المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > ملتقى الرقية الشرعيه
 

ملتقى الرقية الشرعيه لجميع المواضيع الخاصه بالرقيه الشرعيه والمس والسحر والعين وغيرها ،،،

هل تصح رؤية الجن؟

هل تصح رؤية الجن؟ هل، في شريعتنا، ما يفيد في رؤية الجن؟ الجواب عن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الجن، ورآهم سيدنا سليمان u من

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-01-2011, 12:43 PM   #1
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue
هل تصح رؤية الجن؟



هل تصح رؤية الجن؟

هل، في شريعتنا، ما يفيد في رؤية الجن؟ الجواب عن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الجن، ورآهم سيدنا سليمان u من قبل، كما أن بعض الحيوانات (الكلاب والحمير مثلا) بإمكانها رؤية الشياطين. لكن الآية الكريمة في سورة الأعراف )إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم(، والتي استدل بها العديد من العلماء، تدل بصراحة على أنه لا يمكن رؤية الجن والشياطين، والجواب من جهة صحيح، ومن جهة فيه إضافة، كيف أمكن للرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله سليمان u أن يروهم؟ نقول هناك رؤية خاصة، هي رؤية الأنبياء والرسل، ورؤية عامة، هي رؤية بعض الحيوانات لما لها من خصائص بصرية، وهذه الرؤية العامة تفتح احتمال أن يراهم البشر أيضا إذا توفرت لهم وسائل خاصة. وعموما فقد انقسم العلماء حول رؤية الجن إلى ثلاثة أقسام: قسم أول قال باستحالة هذه الرؤية، وقسم ثان زعم أنها ممكنة، لكن على غير خلقتهم التي خلقهم الله عليها، في حين رأى القسم الثالث أنهم يُرون، سواء على طبيعتهم الأصلية، أومتجسدين ومتمثلين في صور شتى.
1- القسم الأول من قال باستحالة الرؤية: بدعوى رقة أجسامهم ونفاذ الشعاع فيها. ومنهم من قال: إنما لا يرون لأنهم لا ألوان لهم... واختلفوا في صفتهم فقال بعض المعتزلة[1]: «الجن أجساد رقيقة بسيطة»، وقال أبو بكر الباقلاني: «وهذا عندنا غير ممتنع إن ثبت به سمع». إن أذى الجن للإنسان، يقول أبو بكر الجزائري، ثابت بالدليل السمعي والدليل الحسي، والعقل لا يحيل ذلك، بل يجيزه، ولولا المعقبات من الملائكة التي كلفها الله تعالى حفظ الإنسان، لما نجا أحد من الشياطين، وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم، ولقدرتهم على التشكّل والتحول بسرعة، ولأن أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ولا نحس[2].
لا فرق، يستنتج ابن حزم[3]، بين أن يخلق الله خلقا عنصرهم التراب والماء فيسكنهم في الأرض والهواء والماء، وبين أن يخلق خلقا عنصرهم النار والهواء فيسكنهم الهواء والنار والأرض، بل كل ذلك سواء وممكن في قدرته، وبما أن الرسل أخبرت بوجود الجن في العالم، استدعت الضرورة العلم بخلقهم، وقد جاء النص بذلك، وبأنهم أمة عاقلة مميزة متعبدة موعودة متوعدة متناسلة فانية... وأجمع المسلمون كلهم على ذلك، قال تعالى: )أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني((الكهف/ 50). وهم يروننا ولا نراهم قال تعالى: )إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم(( الأعراف / 27)... ولا سبيل، يضيف ابن حزم، إلى وجود خبر يصح برؤية جن بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي منقطعات أو عمن لا خير فيه... وهم أجسام رقاق صافية هوائية لا ألوان لها، وعنصرهم النار، كما أن عنصرنا التراب، وبذلك جاء القرآن، والنار والهواء عنصران لا ألوان لهما، وإنما حدث اللون في النار المشتعلة لامتزاجها برطوبات ما تشتعل فيه من الحطب والكتان والأدهان وغير ذلك، ولو كانت لهم ألوان لرأيناهم بحاسة البصر، ولو لم يكونوا أجساما صافية رقاقا هوائية لأدركناهم بحاسة اللمس...
قال الشافعي في مناقبه[4]: «من زعم من أهل العدالة أنّه يرى الـجن ردّت شهادته، وعزر لـمخالفته لقوله تعالـى:)إنّه يراكم هو وقبـيله من حيث لا ترونهم(( الأعراف/27)...» وأورد البيهقي[5]: «من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته إلا أن يكون نبيا». فهذا الشافعي والبيهقي يردان شهادة من زعم رؤية الجن وينكران ذلك على أهل العدالة، لأن الجن، بالنسبة إليهما واعتمادا على النص القرآني، لا يمكن رؤيتهم إطلاقا. وهذا ما نستخلصه من حديث رواه مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء t قال: قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فسمعناه يقول: "أعوذ باللّه منك، ثم قال: ألعنك بلعنة اللّه" ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول اللّه سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عدّو اللّه إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ باللّه منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة اللّه التامة، فلم يستأخر ثلاث مرات، ثم أردت أن آخذه، واللّه لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به صبيان أهل المدينة"[6].
وعن أبي سعيد الخدري t أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قام يصلي الصبح، وأنا خلفه فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال: "لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين - الإبهام والتي تليها - ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل"[7]. فالرسول صلى الله عليه وسلم باستطاعته رؤية إبليس والجن والتحدث إليهم، وهذه معجزة من معجزات الأنبياء والرسل، كما هو الشأن بالنسبة لسيدنا سليمان u، لكن لا أبا الدرداء، ولا أبا سعيد الخدري ولا من كان معهما من الصحابة، كان باستطاعته رؤية الجن... في حديث أبي سعيد الخدري دليل على أن الصحابة الذين كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لم يروا إبليس ولم يسمعوا صوته، رغم المعركة التي دارت بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم. ويؤكد هذا ما رواه أبو الدرداء. فالصحابة رضوان الله عليهم سمعوا صوت الرسول صلى الله عليه وسلم ورأوا حركاته لكنهم لم يروا إبليس ولم يسمعوا صوته ولا حتى أنينه. فرؤية الأنبياء لإبليس، كبير الشياطين، جائزة، لكنها معجزة تخص الرسل دون غيرهم من البشر.
"إنه يراكم هو وقبيله": "قبيله" جنوده، قال مجاهد: يعني الجن والشياطين. وقال ابن زيد: "قبيله" نسله. وقيل: جيله. )من حيث لا ترونهم(قال بعض العلماء: في هذا دليل على أن الجن لا يرون؛ قال النحاس: )من حيث لا ترونهم( يدل على أن الجن لا يرون إلا في وقت نبي؛ ليكون ذلك دلالة على نبوته؛ لأن الله عز وجل خلقهم خلقا لا يرون. وذلك من المعجزات التي لا تكون إلا في وقت الأنبياء عليهم السلام. قال القشيري: أجرى الله العادة بأن بني آدم لا يرون الشياطين.
.....

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 04-01-2011, 12:45 PM   #2
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


2- القسم الثاني من زعم بإمكانية رؤية الجن على غير خلقتهم التي خلقهم الله عليها:
قال أبو يعلى بن الفراء[8]: الجن أجسام مؤلفة وأشخاص ممثلة، يجوز أن تكون رقيقة وأن تكون كثيفة، خلافا للمعتزلة في دعواهم أنها رقيقة، وأن امتناع رؤيتنا لهم من جهة رقتها مردود، فإن الرقة ليست بمانعة عن الرؤية، ويجوز أن يخفى عن رؤيتنا بعض الأجسام الكثيفة إذا لم يخلق الله فينا إدراكها.
ويرفض ابن حجر من ادعى رؤية الجن على طبيعتهم، لأن رؤية الشيطان على صورته التي خلق عليها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأما غيره من الناس فلا لقوله تعالى: ]إنه يراكم هو وقبيله[ الآية، لكنه يرى أن من ادعى أنه يرى شيئا منهم، بعد أن يتطور على صور شتى من الحيوان، فلا يقدح فيه، وقد تواردت الأخبار بتطورهم في الصور، واختلف أهل الكلام في ذلك فقيل هو تخيل فقط ولا ينتقل أحد عن صورته الأصلية، وقيل بل ينتقلون لكن لا باقتدارهم على ذلك بل بضرب من الفعل كالسحر إذا فعلوه انتقلوا من صورة إلى صورة ومن شكل إلى آخر...


 

رد مع اقتباس
قديم 04-01-2011, 12:51 PM   #3
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


3 – القسم الثالث زعم أنه رأى الجن على حقيقتهم ورآهم متشكلين ومتجسدين في أشكال شتى:
من الناس من زعم بأنه رأى جنا متجسدين في صورة إنسان أو حيوان، وزعم البعض الآخر أنه رآهم على حقيقتهم وتصارع معهم، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود[9]قال:« لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي إني لأراك ضئيلا شخيتا كأن ذريعتك ذريعتي كلب فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك، قال لا والله إني منهم لضليع ولكن عاودني الثانية فإن صرعتني علمتك شيئا ينفعك قال: نعم قال تقرأ )الله لا إله إلا هو الحي القيوم (( البقرة/255) قال: نعم قال: فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم لا يدخله حتى يصبح» (الضئيل: الدقيق، والشخيت: المهزول أو النحيف الجسم، والضليع: جيد الأضلاع والخبج: الريح أو الضراط.). أضاف أبو عبيد في كتاب الغريب[10]: قيل لابن مسعود: أهو عمر؟ فقال من عسى أن يكون إلا عمر...
ويرى كثير من الناس أن الجن بإمكانها أن تتمثل في صور شتى، من بينها صور الإنس طبعا، وذهبوا إلى حد تزويج الجن بالإنس، ومن ذلك ما ذكره الصلاح الصفدي، في تذكرته،[11]من أن أبا بكر بن العربي كان ينكر تزويج الإنس والجن، ويقول: الجن روح لطيف، والإنس كثيف لا يجتمعان، ثم زعم أنه تزوج امرأة من الجن، وأقامت معه مدة... ومثله ما أورده عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، في الفتاوى الذهبية، من أن بعض الجن يتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها، وكذا يتصور الجني بصورة رجل ويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة...
ويروي ابن كثير[12]، وغيره[13]،قصة عن بلقيس، ملكة سبأ، جاء فيها: «كان أبوها من أكابر الملوك وكان يأبى أن يتزوج من أهل اليمن، فتزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانة بنت السكن، فولدت له هذه المرأة بنتا يقال لها تلقمة أو يقال لها بلقيس...»، ونظير ذلك نقرأه في "الكامل": قال كثير من الرواة إنّ أم بلقيس جنية ابنة ملك الجن، واسمها رواحة بنت السكر، وقيل: اسم أمها بلقمة بنت عمرو بن عمير الجني، وإنما نكح أبوها إلى الجن لأنه قال: ليس في الِإنس لي كفؤة فخطب إلى الجن فزوجوه. واختلفوا في سبب وصوله إلى الجن حتى خطب إليهم فقيل: إنه كان لهجاً بالصيد فربما اصطاد الجن على صور الظباء فخلى عنهن، فظهر له ملك الجن وَشَكَرَهُ، واتخذه صديقاً فخطب ابنته فأنكحه على أن يعطيه ساحل البحر ما بين يَبْرِين إلى عَدَن، وقيل: إنّ أباها خرج يوماً متصيداً فرأى حيتين تقتتلان بيضاء وسوداء وقد ظهرت السوداء على البيضاء فأمر بقتل السوداء وحَمَلَ البيضاء وصب عليها ماءً فأفاقت فأطلقها وعاد إلى داره وجلس منفرداً فإذا معه شاب جميل فذعر منه، فقال له الشاب: لا تخف أنا الحية التي أنجيتني، والأسود الذي قتلته غلام لنا تمرد علينا وقتل عدة من أهل بيتي، وعرض عليه المال وعلم الطب فقال: أما المال فلا حاجة لي به وأما الطب فهو قبيح بالملك ولكن إنْ كان لك بنت فزوجنيها، فزوجه... وقيل: في سبب نكاحه إليهم غير ذلك. (والجميع - يقول ابن كثير- حديث خرافة لا أصل له ولا حقيقة.)
وعن عثمان بن حاضر قال: كانت أم بلقيس من الجن يقال لها بلعمة بنت شيصان. قال الماوردي[14]: والقول بأن أم بلقيس جنية مستنكر من العقول لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، وتفارق الحسين؛ لأن الآدمي جسماني والجن روحاني، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار، ويمنع الامتزاج مع هذا التباين، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف.
.....


 

رد مع اقتباس
قديم 04-01-2011, 12:52 PM   #4
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


ولنا أن نتساءل بعد كل هذا، وغيره: إذا كان الجن يقرأون و يكتبون، ولهم خط وتأليف، فأين هي كتبهم وتآليفهم؟ وبأية لغة يقرأون ويكتبون؟ وهل لهم لغة واحدة أم لغات متعددة؟ وهل لهم جنسيات وحدود مثلنا؟ هل فيهم الهندي والفرنسي والأمريكي والمغربي والفلسطيني والصيني...؟
فهذا باب واسع، واقع كثيرا، وكلما كان القوم أجهل كان عندهم أكثر... هذا التصور والتجسد مرتبط إذن بالجهل وبالابتعاد عن الدين الصحيح، والفهم الحقيقي للنصوص والأحداث، فمن ظن أن الأمر كذلك ـ أي ظهور الجن بصور الأنبياء والشيوخ والعلماء - لم يغلط، إذا صدق في ظنه، لكن غلط عقله حيث لم يعرف أن هذه وساوس تمثلت على صور هؤلاء لكن في الخيال أو المنام، هذه الوساوس تخيلها المدعي وهو في حالة نفسية خاصة... وكثير من هؤلاء يظن أن النبى صلى الله عليه وسلم نفسه، أو غيره من الأنبياء أو الصالحين، يأتيه في اليقظة، ومن يرى ذلك عند قبر النبي أو الشيخ وهو صادق في أنه إياه، لم يكذب لكن غلط حيث ظن صدق من فسر له ذلك، أو ظن صدق ما رأى.
والذي له عقل وعلم يعلم أن هذا ليس نبيا ولا صالحا، إما لما يراه منهم من مخالفة الشرع مثل أن يأمروه بما يخالف أمر الله ورسوله، وإما لأن النبي ما كان يأتي أحدا من أصحابه بعد موته في اليقظة، ولا كان يخاطبهم من قبره، فكيف يكون هذا له؟ (علما بأن الصحابة والتابعين لم يظهروا لأحد بعد وفاتهم فكيف يكون ذلك لمن هو أدنى منهم؟) وإما لأنه يعلم أن الميت لا يمكنه أن يقوم بعد دفنه وأنه إذاك يكون أمام حساب عسير في قبره[24]، وأن روحه في الجنة أو في النار، لا تصير في الدنيا بهذه السهولة...
لو كان بإمكان الجن أن يتجسد في صورة إنسان لخربت الدنيا والدين، فما دام الجن بإمكانه أن يتشكل في صورة عالم من علماء الإسلام، كابن تيمية، وصدقه الناس كما صدقه ابن تيمية نفسه، وغيره من العلماء والأمراء، فلا يمنعه شيء من أن يظهر في أي صورة شاء ولأمكنه أن يفتي الناس فتاوى كاذبة ويألف كتبا مضلة (كيف لنا أن نتأكد أن كل فتاوى ابن تيمية هي من تأليفه وليست من تأليف جن يحبه أو شيطان يكرهه؟)، بإمكان الجن أيضا أن يدخل البيوت ويجامع النساء منتحلا صور الأزواج، وبإمكانه أن يسرق الأموال إذا تجسد في صورة مدير بنك، ويمكنه أن يعلن الحروب إذا تجسد بصورة أحد الرؤساء أو الجنرالات، ويمكنه أن يقتل المرضى لو انتحل صفة طبيب أو جراح، وأن يحكم على المظلومين بالإعدام إن تمثل قاضيا في محكمة... فهذا خرق واسع لو صدقناه لفسدت حياتنا كلها ولأصبح الشيطان يفعل ما يريد، ويوقّع شروره بأسمائنا، وكلما حدثت جريمة من سرقة أو قتل أو اغتصاب... إلا وادعى المجرم أن ذلك محض شيطان تجسد في صورته، وأنه بريء من كل ما نسب إليه، وإن حملت امرأة من سفاح ادعت أن جنيا جامعها رغما عنها وحملت منه... سئل مالك بن أنس t فقيل: إن ههنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال، فقال ما أرى بذلك بأسا في الدين، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حاملا قيل لها من زوجك؟ قالت من الجن، فيكثر الفساد في الإسلام بذلك.[25]
رسم العقل البشري صورة خارقة لقدرة الجن على التمثل والتصور، ثم تكفلت المخيلة الشعبية بالباقي فضخمت الصورة وعظّمتها، مع الزمن، وما أسهل أن يرد المتوهم كل ما يعجز عن تفسيره من أوهام، إلى جني أو شيطان، بالصورة التي بناها وهمه، وأقنع بها عقله، والواقع أن ذلك كله مجرد وساوس نفسية داخلية، أو هلوسات تحدث للشخص الضعيف الإيمان والعلم، الكثير الأوهام والهم، وأما أن ينتقل أحد من صورته على الحقيقة إلى غيرها، بفعل عمل جان لا مبضع جراح، فذلك محال... والدين الإسلامي، وكل دين سماوي آخر، بريء من هذه الخرافات وأصحابها، لأنه دين منطق سليم، وتفكير علمي، وبرهان مبني على قوانين وأسس ثابتة دقيقة، يفوق بمبادئه وأفكاره وقوانينه كل المبادئ والقيم الأخرى التي وضعها الإنسان.
ساد الاعتقاد لدى كثير من علماء الإسلام، وهم جزء من مجتمع طبعا، في إمكانية تصور الجن والشياطين بصور الإنس، وقدرتهم على حمل الأشياء والأشخاص من مكان إلى آخر، والقيام بأمور خارقة مذهلة متعددة، إلى حد الإيمان بالتزاوج بين الإنس والجن... كما اعتقد البعض في إمكانية تزاوج الملائكة والإنس[26]، حيث روى الجاحظ، في كتاب "الحيوان"، أن أم ذي القرنين كانت من بنات آدم وأن أباه كان من الملائكة، بل ذكر اسم أبيه وهو "فيرى" واسم أمه وهو "غيرى"، وكأنه قد حضر مولده وعقيقته... لقد اعتقد الرومان والإغريق، من قبل، في إمكانية التزاوج بين الآلهة والبشر والإنجاب منهم، وهو ما سموه أنصاف الآلهة، واليوم يدرس ذلك كله في الجامعات تحت يافطة الأسطورة...
تمتلئ كتب الفقه والسير والتاريخ والأدب... بمثل هذه القصص والروايات، نستنتج منها أن الذاكرة العربية الإسلامية شحنت، منذ قرون عديدة، بأفكار يبدو أن الخيال والجهل باللغة ومعاني الكلمات وبالأمراض العصبية والنفسية، بل والعضوية، لعب فيها دورا مهما، تراكمات ترسبت في الذاكرة الجماعية العربية الإسلامية عبر السنين مما جعل قضية كقضية "الجن والشياطين" صعبة المنال...
قصص كثيرة إذن رويت عن الجن وأشكالها، وظهورها وتلبسها، وزواجها بالإنس وسكناها له... منها ما صور الجن بشرا بمملكة من سادة وعبيد، ومنها ما ذكر بأن لها وطنا كالهند وديانة كالبوذية، ومنها ما أخرجها، من رحم حلم شتوي بارد في إحدى المغارات المظلمة، جنية حسناء عشقته فتزوجها وأنجب منها الحالم الرائي، ومنها ما جسدها في كلب أسود أو حية بيضاء أو سوداء، ومنها ما أخرجها "غولا" وحشية تسطو على الزرع وتهلك الضرع، أو "سعلاة" واقفة إلى جنب واد أو فلاة، والبعض ذكر بأنها كالريح أو الكهرباء، والبعض الآخر ذكر أنها تبيض وتفرخ، والبعض عالج مرضى تلبستها الجن، فكلمها وكلمته، وكاتبها وكاتبته، ورآها نهارا جهارا في أوصاف وأشكال شتى، لا يعلمها إلا هو، ثم استخدمها وسخرها...
بالمقابل في السنين الأخيرة لم تعد رؤية الجن ممكنة، فلا أحد من العلماء يدعي اليوم أنه رآى رجلا يطير في الهواء أو يسير فوق الماء دون استعمال آلة تمكنه من ذلك، ولم نعد نسمع قصصا عن تزوج الإنس بالجن والإنجاب منهم ولم يبق، عند العديد من علماء هذا العصر، إلا تلبس الجن بالإنس واستطاعة تكلم الإنسي المصروع بلسان الجني، وهي القصص التي يذكرها المتأخرون، لكن ينكرها العديد من علماء العصر، وتبقى حولها العديد من الاستفهامات ...










 

رد مع اقتباس
قديم 04-01-2011, 12:52 PM   #5
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


--------------------------------------------
[1]- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، كتاب بدء الخلق.




[2]- أبو بكر جابر الجزائري، عقيدة المؤمن، ص 228.

[3]- أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري،الفصل في الملل والأهواء والنحل.

[4]- أبو الـحسن مـحمد بن الـحسين الآبري، مناقب الشافعي.

[5]- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، كتاب بدء الخلق.

[6]- أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء مرفوعاً.

[7]- أخرجه الإمام أحمد وروى بعضه أبو داود في سننه.

[8]- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري.

[9]- سنن الدارمي، من كتاب فضائل القرآن.

[10]- كتاب الحيوان الكبرى ص.402

[11]- محمد متولي الشعراوي، قصص الأنبياء، ص. 212

[12]- الحافظ ابن كثير الدمشقي، قصص الأنبياء، ص. 437.

[13]- بدر الدين الشبلي، آكام المرجان في عجائب وغرائب الجان، ص. 90 – 94 .

[14]- أنظر تفسير القرطبي.

[15]- ابن تيمية، دقائق التفسير، 2 /134. كما ورد أيضا في: مجموع الفتاوى، 35/112

[16]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج. 13 /77.

[17]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج.11 /285

[18]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى 35/114

[19] - ابن تيمية، مجموع الفتاوى 11/ 289

[20]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى 11/465-468

[21]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى 13 / 92

[22]- ابن تيمية، دقائق التفسير 2 /143

[23]- ابن تيمية، مجموع الفتاوى 1/360

[24]- روى الطبراني عن بن عباس في قوله تعالى:) لو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم( (الأنعام/ 93) قال هذا عند الموت والبسط الضرب يضربون وجوههم وادبارهم، ويشهد له قوله تعالى في سورة القتال:)فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوهمم وأدبارهم((الأنفال /55) وهذا وإن كان قبل الدفن فهو من جملة العذاب الواقع قبل يوم القيامة وإنما اضيف العذاب إلى القبر لكون معظمه يقع فيه ولكون الغالب على الموتى أن يقبروا وإلا فالكافر ومن شاء الله تعذيبه من العصاة يعذب بعد موته ولو لم يدفن ولكن ذلك محجوب عن الخلق الا من شاء الله قوله وقوله جل ذكره سنعذبهم مرتين (أنظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري)

[25]- آكام المرجان في عجاب وغرائب الجان، بدر الدين الشبلى، ص.85.

[26]- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:53 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا