاء 61مؤسسة صحية نفسية قامت بعلاج ما مجموعه 351897شخصاً. بعدها ينتقل الباحث الى استراتيجية الدراسة الميدانية عارضاً خلالها مشكلة الدراسة والتي ترتكز حول ادراكات الطلبة السعوديين عن الارشاد والعلاج
النفسي، وبشكل محدد الخدمات التي انشئت في السعودية. وبما ان النظرية والاساليب المرتبطة بالارشاد والعلاج النفسي تبدو غريبة المنشأ فهل تكون هذه ملائمة لاحتياجات السعوديين؟ وهل تتماشى مع تقاليد وقيم السعوديين؟ ووفقاً لاعتبارات يذكرها الباحث فقد تم اختيار الطلبة الجامعيين الذين درسوا في الغرب مجتمعاً للدراسة وباستخدام المقابلة والاستبيان توصل الباحث الى النتائج التالية:
أولاً: ادراك الطالب الكلي للارشاد والعلاج النفسي: وفقاً ل 285من الذكور و 27من الطالبات الإناث المنتسبين للدراسة في بريطانيا اظهرت النتائج ان الادراكات حول الارشاد ضبابية من هنا نجد تعبير أحد المقابلين: بالنسبة الى الجيل القديم كانت مفاهيم الارشاد والعلاج النفسي غير معروفة حتى السنوات العشر الاخيرة وهناك فقط عيادة ارشادية في مدينتي. فيما ذكر مقابل آخر: لا استطيع القول بأن هناك ارشاداً في السعودية بالمستشفيات المتخصصة بينما هناك ارشاد للمدمنين على المخدرات الناس ما زالوا بطريقة ما بعيدين عن قبول دور المرشد عامل آخر يؤثر في الادراكات هو الخبرة الحقيقية للارشاد فظهر ان حوالي واحد من كل ستة (او 2من 11) من المقابلين لديهم خبرة شخصية بالارشاد.
أما بقية المقابلين فبينوا خبرة لهم ضمن العائلة. على الرغم ان مستوى الخبرة بالارشاد في المجتمع الطلابي اعلى على اعتبار انها عينة طلبة دراسات عليا. وعلى الرغم من ان غالبية عينة الطلبة كانوا داعمين لفكرة الارشاد إلا ان جزءاً من العينة بقيت غير مقتنعة بصدد الحاجة الى الارشاد. وبعض المستجوبين عبروا عن اهتمامهم بأن الخدمات يجب ان تكون ملائمة للمجتمع السعودي وليس فقط ان تطور اعتماداً على نماذج غربية. ومنهم من يصرح عن الحاجة الى التكامل فمن خلال الحوار مع الدعم الارشادي التقليدي مثل المعالج الديني ناقش أحد المقابلين بأن اصل الارشاد يمكن ان نجده في التقاليد الاسلامية وقال اذا ذهبت الى خط البداية يمكن ان تقول بأن الارشاد طلب النصح.. طلب النصح مهم تقليدياً طلب النصح من الكبار لأنهم اكثر حكمة واكثر تجربة اساس الارشاد موجود في حياتنا اليومية ولكنه لم يوصف كارشاد هذا يمكن ان يكون طريقاً آخر لوضعه في المجتمع مع التأكيد على حقيقة ان يكون المرشد مؤهلاً ومدرباً بشكل جيد ومتخصصاً في الارشاد الاجتماعي والاكاديمي والشخصي. وعند اثارة الانتباه الى الحاجة الى وعي المجتمع بشكل اكبر، ذكر بعض المستجوبين بأن تلك المعلومات حول مصادر الار
شاد في السعودية كانت بعيدة عما هو متوفر بشكل واسع في الغرب لهذا فهم لم يطلبوا المصادر الاكثر وضوحاً. ان البحث في الخدمات الارشادية والعلاج النفسي السعودي يحتاج الى ان يتأكد بأن الناس واعون لما هو متوفر. اما دور المرشد المدرسي فيتحدد بتنظيم رحلات بشكل رئيسي للهيئة التدريبية وبعض الاوقات للطلاب. انه يمثل دوراً ترفيهياً بدلاً من كونه دوراً مساعداً. فأنا لم اذهب ابداً الى مرشد مؤهل في المدرسة يمكن ان يساعد الاطفال في التخلص من مشاكلهم. ان مراجعة الطبيب النفسي والاختصاصي النفسي الاكلينيكي وخصوصاً المرشد المعالج النفسي في القطاع الخاص كانت تتم من قبل الناس الذين هم غير اعتياديين. وهذا العمل لا يتناغم دائماً مع افراد المجتمع السعودي وهذه المناقشة لوعي ومفاهيم الطلاب للارشاد والعلاج النفسي وضحت بأن العينة تدعم بشكل كبير اهمية الاستفادة من الارشاد في مجالات الحياة اليومية ولكن لديها تحفظات حول ما يمكن ان يكون افضل ليترجم للموقف السعودي.
ثانياً: تأثير الثقافة والتقاليد في الادراكات: الصحة النفسية هي اكثر مجال ذوي حساسية ثقافية وبخاصة معالجتها لأنها تخاطب العقل الذي هو جزء من نتاج الثقافة التي تطور منها. ان الطريق الوحيد للاتصال هو من خلال اللغة التي تشتق معانيها من الثقافة التي يعيش فيها المريض. واكثر من ذلك فإن هنالك خطأ واضحاً بين ما يعتبر سلوكاً اعتيادياً وغير اعتيادي. وهناك جانب آخر مشتق ايضاً من الثقافة هو الاتجاهات نحو المرضى النفسيين: فهل يجب ان يعزلوا عن الاعضاء الآخرين للمجتمع، أم انهم جزء من عائلاتهم؟ بالاضافة الى قضية اخرى وهي الحرية التي يتمكن فيها الناس من التحدث عن خبراتهم النفسية والصحية دون ان يكون ذلك واحداً من مجموعة موضوعات محظورة.
ثالثاً: ادراكات الحاجة الى الارشاد: قضية الدين هي واحدة من الاجابات التي تكررت خلال المقابلة والاستبيان. وقد ظهر من اقتراحات المستجوبين بأن هنالك مجموعة من الافكار المترددة حول الارشاد والعلاج النفسي بسبب الاسلام والقرآن الذي يعتبرونه المصدر الاساسي الذي يمكن الرجوع اليه في وقت الصعوبات والمشاكل لقد اعتبرت مثل هذه المشكلات كاختبار لايمان الشخص ويجب ان تعالج بدعم من المصلي والوسيط والقرآن، وربما تعد هذه المشكلة الى مدى معين قضية دينية كانعكاس للاختلافات الحقيقية بين السعوديين وغير العرب الذي ينتج منه اختلافات في المعايير والتوقعات. وبالتأكيد فإن أياً من المستجوبين لا يدعم فكرة ممارسة الضرب لاخراج الارواح من اجساد هؤلاء الذين تتملكهم، على الرغم من ان البعض اعتبر ذلك علاجاً دينياً ويجب ان يطلب للتخلص من مثل هذه المشكلات. واعتبر آخرون ان من الاهمية بأن يكون هناك حوار بين المعالجين (الجدد) وردفائهم الدينيين. والحقيقة ان قضية الحوار بين المجموعتين لا تقتصر على هؤلاء الذين هم تقليديون في تفكيرهم بل ضمت آخرين اكثر تحرراً يصرون على اهمية الاسلام. ومن هنا فقد حدد المستجوبون المرشد المثالي بأنه يجب ان يكون مسلماً ومدربا
ً في برامج موجهة اسلامياً. اما عن ادراكاتهم عن المجالات الملائمة لتدخل المرشدين فكانت متنوعة وغير موحدة على الرغم من ان هنالك دعماً عاماً لخدماتهم كي تكون متوفرة بشكل واسع وليس في القطاع الجامعي والمدارس الثانوية فحسب ولكن في المدارس المتوسطة ايضاً. وعند تحديد المستجوبين لشكل المرشد المثالي اكدوا وبشكل اساسي عن رغبتهم في ان يكون المرشدون الذي يعملون في السعودية من العرب والمسلمين. العنصر الآخر في شكل المرشد المثالي يعود الى قضايا تدريبية وعموماً اقر المستجوبون بفكرة ان تكون اساليب الممارسة والتدريب الارشادي موجهة اسلامياً. هذه الفكرة تكون متطابقة مع النظرة العامة التي اظهرها المستجوبون للارشاد، وهي جزء من الحاجة لزيادة وعي المجتمع بفائدة الخدمات الارشادية والعلاج النفسي. ويفترض لمثل هذه الممارسة ان تتجاوب اكثر من التقاليد الدينية والثقافة السعودية فقبل أنتصبح الخدمات الحديثة متوفرة فإن مثل هذا الارشاد كان يتوفر فقط من خلال شبكات اذاعية غير رسمية للعائلة والاصدقاء ومن الدعم المنظم خلال الدين.