عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2009, 12:11 AM   #40
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


فلما نظر إليه حسن بدر الدين تعلقت أحشاؤه به وخفق فؤاده عليه وأطرق برأسه إلى الأرض وأراد أن يدير لسانه في فمه ، فما قدر على ذلك ، ثم رفع رأسه إلى ولده خاضعاً متدللاً وأنشد هذه الأبيات :
تمنيت من أهوى فلـمـا رأيتـه ........ ذهلت فلم أملك لساناً ولا طرفـا
وأطرقت إجلالاً لـه ومـهـابة ........ وحاولت إخفاء الذي بي فلم يخف
وكنت معداً للعتاب صـحـائفـاً ........ فلما اجتمعنا ما وجدت ولا حرفا

ثم قال لهما :
اجبرا قلبي وكلا من طعامي فو الله ما نظرت إليك أيها الغلام إلا حن قلبي إليك وما كنت تبعتك إلا وأنا بغير عقل .
فقال عجيب : والله إنك محب لنا ونحن أكلنا عندك لقمة فلازمتنا عقبها ، وأردت أن تهتكنا ونحن لا نأكل لك أكلاً إلا بشرط أن تحلف أنك لا تخرج وراءنا ولا تتبعنا وإلا لا نعود إليك من وقتنا هذا ، فنحن مقيمون في هذه المدينة جمعة حتى يأخذ جدي هدايا للملك .
فقال بدر الدين : لكم علي ذلك .
فدخل عجيب هو والخادم في الدكان فقدم لهما زبدية ممتلئة حب رمان ، فقال عجيب :
كل معنا لعل الله يفرج عنا .
ففرح حسن بدر الدين وأكل معهم حتى امتلأت بطونهما وشبعا على خلاف عادتهما ، ثم انصرفا وأسرعا في مشيهما حتى وصلا إلى خيامهما ودخل عجيب على جدته أم والده حسن بدر الدين ، فقبلته وتذكرت حسن بدر الدين فتنهدت وبكت ثم أنها أنشدت هذين البيتين :
لو لم أرى بأن الشمل يجـتـمـع ........ ما كان لي في حياتي بعدكم طمع
أقسمت ما في فؤادي غـير حبكـم ........ والله ربي على الأسرار مطلـع
ثم قالت لعجيب : يا ولدي أين كنت .
قال : في مدينة دمشق .
فعند ذلك قامت وقدمت له زبدية ممتلئة من حب الرمان وكان قليل الحلاوة وقالت للخادم :
اقعد مع سيدك .
فقال الخادم في نفسه : والله ما لنا شهية في الأكل .
ثم جلس الخادم وأما عجيب فإنه لما جلس كان بطنه ممتلئاً بما أكل وشرب ، فأخذ لقمة وغمسها في حب الرمان وأكلها فوجده قليل الحلاوة لأنه شبعاناً فتضجر وقال أي شيء هذا الطعام الوحش فقالت جدته :
يا ولدي أتعيب طبيخي وأنا طبخته ولا أحد يحسن الطبيخ مثلي إلا والدك حسن بدر الدين .
فقال عجيب : والله يا سيدتي إن طبيخك هذا غير متقن نحن في هذه الساعة رأينا في المدينة طباخاً طبخ رمان ولكن رائحته ينفتح لها القلب ، وأما طعامه فإنه يشتهي نفس المتخوم أن يأكل وأما طعامك بالنسبة اليه فإنه لا يساوي كثيراً ولا قليلاً .
فلما سمعت جدته كلامه اغتاظت غيظاً شديداً ، ونظرت إلى الخادم .


 

رد مع اقتباس