الموضوع: قصة.. قص...
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2010, 03:17 PM   #6
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


(...)
- طالت رحلتي، وكان علي التوقف في مكان ما... فاخترت أرضك...
- تعقد تاريخك مع مر الزمن، فأصبحت لغزا محيرا للجميع، بمن فيهم أنت... أَنظرُ إلى التاريخ، فأجد أنك أكبر خطأ ارتكب فيه...
- لم يكن لنا وطن.. فخلقنا مشروع وطن... (يداعب قطعة سكر.. ثم يضعها في فنجان قهوته...)
- تقصد: سطوتم على مشروع الآخرين...!!
- إنها الهولوكوست يا عزيزي.. (واثقا...)
- ماذا؟ (استفهام استنكاري)
- الهو..لو..كو..ست...
- ما معنى ذلك؟
- هل تؤمن بها؟؟؟
- لا أعرفها حتى؟؟ (يرفع وجنته اليسرى، فترتسم ابتسامة ساخرة... قبل أن يتابع):
- وهل يجدر بي ذلك؟ عفوا.. لا أريد إهانتك..
يقاطعه: - فاسدة هي ذاكرتك...
- أجل.. أعترف بذلك.. كما أعترف بأنها لا تعترف بالخرافة...
- أنت صنعت الخرافة..
- كانت مصنوعة حين وصلت... (لحظة صمت، يتأمل خلالها قبعة غريمه، وضفيرتيه، وأنفه الأفطس... قبل أن يستأنف): يقال إنها كانت لابتزاز "الآخر".. حالة من التعويض عمّا اقترفه ضمير نائم خلال فترة دامية؟
- تعويض بالمال؟؟
- أجل.. كل شيء ينتهي بالمال دائما..
(يرفع فنجانه باتجاه شفتيه..):
- إلا في هذه الحالة.. حيث كان المال مجرد حبة الفراولة التي تزين "الوطن"...
- ربما تكون على حق...
- قلتَ: ربما.. ولم تقل: أنت على حق.. (يضع الفنجان جانبا دون أن يرتشف منه..):
- صوت الساحرة الصغيرة داخل رأسي لم يكن يكف عن الصراخ وإلقاء الأوامر: اقتل أبناء عمومتك، وأضرم النار في خيامهم...
(تجحظ العينان، من تحت الحواجب الكثة.. من تحت الكوفية.. من تحت العقال.. وترتفع السبابة، من بين الأصابع، ترسم في الهواء علامات.. لتشدد على القول، كأنما تضع تحت الكلام سطرا):
- لست أنت، بل أنا.. وأعترف، أعترف أنا الكلب الحقير.. أنني سبب كل الكوارث التي حلت بالوطن، بما في ذلك اصطدامه بنيزك في زمن غابر.. ونظم قصائد الحب زمن الثورة...
- كان صراعا تاريخيا طويلا.. فدعنا ننهه بسلام.. ويعيش الجميع...
- بالنسبة لي هو بالكاد بدأ! فبين قومي وقومك حرب أبدية... ولا تحاول أن تقنعني بالعكس...
- ذلك ما أفعله الآن...
(يضع يديه على الطاولة/يضع الآخر أيضا يديه على الطاولة... يسقط القلم من بين أناملي فأنحني لالتقاطه.. وأنا أسفل الطاولة أرفع بصري إليهما، أحاول أن أسرع كي لا يفوتني من الحوار شيء.. أسجل):
- أنت تخيب أملي.. (يقول صاحب العقال والكوفية)
- وأنت هدف أسهل عندما تكون متوترا.. (يرد صاحب الضفيرتين والقبعة)
- ما خطوتك التالية إذن؟ (يعقب صاحب العقال...)
- لا شيء، لأنه لا شيء بيننا يستوجب العداء... (يعقب صاحب الضفيرتين على التعقيب..)
- الآن أصبح هناك شيء بيننا... لأنك فيروس..
- يحتاج الفيروس إلى مضيف لاحتضانه!!
(كل شيء بات ينبئ بأن السجال قد وصل مرحلة من الاحتدام لا رجعة عندها: نبرة الأصوات.. تفاعل الأيدي.. حركات الأوجه...)
(تتلقّع الشفتان الغليظتان، داخل العقال والكوفية، بالكلام...):
- ما تعرضه عليّ أشبه بأن يطلب منك أحدهم تذوق عدة أنواع من السم لكي تعرف اللذيذ من بينها... (يتابع): أنا عالق في مزاج آخر كأنني أحمل دماغ جثة متفحمة بدل دماغي.. ولا رغبة لي باحتضان فيروس جديد...
- ارفع شكواك لمجلس الأمن!! (تهزأ الشفتان أسفل القبعة، وبين الضفيرتين)
- تتعامل معنا الأمم المتحدة في مسألة الحقوق، كالعاهرات تماما... فمعاييرها دائما مزدوجة، وكلما أردت تقبيلها صدت عني... بينما تنام في مخدعك باستمرار؟؟؟
- من تقصد: العاهرة أم الأمم المتحدة؟؟
- لا تقل ذلك.. فالوقت غير مناسب...
- "المرأة ضبع" (نيتشه)
- "الأمم المتحدة ضبع" (أنا).. ولذلك هي مقيتة.. إنها حتى لا تضع حمالة لصدرها المترهل!
- وكيف عرفت ذلك؟؟
- هناك حاسة نسميها "البصر".. وهي لم تعد تحتمل.. أصبحت أشبه بحديقة حيوانات...
- رغما عنها (الأمم/العاهرة) يمكن أن نتعايش!
- قطعا غير ممكن لأن أسلحة الدمار الشامل تسبب لي عسر الهضم...!!؟
- توقف عن العبث: يمكن لاثنين أن يتعايشا.. بل وأن يصبحا ثلاثة لاحقا؟؟؟
- أجل: امرأة ورجل: اثنان.. يصبحان ثلاثة، بعد عملية... وتسعة أشهر.. (يحرك رأسه باستخفاف...)
- لم يعد الأمر كذلك: هناك شيء يسمى الاستنساخ.. أقصد: الاستيطان...
- لا أفهم السبب الذي يجعلني لا أشبه جميع البشر؟؟
- للسبب نفسه الذي يجعلك مختلفا عن جميع البشر..
- هل الرؤية لديك واضحة؟
- كل يوم تقل فيه أكثر..
- أحاول مساعدتك.. فساعدني.. وابدأ من البداية...
- من الهو.. لو.. كو.. ست، تقصد!!؟
- (صارخا): مهلا...
- لا أحد يصرخ في وجهي... (صارخا أيضا)
- آسف.. لكني لست زوجتك، وكل شيء حدث قبل حتى أن أفكر فيه..
- لقد أذاعوا الموضوع.. لكنهم لم يذكروا التفاصيل بعد..
- جئت إلى هنا شخصا.. وسترحل شخصا آخر... فأنا لا أريدك أن تبقى هنا...
- من سوء حظك أنني سأبقى هنا... فبيننا مواثيق وعهود...
- ماتت، وماتت معها كل اتفاقاتنا... وأنا فقدت إيماني بكل شيء.. جثوت على ركبتي وبكيت.. بداخلي خواء وعاصفة.. وصدقني عندما يجتمع الخواء بالعاصفة فذلك إنذار بمولد إعصار...
- الأمر أشبه بتبئير نص سردي؟
- أجل، وأنا قضيت دهرا في تفخيخ حقل بالألغام.. ولما انتهيت من تبئيره، حُكم علي بعبوره...
- هل تريد دليلا، أم عرافا، يقودك في الظلام؟؟
- لا هذا ولا ذاك.. فالدليل يحتاج إلى عراف.. والعراف لا يسير إلا خلف دليل.. والسير بين حقل كهذا يتجاوزهما معا...
- الحركة من حولك كثيرة، لكنها بلا معنى.. يجب إضافة مضمون إذن...
- يجب تفريغ القمامة أولا، لأنها ما يملأ حولي حركة...
- لا داعي لذلك: لا داعي للعراف.. لا داعي للدليل.. لا داعي للإعصار ولا للعاصفة... فهناك خارطة للطريق...
- أجل، الطريق.. الذي يؤدي إلى الطريق.. الذي يؤدي إلى الطريق.. الذي يردك إلى الطريق الأول...
- الجميع وافق عليها: القاهرة.. تونس.. الرياض...
- القاهرة... تونس... الرياض... كلها حفر من حفر النار....
- لقد عقدنا مؤتمر سلام مؤخرا...
- مرحبا أيها المؤتمر الحقير... الرائحة كانت منتنة داخله، كأن كلبا نفق فيه منذ أسبوع... كنت آمل أن يحترق جميع من فيه في النار.. بما في ذلك الكلب الذي نفق هناك...
عندما خرجوا منه، قلت: عدوا أنتم ثرواتكم في منتجعاتكم الصيفية، فيما أصاب أنا بنوبة قلبية لم أعرف كيف أحصن نفسي ضدها... وكنت أشعر كأن أحدهم يعد حفل شواء في رأسي...
- أيها الإرهابي: أطلق ضحكتك الشريرة...
- لا تتعب نفسك، فالوضع بيننا أشبه بزواج كاثوليكي فاشل، دام أكثر من اللازم.. حيث أصبح الأمر يحتاج لإصلاح ديني شامل من أجل إجراء مراسيم الطلاق...
- ... وكأني أطلب من عقيم أن يحافظ على اسم العائلة؟؟
- أنت فاسد...
- صحيح.. وأنت مجرد نكرة لا يأبه له أحد...
- قلت: أنت فاسد...
- وأنا قلت: أنت مجرد نكرة لا يأبه له أحد... قيمك أصبحت مستحاثات قديمة، ويجدر وضعها في متحف للشمع...
- أنت تقول هذا لأنك بعت نفسك للشيطان...
- وأنت تقول هذا لأن الشيطان رفض شراء نفسك النتنة.. أما أنا فأصبحت لي علاقة حب ساخنة مع الشر.. وأصبح لي قصر في كل مكان.. وموطئ قدم في الجنة...
- لطالما أقض الشر مضجعي.. أما موطئ قدمي الوحيد فكان إسطبلا تزكم رائحته الأنوف...
- لست محظوظا فيما يبدو... (ساخرا)
- لا تقلق حيال ذلك...
- أيها المحتال...
- وأنت طيب جدا.. أكثر من اللازم... أمنحك فرصة أخيرة لتكفر عن ذنوبك.. تكسر متحف الشمع، وتعانق الشيطان، بحب... لأننا جميعا نحتاج إلى معانقة شيطان في النهاية...
- الشيطان.. بحثت عنه طويلا فلم أجده؟
- إنه بداخلك...
- تحولتَ إلى حكيم... لكن عصر الحكمة قد ولى... انظر حولك: هاهي مبادئك الرائعة الشريفة.. تباع رخيصة، وقد كسدت سوقها كعاهرة عجوز... انتحب إذن.. كثكلى فقدت زوجها حديثا...
- أريد فقط أن أصحح مساري...
- السؤال: هل تستطيع عاهرة قديمة أن تبدأ حياتها من جديد بعد أن تخطت سن اليأس بزمن طويل؟؟؟
- إننا هنا نجري حوارا للطرشان.. لا يفهم بعضنا بعضا...
- أجل.. وهل يمكن لعاهراتك العجائز أن يتعلمن كيف يصرن سحاقيات؟؟؟
- وهل تريد أن أعلّمك أنت؟؟
- ماذا؟
- أقصد لغة الطرشان...
" "
" "



(يتبع...)


 

رد مع اقتباس