نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   ملتقى الأدب (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=49)
-   -   الكوميديا الجنية .. قصة قصيرة بقلمي (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=92827)

"الفارِسة" 16-01-2014 06:36 PM

الكوميديا الجنية .. قصة قصيرة بقلمي
 
السلام عليكم و رحمة الله ..

القراء الأعزاء في منتدى نفساني، هذه أول قصة قصيرة كتبتها في حياتي، كانت تقريبًا قبل نصف سنة .. لعل الكثيرين يختلفون معي في مضمونها .. و لكنها كانت من واقع تجربة .. و عليه فأريد أن أنبّه على أمور. أولا، السّخرية ليست موجَّهة إلى الرقية الشرعية أو إلى جميع المشايخ القرّاء .. بل على من يمارسها ممارسة دجل و تكسّب و هو حاصل بكثرة. ثانيًا، أردت أن أذكر أن موضوع التلبّس أو المسّ مسألة خلافية قديمًا بين العلماء، و اتسع الخلاف مع تطوّر الطبّ النفسي في العصر الماضي .. و أنا حقيقة ممن لا يميلون كثيرًا إلى القول بالتلبّس، كون الأعراض متشابهة بين الممسوس و المريض النفسي .. هذا آخر ما توصّلتُ إليه ببحثي و قراءتي المتواضعتين.

بعد هذه المقدمة، أقدّم لكم القصة، و هي من الأدب الساخر .. و كما قلتُ مستوحاة من تجربتي مع مرض الفصام. قراءة ممتعة :)

***
اجتمع نفرٌ من الجنِّ في ديوانٍ يومًا، فتذاكرا متاعب الحياة و مشاغل العمل، إلى أن غشيتهم غمامة الحزن و الضّجر، فقال أحدهم: “ما رأيكم لو يحدثنا واحد منكم عن موقفٍ ظريفٍ اتّفق له عسى أن تتبدّد عنّا سحابة الشّتاء!” فنهض أخفّهم ظلًّا و أطرفهم فكاهةً فقال: “و أيُّ شيء أدعى للضحك، و أطرد للكآبة من بني آدم! ذاتَ مرة كنتُ في الحمّام أتنزّه، ثم بعد أن قضيتُ وطري، و بينما أنا أتمشّى إلى غرفة خالد، أتمتم أغنيتي المفضّلة، ناسيًا همومي، مقبلًا على الحياة، فتحتُ الباب، فإذا الرجل طريح وحيد في داره، قد استجمع كل صوته للصراخ، و فرّق كلّ شعره بالشّدّ، و هو على ذلك يركل ركلًا شديدًا، و يشهق شهيقًا كثيرًا، و ترى جذع جسده يعلو و يهبط كسمكة أُخرجت من البحر! فقلتُ في نفسي ‘يا ساتر! أيُّ شيء أصاب هذا الرجل! عافانا الله!’”

“أكمل أكمل ماذا حدث بعد هذا!” رد المجلس.

“جاءت العائلة من أبٍ و أمٍ و إخوان حتى شكَّلوا سياجًا حوله، إلا الأم طبعًا، كانت في شُغُلٍ بالبكاء و العويل “ابني ماذا حل بابني!”

في بادئ الأمر انشلّت العائلة عن الحركة، ثم أخذ أخوه الأكبر يحاول أن يهدئه و لكن بلا جدوى، أبوه حاول أن يمنعه من الركل فأخفق، حتى سُقط في أيديهم، هنا أفاقت الأم على فكرة، أن تتصل بوالدتها! تسابقت خطواتها إلى الهاتف لتتصل بأمها، “يما أدركيني! ولدي لا أدري ما أصابه، غادر عن الغداء مسرورًا فانقلب علينا الآن مسعورًا!” ثم طفقت تخبرها عن الأعراض فردّت عليها، بلا جمجمة، و لا إحجام، و لا تردّد. “يا بنتي أيش بكِ أنتِ، الله يخلف عليكِ، الأمر لا يحتاج إلى فضل ذكاء، ولدنا قد تلبسه جنِّيٌّ!” هنا أنا استغللتُ الفرصة في خضمِّ هذا الصراخ و العويل لأستلقي على قفاي كهذا الولد، هو مصروعٌ من المرض، و أنا مصروعٌ من الضحك!”

ارتجف المجلس بالقهقهة حينها، “هؤلاء معشر الإنس، كلّ شيء أرادوا أن ينجوا من تبِعاتِه، و يرتاحوا من التفكير به، و يطمئنوا من العجز عن تفسيره، ألقَوه علينا!” “تابع أرجوك!”

تابع الظريف: “كان الولد لا يزال في هيجانه، حين جاءت الوالدة و نقلت لهم تشخيص الجدة المطمئنْ، فالكل احترم مقام هذه الجدة، و امتثل لتشخيصها، “يبا أتذكر الشيخ أبا وائل الذي قابلوه في أكثر من برنامج تلفزيوني، هو قارئ معتمد عندنا في الكويت!” رد الأب: “يا ابني ماذا تنتظر! ابحث عن رقمه ثم اتصل به بسرعة!” و بالفعل هذا ما حصل، فقد طلّ علينا الشيخ أبو وائل، كث اللحية، قصير الثوب، متجهم الوجه، فقال بصوتٍ مُثلَّج، “أروني مريضكم”، ثم أخذ يقرأ عليه بعض الآيات القرآنية المعروفة، و هو يضرب على رأسه بإصبعه كما يضرب الهدهد جذع الشجرة بمنقاره، هاتفًا: “اخرج يا عدوّ الله!”

ارتجَّ المجلس بالضحك مرة أخرى، “و أصبحنا من أعداء الله أيضًا!” “ثم ماذا حصل؟”

“ثم ماذا! أفتى شيخنا أبو وائل أن به ستة من الجنّ ركبوه لذلك كانت أعراضه عنيفة! و بعدها استأذنهم أن يأتي غدًا، بعد قراءة ساعةٍ استرخى فيها “الملبوس” قليلًا و قد شخصت عيناه إلى السقف!

ثم سمعتُ الوالد يقول له قبل أن يغادر: “الله يجزاك خيرًا يا شيخ، لولاك لبقينا مكتوفي الأيدي مُسمَّري العين.”



هذا آخر ما رأيتُه من الموقف، لا أرانا الله مكروهًا!”

“ما دخلنا نحن بمكروههم!” علّق أصدقاؤه، “هو فكاهة عندنا، و إن نسبوا التهمة لنا!”

أغلق الشيخ أبو وائل الباب من ورائه فإذا بهاتفه يرنّ: “ألو، نعم أنا الشيخ أبو وائل، أعتذر، أنا مزحوم هذا الأسبوع، ربما أكون متفرِّغًا الأحد القادم” و هو يركب السّيّارة، داست قدمه على إعلان في صفحة جريدة ملقاة على الأرض، مكتوب فيه:

“عيادة الدكتور عادل الربيع، استشاري الطب النفسي

25737582″.


خبز تحت المطر 16-01-2014 07:26 PM

رااااااااااااائع ..... هذه موهبة حقيقية ... كما قلت لكي و لا أجامل... هذا النوع من الكتابة في عالمنا العربي قليل الإبداع.. إستمري

"الفارِسة" 16-01-2014 11:25 PM

سيدي المشرف الكريم .. أشكرك كثيرًا على هذا التشجيع الله يسعدكم .. شرفني مرورك ((:

و إلى لقاء مع قصص أخرى (:

عابر زمان 17-01-2014 12:33 AM

أختي الأديبه المتألقه " أنفال " كثيرا مانحتاج الى هكذا نص يسعى لمحاكات واقعنا بكل جرأه ويضيف لها كثير من علامات التعجب , بالمقابل هناك الكثير يقف صامت مكتوف الايدي خائفاٌ مترددا من هكذا ألاعيب . وأجزم إنها ألاعيب يمتهنها شياطين الارض بأزياءهم المتلونه بمكر و دهاء
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
صدقأ إذا شاء الله فإن لكٌ مستقبل باهر في كتابة القصه القصيره
و نصيحه من اخ لك .. لاتحاولي هذه الفتره من التفكير بكتابة روايه , خليك بهذا الفن الرائع آلا وهو القصه القصيره لانك أبدعتي في ثاني طرح لك هنا
تحيه و تقدير كبيرين لك و لقلمك


"الفارِسة" 17-01-2014 09:22 AM

و الله حقيقة أخوي الفاضل هذه القصة القصيرة كانت بالأصل مقالة"نفسية" أردتُ أن أكتبها بنفس الموضوع، فلما قرأها والدي قال لي هذه ليست مقالة، بل قصة قصيرة! و من تلك اللحظة وقعتُ في حبّ هذا الفنّ الرائع :) أحسّ إن تأليف القصص فن يشبع شهوتي و شغفي بالاختراع و الإبداع .. و هو أيسر من كتابة الروايات، إذ إنه لن تخلو كتابتها من التكلّف و الغَثّ و الحشو .. على عكس كتابة القصص القصيرة حيث يمكن الإبداع لفظًا و معنى و فكرة و أسلوبًا :) و الله يوفقنا و إياكم!

الحوراني 17-01-2014 09:30 AM

يقف الإنسان حائرا امام روعة السرد والطرح ،،،

فلا اجد كلاما اصف فيه ابداعك ،،،

بكل أسف ،، انت فعلا تنقلين واقعا مريرا نعيشه ،، وبطابع فكاهي ،،

الأدب الساخر نعمة من الله ،،، استمري ،،

ظل امرأة 17-01-2014 03:27 PM

أبدعتي اخت أنفال
اثرتي موضوع هو فعلاً مثير للجدل في مجتمعنا ..مثير للسخرية ..مثير للتأمل والتعمق.
وجدير بالكتابة عنه في ظل ما يحصل في واقعنا بكل أسف....
وكأنه لا يوجد وعي..وكأن العالم متقوقعة في عصر الجاهلين..وبعيدين كل البعد عن الدين

يعطيكِ الف عافية على ما قدمته..وعلى ما ستقدميه من قصص من هذا النوع وبذلك السرد المشوق
متابعين لكِ..تحية لك ولقلمك المبدع..

أمل الروح 18-01-2014 09:37 PM

ابدعتي اختي انفال ،،

هذه ثاني قصة اقرؤها لك هنا ،،و اسجل اعجابي للمرة الثانية بطريقة سردك ،،

مشوّقة و آسرة ،، لك مني كل التحية و التقدير ،،

من المتابعين بشغف ،،

"الفارِسة" 22-01-2014 11:21 PM

المشرفون الكرام
الأخ الحوراني
الأخت ظل امرأة
الأخ أمل الروح

زادكم الله شرفًا و رفعة و الله يسعدكم، و أتمنى أن أكون عند حسن الظن :)


الساعة الآن 02:50 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا