عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2015, 03:04 PM   #1
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black
أول خديعة....بقلمي



في ذلك اليوم ولدت أختي..وبعد سنة كنت أنا..تكبرني بسنة واحدة فقط..وكنا أولاد مدينة حيث أسس والدي حياته الجديدة في قلب العاصمة لكن جذورنا كانت في الريف حيث جدي وجدتي والأفق المفتوح والغروب والشروق المبهر و الأحصنة و الحمير و الأغنام و الكلاب و القمح و الذرة والسماء المزدحمة بالنجوم ليلا و المرعبة وعليه كان لا بد من الرحلة الحتمية بين وقت وآخر من المدينة إل القرية..هذه الرحلة من أروع ماسجلته ذاكرتي الطفولية.
عمري الآن سبع سنوات ..المكان فناء حوش جدي..الوقت قبيل الغروب..وها أنا بقامة و قدمين صغيرتين تقفان على أرض خضراء ندية..تفوح منها رائحة حاولت كثيرا وصفها لكنني فشلت..كانت الأرض قريبة جدا مني..أقرب من أي شئ أخر و أتحسسها تحت قدماي بقوة ..نسمات باردة قليلا تلسع أذناي..أشعر بالسعادة و الغرابة و الخوف....
تعود أغنام القرية من المراعي برفقة الراعي ..يدخل قطيع الغنم زاروب القرية..تنعطف مجموعات الأغنام يمينا" و يسارا" داخلة من باب الحوش الخارجي لمنازل القرية و كل مجموعة تعرف منزل صاحبها.تدخل أغنام جدي الحوش..أشعر بالفرح والرهبة و أركض باتجاه جدتي التي تضحك..لا تخف..تعال لتساعدني في حلبها..تدخل جدتي الأغنام إلى زريبة مؤقتة مسورة بالأحجار و مكشوفة من الأعلى..أدخل أنا و أختي الزريبة ..تمسك أختي بغنمة و تجرها إلى الجدة التي تبتسم وتثني على شجاعتها وشطارتها..أشعر بالإحراج وأتحامل على خوفي وامسك بغنمة و أجرها بكل قوتي باتجاه الجدة..يشتد التسابق مع أختي ونمسك كلينا بغنمة ..ونتعارك عليها..تحسم المعركة لصالحي بقليل من البكاء..لكني أرى السخط في عينيها..وبعد أن أنتهي من الغنمة أعود إلى القطيع ..أرى أختي تمسك بعنزة..وتبتسم لي بطيبة..وتقدم لي العنزة كعربون سلام ..ولما كنت ولا زلت أمقت المعارك قبلت الهدية وأمسكت بالتيس وانطلقت به فرحا إلى الجدة..ضحكت الجدة و امتنعت وهي تبعد التيس ..شعرت بالريبة..التفت إلى أختي..كانت تبتسم بمكر المنتصر وأدركت بأنني خدعت.
رغم أني لم أفهم تفاصيل الخديعة آنذاك..لكني شعرت بها ولا أزال حتى اليوم أعاني من هذا الأمر..أشعر بقوة بالمكر والكذب و الخداع و النفاق والزيف والتصنع دون أن افهم التفاصيل..فقط أشم الرائحة وابتعد قدر ما أستطيع.
ولا يزال السؤال الذي يحيرني حتى اليوم هو كيف كانت أختي تعرف وهي في تلك السن وكنت أنا لا أعرف بل أنني احتجت لسنوات لأعرف.


ستوكا 2015
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس