![]() |
|
![]() |
|
![]() |
||||||||
|
||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#46 |
V I P
![]() |
.
{ .. الحديث السابع .. } حديث : الدين النصيحة . بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم. هذا الحديث -حديث تميم الداري- من الأحاديث الكلية العظيمة التي اشتملت على الدين كله، على حقوق الله، وحقوق رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى حقوق عباده، فليس ثَمَّ أجمع في بيان تلك الحقوق من لفظ النصيحة. والنصيحة -هذه فعيلة- من النصح، وأصل النصح في لغة العرب فُسِّرَ بأحد تفسيرين: الأول: أن النصح بمعنى الخلوص من الشوائب والشركة، فيقال: عسل ناصح أو نصوح، إذا لم يَشُبْهُ شيء. وفُسِّرَ -وهو الثاني- فُسِّرَتْ النصيحة بأنها التئام شيئين بحيث لا يكون ثَمَّ تنافر بينهما، فيُعْطَى هذا الصلة بهذا حتى يكون التئام يوافق ما بين هذا وهذا. قالوا: ومنه قيل للخياط: ناصح؛ لأنه ينصح الطرفين، إذ يجمعهما بالخياطة. والنصيحة عُرِّفَتْ -يعني: في هذا الحديث- بأنها: إرادة الخير للمنصوح له، وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعامتهم. أما في الثلاثة الأول، فإن النصيحة -كما ذكرنا- أن تكون الصلة بين الذاتين على التئام، بحيث يكون هذا قد أعطى حق هذا، فلم يكن بينهما تنافر. ومعلوم أن العبد في صلته بربه أن عليه حقوقا كثيرة واجبة ومستحبة، وكذلك في حق القرآن، وكذلك في حق المصطفى -عليه الصلاة والسلام. فقال -عليه الصلاة والسلام-: الدين النصيحة وجعل الدينَ كلَّه النصيحة؛ لأنه -كما سيأتي تفصيله- لأن النصيحة تجمع الدين كله بواجباته ومستحباته، ففسرها بعد ذلك بقوله: قلنا: لمن يا رسول الله ؟ … إلى آخر الحديث. قال بعض العلماء: الدين النصيحة يعني: أن معظم الدين وجُلّ الدين النصيحة، وهذا على أخذ نظائره، كقوله: الدعاء هو العبادة و الحج عرفة وأشباه ذلك. لكن إذا تأملت في كون هذه الأشياء لها النصيحة رأيت أنها جمعت الدين كله، في العقائد، وفي العبادات والمعاملات، وفي حقوق الخلق، وحقوق من له الحق بجميع صوره. قالوا: لمن يا رسول الله ؟ واللام هنا في قولهم: لمن، يعني: للاستحقاق، النصيحة لله، يعني مستحقة، قالوا: لمن؟ يعني: من يستحقها في الدين؟ فأجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم . فاشتملت على أشياء، على أمور: الأول: النصيحة لله: وهي كلمة جامعة لأداء حق الله -جل وعلا- الواجب والمستحب، فحق الله الواجب هو الإيمان به، بربوبيته وإلهيته، وبأسمائه وصفاته، إيمان بأنه هو الرب المتصرف في هذا الملكوت وحده، لا شريك له في ربوبيته، ولا في تدبيره للأمر، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد سبحانه وتعالى. والنصيحة لله في ألوهيته أن يُعْطَى الحق الذي له في ألوهيته، وهو أن يُعْبَد وحده بجميع أنواع العبادات، وألا يُتَوَجَّه لأحد بشيء من العبادات إلا له -سبحانه وتعالى-، كل عبادة تُوُجِّه بها إلى غير الله -جل وعلا- فهي خروج عن النصيحة لله -جل وعلا-، يعني عن أداء الحق الذي له سبحانه وتعالى. وفي الأسماء والصفات النصيحة لله -جل وعلا- أن نؤمن بأنه -سبحانه- له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، وأنه لا سَمِي له، ولا ند له، ولا كفوَ له، كما قال -جل وعلا-: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } . وكما قال -جل وعلا-: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } . وكما قال -جل وعلا-: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } إلى غير ذلك من الآيات. فيعتقد المسلم أن الله -جل وعلا- له ما أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى، ومن الصفات العلا، وأنه في أسمائه وفي صفاته ليس له مثيل، كما أخبر عن نفسه بقوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } . فالغلو في الصفات بالتجسيم ترك للنصيحة الواجبة، والتفريط فيها، والجفاء بالتعطيل ترك للنصيحة الواجبة، والنصيحة بالتئام ما بينك وبين الله -جل وعلا- في شأن أسمائه وصفاته أن تثبت له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، من غير تمثيل ولا تعطيل، ومن غير تحريف ولا تأويل يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله جل وعلا. أيضا من النصيحة لله -جل وعلا- أن يُحَبَّ -جل وعلا-، وأن يُتَّبَع أمره، وأن تتبع شريعته -جل وعلا-، وأن يصدق خبره -جل وعلا-، وأن يقبل عليه المرء بقلبه مخلصا له الدين. فالإخلاص في الأقوال والأعمال حق الله -جل وعلا-، والذي يقع في قلبه غير الله في الأعمال -من جهة الرياء أو من جهة التسميع- ما أدى الذي لله -جل وعلا-. وهناك -أيضا- أشياء مستحبة لله -جل وعلا- من مثل أن -يعني في حق الله -جل وعلا- من مثل ألا يقوم بالقلب غيره -جل وعلا-، فيُزْدَرَى الخلق في جنب الله -جل جلاله-، وأن يراقب الله -جل وعلا- دائما في السر والعلن، فيما يأتي وما يذر من الأمور المستحبة، وأن يستحضر مقامه بين يدي الله -جل وعلا- دائما في الآخرة، ونحو ذلك مما يدخل في المستحبات؛ فإن النصيحة فيه لله -جل وعلا- مستحبة، فهي منقسمة إلى ما أوجبه الشرع في حق الله، فيكون واجبا، وما كان مستحبا، فيكون من النصيحة المستحبة. يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#47 |
V I P
![]() |
عن أمير المؤمين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، و من كانت هجرته إلى دنيــًا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه الشيخان .. ********** عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه ثم سأله فقال :( يا محمد أخبرني عن الإسلام) قال ( أن تشهد ألا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله و تقيم الصلاة و تأتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله و يصدقه .. قال ( فأخبرني عن الإيمان ) قال : ( الإيمان أن تـؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و تؤمن بالقدر خيره و شره ) قال : صدقت ،قال فأخبرني عن الإحسان قال :( الإحسان أن تعبد الله كأنه يراك فإن لم تكن تراه فإنه يراك) قال فأخبرني عن الساعة قال ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) قال : فأخبرني عن أمارتها قال ( أن تلد المرأة ربتها و أن تجد الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ) فمضى ، ثم لبث مليــًا و قال : ( يا عمر أتدري من السائل ؟) قلت : الله و رسوله أعلم قال ( هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم ) ********** عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى عليه و سلم يقول :( بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله و إيقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت ) ********** عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق فقال :( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقة ً مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيأمر بكتابة أربع : كتب رزقه و أجله و عمله و شقي هو أم سعيد . فوالله الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ********** عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري و مسلم و في لفظ مسلم ( من عمل عملا ً ليس عليه أمرنا فهو رد ) |
![]() |
![]() |
#48 | |
V I P
![]() |
اقتباس:
أخي الكريم : وائل جزاك الله جنات النعيم على مشاركتك ,, وبالنسبة للأحاديث غالبها صحيح ماعدا ماللون بالأحمر فهذا تصحيح وماتحته خط فهو زيادة ,, طبعاً التصحيح تم بناء على الرواية المقرر حفظها وإلا هناك روايات أخرى لنفس الأحاديث ,, وفقك الباري لكل خير ونفع بك الإسلام والمسلمين ,, |
|
![]() |
![]() |
#50 | |
V I P
![]() |
اقتباس:
آمين وإياكِ ,, ويسعدنا متابعتكِ ونتمنى كذلك مشاركتك ,, وفقكِ الباري ,, |
|
![]() |
![]() |
#51 |
V I P
![]() |
قال: وكتابه يعني: النصيحة مستحقة للكتاب، وهو القرآن، ومعنى ذلك أن يُعْطَى القرآن حقه، وهو أن يُوقَن بأن كلام الله -جل وعلا-، تكلم به -سبحانه وتعالى-، وأنه آية عظيمة، وأعظم الآيات التي أوتيها الأنبياء، وأنه الحجة البالغة إلى قيام الساعة. وأن هذا القرآن فيه الهدى والنور { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } . وأن حكمه واجب الإنفاذ، ما أمر الله به في القرآن وجب إنفاذه، وما نهى عنه وجب الانتهاء عنه، وما أخبر به -سبحانه- فيه وجب تصديقه، وعدم التردد فيه، إلى غير ذلك ممَّا يستحقه القرآن. وأيضا من الحقوق المستحبَّة والنصيحة المستحبة للقرآن أن يُكثر من تلاوته، وألا يهجره في تلاوته وتدبره، وفي العلاج به، وأشباه ذلك مما جاءت به السنة في حق القرآن. فهذا من التواصل ما بين ذي النصيحة -وهو العبد المكلَّف- وما بين القرآن؛ فإن النصيحة التحام واجتماع فيما بين هذا وهذا، ولا يكون الاهتمام إلا بأداء الحق، وهذا الحق على العبد للقرآن على نحو المعنى الذي أسلفت. كذلك النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- تكون بطاعته -عليه الصلاة والسلام- فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نَهَى -عليه الصلاة والسلام- وزجر، وألا يُعْبَد الله إلا بما شرع رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يؤمن العبد بأنه -عليه الصلاة والسلام- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل دعوة للرسالة بعده -عليه الصلاة والسلام- كذب وزور وباطل وطغيان، وأنه -عليه الصلاة والسلام- هو الذي يطاع { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } . وأنه يُحَب -عليه الصلاة والسلام- لأمر الله -جل وعلا- بذلك، ولما يستحقه -عليه الصلاة والسلام- من المحبة الواجبة،{ وأن تُقَدَّمَ مَحَابُّه } على مَحَابّ العبد، ونحو ذلك من النصيحة التي هي -أيضا- منقسمة إلى واجبة ومستحبة. قال: ولأئمة المسلمين وعامتهم والنصيحة لأئمة المسلمين أن يُعْطَوا حقهم الذي أعطاهم الله -جل وعلا-، وبينه -تعالى- في الكتاب، وبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة؛ من طاعتهم في المعروف، وعدم طاعتهم في المعصية، وأن يجتمع معهم على الحق والهدى، وعلى ما لم نعلم فيه معصية، وأن تؤلف القلوب لهم، وأن يُجْتَمع عليهم، وأن يُدْعَى لهم، وهذا يشمل الحق الواجب والحق المستحب. وأن يُتْرَك الخروج عليهم بالسيف طاعة لله -جلَّ وعلا- وطاعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يبايع ولي الأمر المسلم، وألا يموت المرء، وثمَّ والٍ مسلم، وليس في عنقه بيعة له، وأن يأتمر إذا أمره بما ليس بمعصية، وأن ينتهي إذا نهاه عن غير الطاعة، يعني: ما كان من قبيل الواجبات، فإن أمره بخلافها لا يُطاع فيه، وإذا أمر بمعصية لا يُطاع فيه، وما كان من قبيل المستحبات والاجتهادات -يعني ما يدخله الاجتهاد- فإنه يُتْرَك الرأي لما يراه الإمام المسلم؛ لأن في ذلك مصالح العباد والبلاد، كما قرره أهل العلم في هذا الموضع. أيضًا من النصيحة لهم أن تبذل النصح لهم، بمعنى النصح الذي يعلمه الناس، بأن تنبههم على ما يخطئون فيه، وما يتجاوزون فيه الشرعية لمن وصل له، وهذه المرتبة -كما قال ابن دقيق العيد في شرحه وغيره-: هذه فرض كفاية تسقط بفعل البعض من أهل العلم ونحوهم. فحق ولي الأمر المسلم أن يُنْصَح، بمعنى أن يُؤْتَى إليه، وأن يُبَيَّن له الحق، وأن يُبَصَّر به، وأن يوضح له ما أمر الله -عز وجل- به، وما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن يُعان على الطاعة، ويسدد فيها، ويُبَيَّن له ما قد يقع فيه من عصيان أو مخالفة للأمر. وهذه النصيحة الخاصة لولاة الأمر جاءت لها شروط وضوابط معلومة في شروح الأحاديث، ومن أمثل من تكلم عليها في هذا الموضع ابن رجب -رحمه الله- في "جامع العلوم والحكم" وساق عن ابن عباس وعن غيره أنواعا من الآداب والشروط، التي ينبغي للناصح أن يتحلى بها إذا نصح ولي الأمر المسلم. فمن ذلك أن تكون النصيحة برفقٍ، وسهولة لفظ؛ لأن حال ولي الأمر -في الغالب- أنه تعزّ عليه النصيحة، إلا إذا كانت بلفظ حسن، وهذا ربما كان في غالب الناس أنهم لا ينتصحون -يعني: لا يقبلون النصيحة- إلا إذا كانت بلفظ حسن. وقد قال -جل وعلا- لموسى وهارون: { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } . فمن الآداب والشروط في ذلك أن تكون النصيحة بلفظ حسن؛ لأنه ربما كان اللفظ خشنا، فأداه ذلك إلى رفض الحق، ومعلوم أن الناصح يريد الخير للمنصوح له. كما قال أهل العلم في تفسير النصيحة: أنها إرادة الخير للمنصوح له. فكلما كان السبيل لإرادة الخير للمنصوح له فإنه يؤتى. ومن الشروط في ذلك أن تكون النصيحة لولي الأمر سرًّا وليست بعلن؛ لأن الأصل في النصيحة بعامة -لولي الأمر ولغيره- أن تكون سرا، بخلاف الإنكار كما سيأتي عند شرح أبي سعيد الخدري: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن الأصل في الإنكار أن يكون علنا، وأن الأصل في النصح أن يكون سرا. فالنصيحة لولي الأمر يجب ويشترط لكونها شرعية أن تكون سرا، بمعنى: أنه لا يعلم بها من جهة الناصح إلا هو، وألا يتحدث بها بأنه نصح وعمل وكذا؛ لأنه ربما أفسد المراد من النصيحة بذكره، وصعب قبول النصيحة بعد اشتهار أن ولي الأمر نُصِح، وأشباه ذلك. وعلى هذا جاء الحديث المعروف الذي صحَّحه بعض أهل العلم، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن ليخْلُ به، وليدْنُ منه، فإن قبل منه فذاك، وإلا فقد أدَّى الذي عليه . وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- هل أُنْكِر على الإمام علنا؟ فقال: لا، بل دَارِهِ بذلك سرا. وفي صحيح البخاري -أيضا-: أن أسامة بن زيد جاءه جماعة، وقالوا له: ألا تنصح لعثمان؟ ألا ترى ما نحن فيه؟ فقال: أما إني لا أكون فاتح باب فتنة وقد بذلته له سرا أو كما جاء عن أسامة بن زيد في صحيح البخاري. فدل ذلك على اشتراط أن تكون النصيحة سرا، وهذا من حقه، إلى غير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الموضع. يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#52 |
V I P
![]() |
.
والنصيحة لعامة المسلمين أما لفظ "ولي الأمر" فإنه في الأصل أن ولي الأمر يُعْنَى به الإمام العام للمسلمين؛ لأن ولاة الأمر في عهد الخلفاء الراشدين، وفي عهد معاوية، لأن ولاة الأمر في ذاك الزمان كانوا يجمعون بين فهم الدنيا وفهم الشريعة. وأما بعد ذلك فقد قال العلماء: إن ولاة الأمر كلًّا فيما يخصه، هم العلماء والأمراء؛ الأمراء في الأمر العام الذي يتعلق بأمور المسلمين العامة، والعلماء في أمر دين الناس، فهذا حصل تفسير بأن ولاة الأمر يُعنَى بهم هذا وهذا؛ لأنه صار الأمر فيما بعد أنه تولى الأمر مَن ليس بعالم لما شاع الملك في عهد بن أمية، ثم في عهد بني العباس، فما بعد ذلك. فالنصيحة الأئمة المسلمين المقصود بهم في الحديث الأئمة الذين يلون الأمر العام، أما أئمة الدين فإنهم -أيضا- لهم نصيحة، ولهم الحق، والنصيحة لهم -يعني العلماء- أن تحبهم لأجل ما هم عليه من الدين، وما يبذلون للناس من العلم والخير، وأن يُنصَروا فيما يقولونه من أمر الشريعة، وفيما يبلغونه عن الله -جل وعلا-، وأن يُذَبَّ عنهم، وعن أعراضهم، وأن يحبوا أكثر من محبة غيرهم من المؤمنين؛ لأن الله -جل وعلا- عقد الولاية بين المؤمنين بقوله: { يعني: بعضهم يحب بعضا، وينصر بعضا، ومن المعلوم أن أعلى المؤمن إيمانا هم الراسخون في العلم، أو هم أهل العلم العاملون به، كما قال -جل وعلا-: { فالنصيحة لأهل العلم أن يُحَبُّوا، وأن يذب عن أعراضهم، وأن يؤخذ ما ينقلونه من العلم، وأن ينصروا فيما نصروا فيه الشريعة، وأن تُحْفَظ لهم مكانتهم وسابقتهم، ونشرهم للعلم، ونشرهم للدين، وهذه كلها حقوق واجبة لهم؛ لأن لهم في الملة مقاما عظيما، وإذا طُعِنَ في أهل العلم، أو لم تُبْذَل لهم النصيحة الواجبة بهذا المعنى، فإن ذلك يعني أن الشريعة تضعف في الهيبة في نفوس الناس؛ فإنه إذا نِيلَ من العالم، أو لم يُنْصَر، ولم يُحْتَرم فإن الشريعة تضعف في نفوس الناس، فإنه إنما ينقلها أهل العلم. وأما النصيحة لعامة المسلمين فهي إرشادهم لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، لما فيه صلاحهم في دنياهم وفي آخرتهم. هذا جماع النصيحة للمؤمنين، بأن يحبوا في الله، وأن ينصروا في الحق، وأن يتعاون معهم على الخير والهدى، وألا يتعاون معهم على الإثم والعدوان، وأن يُبيَّن لهم الحق، وينصحوا فيه، ويرشدوا إلى ما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم، بأنواع النصح بالقول والعمل، وأن ينكر عليهم المنكر إذا واقعوه لحق الله -جل وعلا- وأنهم إذا رئي أنهم يحتاجون إلى عقاب شرعي أو تعزير -يعني بحد أو تعزير- فإنه يرحمهم بذلك، فإن هذه الأمور مبناها على الرحمة. فالنصيحة لعامة المسلمين أن تَبْذُل وتحكم فيهم بشرع الله، وأن تعطيهم حقهم، وأن تلزمهم بأمر الله -جل وعلا- إذا كانوا تحت يدك، وهذا على قدر الاستطاعة. ثم إنه إذا حصل منهم ضدُّ ذلك فيُسْعَى فيهم بما يصلحهم، وما فيه سعادتهم وإرشادهم بالبيان، أو بالإلزام بحسب الأحوال. وكل حق للمسلم على المسلم يدخل في النصيحة لعامة المسلمين، فكلمة النصيحة إذن -كما ترى- كلمة جامعة دخلت فيها جميع الحقوق الشرعية لله، وللكتاب، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولأئمة المسلمين ولعامتهم، فهي كلمة عظيمة جامعة، جمعت الحقوق جميعا لما فيه خير الدنيا والآخرة للناصح، يعني للذي قام بالنصيحة، فكل مفرط في أمر من أمر الله فقد فرط في شيء من النصيحة الواجبة. والله المستعان. إنتهى شرح الحديث السابع ,, |
![]() |
![]() |
#53 |
V I P
![]() |
{ .. الحديث الثامن .. } حديث : أمرت أن أقاتل الناس وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: هذا الحديث -حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قوله: فأمر الله -جل وعلا- بالقتال حتى تُلْتَزم الشريعة، وهذا لا يعني أنه يُبْتَدأ بالقتال؛ بل هذا يكون بعد البيان، وبعد الإنذار، فقد كان -عليه الصلاة السلام- لا يغزو قوما حتى يؤذنهم، يعني: حتى يأتيهم البلاغ بالدين، فقد أرسل -عليه الصلاة والسلام- الرسائل المعروفة إلى عظماء أهل البلاد فيما حوله، يبلغهم دين الله -جل وعلا-، ويأمرهم بالإسلام، أو فالقتال، وهذا ذائع مشهور. إذن فقوله -عليه الصلاة والسلام-: الجواب: هذا في حق المشركين؛ ولهذا حمل طائفة من أهل العلم أن الناس هنا هم المشركون الذين لا تُقْبَل منهم الجزية، ولا يقرون على الشرك. أما أهل الكتاب، أو من له شبهة كتاب، فإنه يُخيَّر، أهل تلك الملل ما بين المقاتلة -يعني: بين القتال- أو أن يُعطُوا الجزية، حتى يكونوا في حماية أهل الإسلام، يعني: أنهم تدخل البلد، ويكون هؤلاء رعايا لدولة الإسلام، وبذلك لا يقتلون. وهذا في حق أهل الكتاب واضح؛ فإن أهل الكتاب مخيَّرون بين ثلاثة أشياء: إمَّا أن يسلموا، فتُعْصَم دماؤهم وأموالهم. وإما أن يُقَاتَلُوا حتى يظهر دين الله. وإما أن يرضوا بدفع الجزية، وهي ضريبة على الرءوس، مال على كل رأس، فيبقوا رعايا في دولة الإسلام، ويسمون أهل الذمة. يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#54 |
V I P
![]() |
.
قوله -عليه الصلاة والسلام-: المقصود بالشهادة هنا شهادة لا إله إلا الله، يعني: أن يقولوا: لا إله إلا الله، فأول الأمر أنه يُكَفّ عن قتالهم بأن يقولوا هذه الكلمة، وقد يكون قالها تعوذا، فتعصمه هذه الكلمة حتى يُنْظر عمله، ومعلوم في الصحيح قصة أسامة، وقصة خالد، حيث قتل من قال لا إله إلا الله، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- القاتل، قال: فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟ قال: ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: { فتبين بهذا أن قوله: معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها. قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال. فقالوا: دل قوله: فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين. لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى. أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك. فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#55 |
V I P
![]() |
.
ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟ قال: ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: ![]() ![]() فتبين بهذا أن قوله: معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها. قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال. فقالوا: دل قوله: فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين. لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى. أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك. فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلاة، يمتنع يعني يقول: لا أؤديها. أما الذي لا يلتزم، بمعنى يقول: أنا غير مخاطب. فسواء كان فرد أو جماعة، فإنه كافر، ليس له حق، ولا يُعْصَم ماله ولا دمه. لكن الذي يمتنع عن الأداء، مع التزامه بذلك، فاختلفوا: هل يُقْتَل تارك الصلاة؟ والصحيح فيها أن لا يُقْتَل حتى يستتيبه إمام أو نائبه، ويتضايق وقت الثانية عنها، ويؤمر بها ثلاثا، ثم بعد ذلك يقتل مرتدا على الصحيح. فاختلفوا أيضا في المانع للزكاة هل يُقْتَل؟ على روايتين عند الإمام أحمد، وعلى قولين -أيضا- عند بقية العلماء، يعني قوله: أنه يقتل، والثاني لا يقتل في الفرد الذي يمتنع عن أداء الزكاة. وهكذا في سائر الأحكام والصوم والحج، ثَمَّ خلاف بين أهل العلم فيمن تركه، هل يُقْتَل؟ يعني: وأصر على الترك، ودعاه الإمام وقال: افعل، هل يقتل أو لا يقتل؟ اختلفوا في هذا كله بما هو مبسوط في كتب الفروع، ومعروفة. يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#56 |
V I P
![]() |
.
قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك: دَلَّ على أن الكافر مباح المال، ومباح الدم، وأن ماله -وهو الحربي- أن ماله مباح، يعني: لا شيء في سرقة مال الحربي، وهو من بينك وبينه حرب، تحاربه، فوجدت شيئا من ماله، فلا له لا يحرم ماله؛ لأنه قد أُبِيحَ دمه، وأبيح ماله بالتبع، بخلاف المعاهد والمستأمن، أو من خانك؛ فإنه لا يجوز أن تعتدي على شيء من أموالهم، حتى ولو كان غير مسلم، إلا إذا كان حربيا. يعني: أن المستأمن والمعاهد والذِّمي -ولو خانوا في المال- فإنه لا يجوز التعدي على أموالهم، وإذا لم يخونوا من باب أولى؛ لأنهم لم يُبَحْ مالهم، وقد جاء في الحديث: أما مَن ليس كذلك -يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة- فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل. وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث ابن عباس المعروف: قال: حق الإسلام: يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخواننا، فتحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني: إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله -جل وعلا- في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: قال: هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول: نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله -جل وعلا- كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله -جل وعلا. بهذا نقول: الكفر كفران: كفر رِدّة : تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم. وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم. إنتهى شرح الحديث الثامن ,, |
![]() |
![]() |
#57 | |||
V I P
![]() |
يتبعـ ,, |
|||
![]() |
![]() |
#58 |
V I P
![]() |
.
مثلا: قال -عليه الصلاة والسلام-، أو جاء في -مثلا- في الحديث، الحديث الذي رواه البخاري: يعنى: هو عبادة، أو هو أدب لشرط من شرائط العبادة وهو اللباس؟ هو أدب، ألا يكف ثوبا، ألا يكف شعرا هذا أدب، ولهذا ذهب عامة أهل العلم -إلا عدد قليل- ذهبوا إلى أن النهي هنا للكراهة، فلو صلَّى وهو كافٌّ ثوبه، أو وهو عاقص شعره، فالصلاة صحيحة، ولا إثم عليه، ولو كان النهي للتحريم لصارت الصلاة فاسدة كنظائرها. مثل الأوامر: لكن الجمهور هنا قالوا: هذا أدب، كل بيمينك، فلما كان أدب صار الأصل فيه أنه للاستحباب، و"كل مما يليك" الأصل فيه أنه للاستحباب. ولهذا ترى في كثير من كتب أهل العلم يقول: النهي هذا للكراهة؛ لأنه من الآداب، والأمر للاستحباب؛ لأنه من الآداب، فيجعلون من الصوارف كون الشيء من الآداب، وهذا مهم. قال -عليه الصلاة والسلام- هنا: قال: ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ لأن الأوامر كثيرة، ليست مثل المنهيات، ومنها ما قد لا يستطيعه العبد، ولهذا جاءت القواعد -بناء على هذا الحديث-: "لا واجب مع العجز". يعني: أن المرء إذا عجز عن الشيء فلا يجب عليه، كما جاء في حديث عمران: فهنا يأتي ما استطاع، وقد قال -جل وعلا-: { وقال -جل وعلا-: { وقال -جل وعلا-: { إذن دلنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: هنا اختلف العلماء في مسألة يطول الكلام عليها: هل منزلة النهي أعظم، أو منزلة الأمر؟ يعني: هل الانتهاء عن المنهيات أفضل، أم فعل الأوامر والإتيان بها الأفضل؟ تنازع العلماء في هذا على قولين:- القول الأول: أن الانتهاء عن المنهيات أفضل من فعل الأوامر، واستدلوا عليه بأدلة منها هذا الحديث، بأنه أمر بالانتهاء مطلقا، وقالوا: الانتهاء فيه كلفة؛ لأنها أشياء تتعلق بشهوة المرء، و وقال جماعة: بل الأمر أفضل، يعني: امتثال الأمر أفضل وأعظم منزلة، واستدلوا عليه بأدلة منها: أن آدم -عليه السلام- أُمِرَتْ الملائكة بالسجود له، فلم يسجد إبليس، يعني: لم يمتثل الأمر، فخسر الدنيا والآخرة، فصار ملعونا إلى يوم يبعثون، وثم هو في النار أبد الآبدين، وهذا لعظم الأمر. قالوا: وآدم أكل من الشجرة التي نهي عنها، فغُفِرَ له بذلك، فهذا أمر بالأمر فلم يمتثل فخسر، ذاك فعل المنهي عنه ثم أعقبته توبة. وهذا القول الثاني هو الأرجح والأظهر في أن فعل الأوامر أعظم درجة، وأما المنهيات ارتكابها فإنه على رجاء الغفران، أما التفريط في الأوامر -يعني الواجبات الشرعية، الفرائض والأركان ونحو ذلك- فهذا أعظم وأعظم مما نهى الله -جل وعلا- عنه، مع ارتباط عظيم بين هذا وهذا. وهذا يفيدنا في تعظيم مسألة الأمر، وأن الأمر في تعليق العباد به أعظم من تعليقهم بترك المنهي، خلاف ما عليه كثيرون -مثلا- من الدعاة وغيرهم والوعاظ، في أنهم يعظمون جانب المنهي عنه في النفوس الناس، وينهونهم عنه، ويفصلون في ذلك، ولا يفصلون لهم في المأمورات، ولا يحضونهم عليها، وهذا ليس بجيد؛ بل أمر الناس بما أمر الله -جل وعلا- به وحضهم على ذلك هذا أولى -يعني أرفع درجة- مع وجوب كلٍّ من الأمرين في البيان على الكفاية. يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
#59 |
V I P
![]() |
.
قال: قد جاء في الحديث: جاء -أيضا- في صحيح مسلم أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: فكثرة المسألة لا تجوز، قد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يسألون النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانت مسألتهم قليلة كلها في الفرائض، وكانوا يفرحون بالرجل يأتي من البادية ليسأل وليستفيدوا. وهذا من الأدب المهم الذي يُلْتَزَم به؛ فإن كثرة المسائل ليست دالة على دِين، ولا على ورع، ولا على طلب علم؛ وإنما ينبغي على طالب الحق، وصاحب الدِّين والخير أن يُقلَّ المسائل ما استطاع، وقد قال -جل وعلا-: ![]() ![]() فالسؤال عن أشياء لم يأتِ فيها تنزيل هذا ليس من فعل أهل الاتباع، بل يُسأل عمَّا جاء به التنزيل؛ لأن الله -جل وعلا- في هذه الآية قال: ![]() ![]() فدلَّ على أن السؤال -إذا كان متعلقا بفهم القرآن، ويتبعه فهم السنة- فإن هذا لا بأس به، أما أن تكثر المسائل في أمور ليس وراءها طائل، فهذا مما ينبغي تركه واجتنابه. وقد قال هنا -عليه الصلاة والسلام-: وأنت تلحظ هذا، الذين يكثرون السؤال يكثر عندهم الخلاف، ولو أخذوا بما عليه العمل، وما تعلموه وعملوا به، وازدادوا علما بفقه الكتاب والسنة لحصلوا خيرا عظيما، أما كثرة الأسئلة تؤدي إلى كثرة الخلاف. فلهذا ما يُسْكَت عنه ينبغي أن يظل مسكوتا عنه، وألا يُحَرَّك، إلا فيما كان فيه نص، أو تتعلق به مصلحة عظيمة للمسلمين، فيُسْكَت لا يُحَرَّك عن شيء؛ لأنه ربما لو حُرِّكَ بالسؤال لاختلف الناس ووقعت مصيبة الاختلاف والافتراق، وهذا ظاهر لكم في بعض الأحوال والوقائع، في التاريخ القديم والحديث. نقف عند هذا، وأسأل الله الكريم لي ولكم العلم النافع، والعمل الصالح، نعوذ بالله أن نَزِلّ أو نُزَل، أو نضل أو نضل، أو نجهل أو يُجْهل علينا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. إنتهى شرح الحديث التاسع ,, |
![]() |
![]() |
#60 |
V I P
![]() |
.
{ .. الحديث العاشر .. } حديث: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " وقال تعالى: { ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب له " رواه مسلم. هذا الحديث -أيضا- من الأحاديث التي قيل فيها: إنها أصل من أصول الدين، يعني: أن كثيرا من الأحكام تدور عليها. وهذا الحديث فيه الأمر بالأكل من الطيب، وأنه سمة المرسلين، وسمة المؤمنين بالمرسلين، وأثر ذلك الأكل الطيب من الحلال على عبادة المرء، وعلى دعائه، وعلى قبول الله -جل وعلا- لعمله، فقَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وقوله: فالله -سبحانه- طيب بما يرجع إلى ذاته، وإلى أسمائه، وإلى صفاته -جل وعلا- ومن أوجه كونه طيبا أنه -جل وعلا- هو المستحق للعبادة وحده دونما سواه، وهو المستحق لأنْ يسلم المرء وجهه وقلبه إليه -سبحانه- دونما سواه. ولكونه -جل وعلا- طيبا لا يقبل إلا طيب، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ومعنى قوله: يعني: أن العمل قد يقع مُجْزئًا ولا يكون مقبولا، كما جاء في الحديث: و فتقرر أن كلمة "لا يقبل" هذه تتجه إلى نفي أصل العمل، يعني: إلى إبطاله، كما في قوله: هذه فيه إبطال العمل إلا بهذا الشرط، وقد تتجه إلى إبطال الرضا به، أو الثواب عليه، فهذه ثلاثة أقسام. هنا فقال: يتبعـ ,, |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|