عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-2012, 01:27 AM   #2
المشتاق الى الجنة
عضو مجلس اداره سابق


الصورة الرمزية المشتاق الى الجنة
المشتاق الى الجنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32324
 تاريخ التسجيل :  11 2010
 أخر زيارة : 05-11-2012 (04:00 PM)
 المشاركات : 100 [ + ]
 التقييم :  192
لوني المفضل : Cadetblue


هذه ((فتوى ونصيحة)) من فضيلة
الشيخ محمد بن العثيمين
-رحمه الله-
حول الإحتفال بالمولد



السؤال:
ما حُكم مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذِكْر مَولِدِه؟ وهل في زمن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- كان الصحابة يمدحونه؟ وهل نُؤجر في مدحِه؟ أو نُؤثم في تَركه؟
نرجو منكم التوجيه -جزاكم الله خيرا-.



الجواب:
الحمد للهِ ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


مدحُ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ووصفُه بالصفاتِ الحميدة، والأخلاق الفاضلة أمرٌ مطلوب مشروع، وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن أفضل الأعمال الصالحة التي تُقرِّب إلى الله -عزَّ وجلَّ-، ومَن صلى عليه مرةً واحدة صلى الله عليه بها عشرًا.

ولكن:
اتِّخاذ ذلك في ليلة معينة، أو يوم معين بلا دليل مِن الشرع؛ يُعتبر بدعة؛ لأن الثناء على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عبادة إذا لم يصل إلى حد الغلو، والعبادة لا بد أن يكون فيها إذنٌ مِن الشرع.


وما علمنا أن الشرع خص يومًا، أو ليلة معيَّنة ليُمدح فيها رسولَ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلا يوم الجمعة؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: " أكثروا فيه من الصلاة عليَّ؛ فإن صلاتَكم معروضة ".

والاحتفال بليلة مَولِده -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا يَصح -لا مِن الناحية التاريخية، ولا مِن الناحية الشرعية-.

أما من الناحية التاريخية:
فإنه لم يَثبت أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وُلد في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول -أو في ليلته-، وقد حقَّق بعضُ الفلكيين العصريين أنه وُلد في اليوم التاسع مِن شهر ربيع الأول.


وأما من الناحية الشرعية:
فلو كان في الاحتفال بمولده أجر وثواب؛ لكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أول مَن يفعل ذلك؛ لأنه لن يُفوِّت فرصة فيها أجرٌ وثواب إلا قام بها -صلوات الله وسلامه عليه-، أو لأرشد أمته إلى ذلك بقوله!


وعلى فرض أن الأمر لم يكن في عهده؛ فلم يكن في عهد الخلفاء الراشدين -أعني الاحتفال بمولده-، ولا فيمن بعدهم!

وأول ما حدث في القرن الرابع الهجري؛ أحدثه بعض وُلاة إربل؛ فتبعه الناس على ذلك، لكن؛ لم يتبعه أحد ممن ينتمي إلى السلف الصالح -فيما نعلم-.

وحينئذ نقول:
إما أن يكون هذا الاحتفال قُربة يتقرب به إلى الله، أو بدعة لا تزيد العبدَ إلا ضلالة.
فإن قلنا بالأول -بأنه قُربة يتقرب بها إلى الله-: فأين رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- منها؟! وأين الخلفاء الراشدون؟! وأين الصحابة؟!


فإما أن يُقال:
إن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جَهِلها ولم يعلَم شرع الله فيها. وإما أن يُقال: إنه علمها، ولكنه كتمها!!


وكِلا الأمرين خَطر عظيم!

سواء قلنا: إنه جهلها ولم يعلم، أو قلنا: إنه علمها ولكن كتم.

وكيف تكون من شريعة الله؛ وقد قال الله -تعالى-: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }.

أين الكمال إذا كانت مشروعة ولم تُذكر في حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟!

وإذا قلنا:
إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- علمها ولكن كتمها عن الناس؛ فما أعظمها مِن فادحة!! لأنه يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- تُوفي ولم يُبلغ شيئًا مما أنزل الله عليه من الحق!!


ولهذا:
لو تأمل الإنسان هذه البدعة -وغيرها من البدع-؛ لوجد أن البدعة أمرها عظيم، وخطرها جسيم، وأنه لولا حُسن النية من بعض مُحدِثيها؛ لكان شأنهم شأن خطير جدًّا!


لذلك:
ننصح إخواننا المسلمين في مَشارق الأرض ومغاربها أن يَدَعُوا هذه البدعة، وأن يكتفوا بما شرع الله -تعالى- من تعظيم رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.


وما ادَّعاه مُحدِثوها مِن أنها إحياء لذكرى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ فنقول:
إنه إحياءٌ حذَّر منه النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ حيث قال: " إيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمور ".
ثم نقول -أيضًا-:
في الشريعة الإسلامية غِنى عن هذا الإحياء؛ فالرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يُذكَر في الأذان، ويُذكَر في الصلاة.


ففي الأذان: (أشهد أن محمدًا رسول الله)، وفي الصلاة: في التشهد (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهم! صلِّ على محمد.. اللهم! بارِك على محمد).

بل نقول:
إن مَن كان حيًّا؛ فإن لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذكرى في كل عبادة يقوم بها؛ لأن من شرط العبادة: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ فكل عابد فلا بد أن يُخلص لله، ولا بد أن يستشعر حين فِعْل العبادة أنه مُتَّبع لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ وهذه ذكرى.


وفي هذه الذكريات العظيمة، في هذه العبادات العظيمة غنى عن هذه الذكرى التي أحدَثها مَن أحدثها.

ثم إنه يقع في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة ما يخل بالعقيدة.

ففي بعض الاحتفالات بهذا المولد:
تُلقى القصائد التي فيها الغلو برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ الغلو الذي يوصله إلى درجة الربوبية -أو أعظم!-.


تلقى في هذه الاحتفالات القصائد مثل (البردة) للبوصيري التي فيها يقول:

يا أكرم الخلق ما لي مَن ألوذ به /// سواك عند حلول الحادث العممِ
إن لم تكن آخذًا يوم المعاد يدي /// عفوًا وإلا فقُل يا زلة القدمِ
فإن من جودك الدنيا وضرتها /// ومن علومك علم اللوح والقلمِ


هذه أبيات في (البردة) قد تكون على هذا الترتيب، أو في بعضها تقديم وتأخير، لكن الكلام على المضمون -لا على الشكل-.

فالذي يقول للرسول -عليه الصلاة والسلام- مخاطبًا له: (إن من جودك الدنيا وضرتها)! وضرة الدنيا: هي الآخرة. (ومن علومك علم اللوح والقلم)! قد ألحقه -أي: ألحق النبي -صلى الله عليه وسلم- بمقام الربوبيه! ولم يُبق لله شيئًا!!

إذا كان مِن جود الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الدنيا وضرتها؛ فما الذي بقي لله؟!!

ثم نقول:
هذا من أكبر الكذب أن تكون مِن جوده الدنيا وضرتها؛ لماذا؟


لأن الرسول خُلِق في آخر الدنيا؛ كيف تكون الدنيا من جوده؟!!
ثم إننا نسمع إنه يحصل في هذا الاحتفال من الاختلاط بين الرجال والنساء، وبين الكبار والمراهقين والمُردان، ويحصل في هذا شر كبير!


ثم إنه يظهر في هذا الاحتفال من شعائر الأعياد: كالفرح والسرور، وتقديم الحلوى -وما أشبه ذلك-؛ ما يجعله ابتداعًا في دين الله؛ لأن الأعياد الشرعية هي: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع (الجمعة).

ثم إنه يحصل في هذا الاحتفال بذل أموال كثيرة في غير فائدة؛ بل في مضرة!

وكل هذا يوجب للإنسان الناصح لنفسه أن يبتعد عنه.


فهذه نصيحة مِن أخ مخلص لإخوانه نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل لها آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية.


[من موقع الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، راجعتها من: فتاوى " نور على الدرب "، الشريط (290-ب)، بداية الشريط].





 

رد مع اقتباس