المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله يرثي نفسه

-------------------------------------------------------------------------------- مات علي الطنطاوي. وليس عجبا أن يموت، والموت غاية كل حي، ولكن العجيب أن يرجع بعدما مات، ليصف للقرء الموت الذي رآه‍ وكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28-06-2002, 02:50 PM   #1
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue
الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله يرثي نفسه



--------------------------------------------------------------------------------

مات علي الطنطاوي.

وليس عجبا أن يموت، والموت غاية كل حي، ولكن العجيب أن يرجع بعدما مات، ليصف للقرء الموت الذي رآه‍

وكان ذلك من شهرين، وكان على سيف البحر في بيروت، وكان البحر هائجا غضبان، يرمي بأمواج كأنها الكثبان، وقد فرّ منه الناس، فليس في الشطوط كلها، على طولها وامتدادها (من سان سيمون إلى الأوزاعي) إلا نفر قليل.

ولم يكن يعرف من السباحة إلا درسا واحدا، كان قد تلقاه من أكثر من ثلث قرن، على معلم لم يسبح أبدا، هو أن يقف حيث لا يصل الماء إلى الصدر، ثم يحاول أن ينبطح، ويسيب قدميه، ويخبط بيديه، ويبقى على ذلك مقدار ما يبتلع من ماء البحر (وهو كشربة الملح الإنجليزي) ما يملأ معدته وأنفه.. ثم يخرج. وكان مع شاب تونسي من علماء جامع الزيتونة، ولا يمتاز في السباحة عنه إلا بأنه أجهل فيها منه، حتى هذا الدرس لم يحضره لأنه لم يكن ولد، فلما كبر لم يستطع ان يأخذ مصله، لأن ذلك (المعلم) كان قد مات.

وتركا (الحمام) حيث النساء العاريات، ثم أخذت أسبح السباحة التي أعرفها: أرفع رجليّ، وأحرك يديّ، فإذا تعبت خرجت أستمتع بالشمس والهواء، وكنت ممتلئا بالصحة، أكاد أتوثب من النشاط توثبا، وكان الموت بعيدا عن فكري، والموت أبدا أبعد شيء في أفكارنا عنا، وإن كان أقرب شيء في حقيقته منا، نتناساه وهو عن أيماننا وشمائلنا، نشيع الجنائز ونمشي معها ونحن في غفلة عنها، نتكلم كلام الدنيا، ونرى مواكب الموت تمر بنا كل يوم، فلا نفكر ولا نعتبر، ولا نقدّر أننا سنموت كما ماتوا، ومات من كان أصح منا صحة، وكان أشد منا قوة وأكبر سلطانا، وأكثر أعوانا، فمنا دفعت عنه الموت لما جاءه صحته ولا قوته، ولا حماه منه سلطانه ولا أعوانه، نعرف بعقولنا أن الموت كأس سيشرب منها كل حي، ولكننا ننسى هذه الحقيقة بشعورنا وعواطفنا، وتحجبها عنها شواغل يومنا، وتوافه دنيانا، يقول كل واحد منا بلسانه: إن الموت حق وإن مقدّر على كل حي، ويقول بفعله: لم أموت، لقد كتب الموت على كل نفس إلا نفسي، فلا يزال في العمر فسحة لي دائما، ولن يأتي أجلي أبدا.

وعاودت الدخول في الماء، وأطلت البقاء فيه، وما أحسست وأنا أتزحزح شبرا فشبرا، أني جاوزت هذه البركة، وبلغت موضعا من البحر عميقا، علمت بعد أن فيه تيارا يتحاماه السباحون القادرون، فكيف بمن لم يكن يتقن من السباحة إلا فن الرسوب.

* * * * * * * * * *

وحاولت الوقوف فإذا أنا لا أجد الأرض الصلبة من تحتي، وحاولت أن أرفع رأسي فأنظر، فإذا أن لا أجد الهواء ولا أبصر شيئا، وأحسست أن الماء المالح قد تدفق على فمي، وأنفي، فأنا لا أملك إلا أن أبلعه وأنشقه، وبدأت أحس آلاما لا تصوّر ولا توصف، ليست في الرأس، وليست في عضو من الأعضاء وحده، ولكنها في كل ذرة من جسدي، وروحي، وشعرت كأن قد ألقيت على صخرة ضخمة، وأن أعصابي تجذب من تحتها وتقلع، كما تجذب خيوط الحرير مما خالطها من الشوك، وصار كل همي من دنياي أن أجد نسمة واحدة من الهواء فلا أجدها، فقلت: هذا هو الموت، هذا هو الموت الذي أفر من الكلام فيه والحديث عنه، والذي أراه بعيدا عني، لم يحن حينه، ولم يدن موعده، لذلك كنت أؤجل التوبة من يوم إلى يوم، أقول إذا بلغت من الشباب تبت، فلما بلغتها قلت: أتوب في الأربعين، فلما جاوزتها قلت: أنتظر حتى أتم بناء الدار، فلما أتممتها قلت: أتوب وأتفرغ إلى الله، إذا بلغت سن التقاعد، كأني أخذت على مَلَك الموت عهدا، ألا يطرق بابي حتى أبلغ سن التقاعد، فها هو ذا قد جاء على غير ميعاد‍

* * * * * * * * * *

وكان أول ما خطر على بالي، أني كنت أتمنى ميتة سهلة سريعة تكون على الإيمان، وأن هذه الأمنية تلازمني من أزمان، فخشيت أن أكون قد سعيت إلى هذه الميتة فأكون (والعياذ بالله) منتحرا، ورحت أفكر فيما صنعته من لدن دخلت الماء، فإذا أنا لا أذكر من ذلك شيئا، وإذا أنا أشعر أنه غدا بعيدا عني كأنه قد كان من سنة، لا من دقائق معدودات، وصغرت الدنيا في عيني، كأني أراها من طيارة قد علت في طباق الجو، ومن كان على سفر، يسرع ليلحق القطار، هل يرى من الشوارع التي يجتازها شيئا؟ هل يغريه منها جمال ساحر، أو فن طريف؟ إنه يحس بها غريبة عنه، وأنها ليست له، يغدو منظرها في عينه كصورة زائفة فكيف ينظر إلى هذه الدنيا من أيقن الموت‍؟

لقد أمحت (والله) صورة الدنيا كلها من أمامي. ومالي وللدنيا، ولم يبقى لي فيها إلا لحظات معدودات، أنا أتجرع فيها ثمالة كأس الآلام؟ لم يبقى لي منها ما يغريني بها، حتى الأهل والولد شغلت بنفسي عنهم، فلا تصدقوا ما تقرؤونه في القصص من أن المشرف على الغرق، يفكر في أحبائه أو في أعماله، أو في أدبه وعلمه ومقالاته وأشعاره، أو يهمه ما يقال فيه من بعده رما كان ذلك من غير المسلم، أما المسلم فلا يرى في تلك الساعة إلا ما هو قادم عليه.

* * * * * * * * * *

وازدحمت عليّ الخواطر فيما أفعله، فحاولت التشهد والتوبة أولا، فلم أستطع النطق بشيء مما كان في فمني من الماء، وازدادت علي الآلام ولكنها لم تقطع خواطري، وكان ذهني في نشاط عجيب ما أحسست مثله عمري كله، وكنت بين خوف من الموت ورغبة فيه: أرغب فيه أرجو أن تكون هذه الميتة على الإيمان، وأخاف لأنه ليس لدي ما أقدم به على الله، وقد فاجأني الموت، كما يفاجئ التلميذ المهمل، الذي لا يزال يؤجل المطالعة والحفظ، ويقول: الامتحان بعيد، وتمضي الأيام، حتى إذا رآه صار أمامه قطع أصابعه ندما، وأذهب نفسه حسرة، وما نفعه ذلك شيئا.

هذا هو امتحان يسير، أسوأ ما فيه أن تذهب بالسقوط فيه سنة من عمره سدى، فكيف بالامتحان الأعظم، الذي ما بعده إلا النعيم الأبدي في الجنة، أو الشقاء الطويل في النار، الامتحان الذي ليس فيه (إكمال) و لا تعاد له دورة، و لا يجبر فيه (كسر) درجة، و لا تنفع فيه شفاعة شافع، و لا وساطة ذي جاه أو مال، و رأيت موقف الحساب رأي العين، و قد شغلت كل أمري نفسه، و الناس يدعون ليأخذوا نتائج الامتحان، فمن أخذ كتابه بيمينه، و حمل إلى الجنة فهذا هو الفائز، و من أخذ كتابه بشماله و سيق إلى النار فهذا هو الخاسر، و هذا هو الخسران المبين.

و عرضت عملي، فلم أجد لي عملاً من أعمال الصالحين، فلا أنا من أهل المراقبة الذين لا يغفلون عن الله طرفة عين، و لا أنا من المبتعدين الذين يقومون الليالي الطوال و الناس نيام، و يناجون ربهم في الأسحار، و ما أنا من المتقين الذين يتجنبون المحرمات، ما أنا إلا واحد من الغافلين المذنبين، أي والله فبم أقدم على الله؟

* * * * * * * * * *

و نظرت فإذا كل ما ربحته من عمري لحظات، لحظات كنت أحس فيها حلاوة الإيمان، و أخلص فيها التوجه إلى الله تقابلها عشرات من السنين كنت سابحاً فيها في بحار الغفلة، تائهاً في بيداء الغرور، أحسب من جهلي، أن الأيام ستمتد بي، لم أدر أن العمر ساعات محدودة، و أن ذلك هو رأس مالي كله، فإن أضعته لم يبق لي من بعده شيء.

و ذكرت حديثاً كنت حفظته في صباي ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، و غناك قبل فقرك، و حياتك قبل موتك)). و ندمت لأنني لم أكن وضعته في صدر مجلسي، و اتخذته منهجاً لحياتي، و لكني لم أعرف (مع الأسف) معناه، و لم أدرك حقيقته، إلا عندما انتهت حياتي.

و فكرت فيما كنت أكابد من ألم الطاعة، فإذا الألم قد ذهب و بقي الثواب، و نظرت فيما استمتعت به من لذة المعصية، فإذا هو قد ذهب و بقي الحساب، فندمت على كل لحظة لم أجعلها في طاعة.

* * * * * * * * * *

و نظرت فإذا المقاييس كاملة تتبدى ساعة الموت، و إذا كل ما كنت أحبه و أنازع عليه، قد صار عدماً! و إذا أنا لم آخذ معي شيئاً، بنيت داراً فما حملت معي منها حجراً، و اقتنيت مالاً فما كان لي منه، إلا ما ظننت من قبل أني خسرته، و هو ما أخرجته لله، و كتبت آلفاً من المقالات في عشرات من السنين، و كان لي من القراء و المستمعين ملايين و ملايين، فما نفعني كلمة قلتها لوجه الله، و أين هي؟ لقد تركني هؤلاء المعجبون (كما يقولون) بأدبي و بياني أموت الآن و حدي، ما جاء واحد منهم ليأخذ بيدي، و ما أقبل واحد منهم يدفع الموت عني!

و عرفت لذائذ الحياة كلها، فما الذي بقي في يدي و أنا أموت غرقاً من لذائذ، و ما الذي استبدلته بالعمل الصالح الذي لا أرجو النجاة الآن إلا به؟

لقد كان إبليس يشغلني عن الخشوع في الصلاة بالتفكير في ((البنطال)) أن يفسد كيه السجود، و يخوفني أن تذهب صحتي، بقطع المنام لصلاة الفجر أو صيام أيام الحر من آب، و أن أخسر حسن رأي الناس في إن جهرت بقولة الحق، أو أن ينالني من ذلك أذى في جسدي أو في رزقي!

فوجدتني الآن أخسر الناس، إذ بعت الباقي، بهذا الوهم الزائل، كزنوج إفريقية الذين يعطون كنوز بلادهم وخيراتها، ليأخذوا خرزات لماعة، أو ساعة طنانة، أو هنة هينة من هينات الحضارة.

أما العاقل فيبذل ما لديه من متاع، ويعلم أن الذي يعطيه اليوم، هو الذي يبقى له غدا، وأن الذي يحتفظ به ويخفيه يخسره ويخرج من يده، ويكون مستعدا للسفر في كل لحظة.. وأما الأحمق فيتمسك يخيمته ومتاعه القليل ويقول: أنا باق هنا، هذه هي داري، وهذا متاعي، وما الدار الآخرة إلا كاذيب جرائد، وأساطير محررين، وأن أكون أحمق فأبيع عاجلا حاضرا، بآجل موهوم، ويرى الناس يطيرون كل يوم فلا يفكر ويظن أنه وحده هو الباقي، حتى يجيء دوره، فيحمل قسرا لا يملك دفعا ولا منعا، ويخسر ما كان له في الجزيرة، ولا يلقى في أمريكا إلا جحيم الفقر والحاجة إلى الناس.

وغلبني ألم الموت، ولم يعد في طوقي أن أفكر، فترجعت إلى الله وتصورت كرمه وعفوه، وكان يغلب عليّ الأمل وحب الحياة، فأضرب بيدي ورجلي وأرفع يميني أشير بها، ثم يدركني اليأس فأسلم أمري إلى الله، ولم اكن أتمنى بعد المغفرة، إلا شيئا واحدا، هو أن يخفف الله عني بتعجيل موتي، أخشى أن يطول بي هذا الألم فوق ما طال.

* * * * * * * * * *

وقد خيّل إليّ أني بقيت على ذلك ساعات، ولكن تبين لي من بعد، أني لم ألبث أكثر من دقيقتين، في دقيقتين أحسست هذه الآلام، ومرت في ذهني هذه الخواطر.

وهذا من العجائب التي أودعها الله النفس البشرية، فأنت ترى حلما تعيش فيه عشرين سنة بأحداثها، ولا تكون قد نمت اكثر من خمس دقائق.

ثم لما خارت قواي، وأوشكت أن أغوص فلا أطفوا أبدا، خيّل إليّ أني أسمع أصواتا تناديني، وأحسست بيدي تمس شيئا صلبا، أدركت أنه طرف من زورق، ففرحت فرحة ما فرحت قط مثلها، وشعرت أني أرفع إلى الزورق، ثم غبت عن نفسي وهم يمسكون برجلي لأخرج بعض ما في جوفي من ماء البحر.

* * * * * * * * * *

لقد خرجت بنفس جديدة، واتعظت موعظة أرجو أن تدوم لي، وعرفت قيمة الحياة، وحقيقة الموت، ونحن لا نعرف من الموت إلا ظاهره دون حقيقته، نراه عدما، ونندب القريب والحبيب إن وضعناه في حفرة باردة، وخلفناه وحيدا، تأكله الدود، وليس حبيبك الذي أودعته الحفرة، ولكن جسده، والجسد ثوب يخلع بالموت، كما تخلع الحية ثوبها، فهل يبكي أحد على ثوب خلع!؟

وما الموت إلا انتقال إلى حياة أرحب وأوسع، إلى النعيم الدائم أو الشقاء الطويل، ولو كان الموت فناء لكان نعمة.

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء

فإذا كان الموت سفرة لابد منها، فالعاقل من تهيأ لها، وأعد لها الزاد والراحلة، وذكرها دائما كي لا ينساها، ونظر في كل شيء، فإن كان مما يستطيع أن يحمله فيها حرص عليه، وإن كان مجبرا على تركه وراءه زهد فيه وانصرف عنه.

* * * * * * * * * *

وبعد.. فلا يهنئني أحد بالسلامة، بل ليدع لنفسه ولي بحسن الخاتمة، فإني أخاف والله ألا أجد ميتة أكون فيها حاضر القلب مع الله، مستشعرا التوبة، متصورا الدار الآخر، كما كانت هذه المرة.

رحم الله الشيخ الطنطاوي و حسن خاتمتنا جميعا ان شاء الله
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 01-07-2002, 07:00 AM   #2
dania
عضو فعال


الصورة الرمزية dania
dania غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1506
 تاريخ التسجيل :  05 2002
 أخر زيارة : 22-02-2005 (04:49 AM)
 المشاركات : 41 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
لاإفراط ولاتفريط



بسم الله الرحمن الرحيم
************************************************** *****************************

** رائع ماوقع عليه إختيار البتار .. فكتب الله لك بذلك الخير ..

** أسمح لي ياأخي البتار أن أضيف صورة أخرى يرويـــها لنا أيضاُ الشيخ الطنطاوي ويصور فيها حالنا مع الموت .. يقول _ رحمه الله _ :
( ساعة الموت مالذي يبقى لنا _ تلك الساعة _ من جميـــع اللذائذ التي ذقنـاها والآلآم التي حملناها ؟ إن كل مؤمن يريد أن يتوب ويرجع الى الله ولكنه يؤجل ويسوف ... أنا كنت أقول : اذا حججت تبت وأنبت ثم أني حججــــت وماتبت .. وكنت أقول : أذا بلغت الأربعين تبت وأنبت فبلغتها وماتبت وجاوزت الستين وماتبت وشبت وماتبت .. ليس معنى هذا أني مقيم على المحرمات ..مرتكب للفواحش .. لاوبحمد الله ولكن معناه أن الأنسان يرجو لنفسه الصلاح ولكنه يسوف .. يظن أن في الأجل فسحة .. يحسب أن العمر طويل فيرى الموت وقد طرقه فجأة وقد رأيت أنا الموت مرتين وعرفت شعور الميت لقد ندمت على كل دقيقة أضعتها في غير طاعة الله .. فلما نجوت بقيت على هذا الشعور شهوراً صرت فيها صالحاً ثم انغمست مرة ثانية في غمرة الحياة ونسيت الموت ...كلنا ننسى الموت .. نرى الأموات يمرون بنا كل يوم ولكن لانتصور أننا سنموت .. نقف في صلاة الجنازة ونحن نفكر في الدنيا .. يظن كل واحد منا أن الموت كتب على الناس كلهم الاعليه مع أن الأنسان يعلم ان الدنيا مولية عنه وهو مول عنها .. مهما عاش الإنسان فهو ميت ليعش ستين سنة .. ليعش سبعين ...الا تنقضي ... نوح لبث يدعو قومه تسعمئة وخمسين سنة ..فأين نوح الآن هل بقيت له الدنيا .. هل سلم من الموت ؟ فلماذا لانفكر في الموت ونستعد له إن كان لابد منه ؟ ) .

**ولكن هل معنى هذا القول أن نعيش الحياة لانفكر الا في الموت .. الموت وحده
هل يعني أن ننكفيء على أنفسنا ونغلق الأبواب من دوننا لاننتظر من الدنيا طارقاً إلا طارق الموت ؟؟؟طبعاً ..لا..يقول الشيخ الطنطاوي في توضيح هذه الفكرة :
( إن الأسلام لايطلب من المسلم أن يزهد في الدنيا مرة واحدة ...ولاأن يسكن المساجد فلا يخرج منها .. ولا أن يأوي الى مغارة يمضي حياته فيها ... إن الأسلام يطلب من المسلمين أن يكونوا في الحضارة الخيرة سادة المتحضرين وفي المال أغنى الأغنياء وفي العلم _ في العلم كله _ أعلم العلماء وأن يعرف كل مسلم حق جسده عليه بالغذاء والرياضة وحق نفسه بالتسلية والمتعة في غير الحرام وحق أهله بالرعاية وحسن الصحبة ... وحق مجتمعه بالعمل على كل مايصلحه كما يعرف حق الله بالتوحيد والطاعة )

**ورحل الطنطاوي _ رحمه الله _ بعد أن قدم لنا النموذج الأمثل والتصور الصحيح للتعامل مع فكرة الموت في حياة الأنسان المسلم ولاننسى أنه القائل ( سيمضي العمر ويذهب المال والجاه كما ذهب الشباب وينسى الناس كل ماعملت ولايبقى الاالذي يحمله العبد الى آخرته ... فيارب لاتجعل عملي يذهب سدى ... واجعل ماكتبت وماخطبت من العلم النافع الذي لاينقطع بإنقطاع العمر ) .
**وهانحن اليوم نقرأونكتب شيئاً من علمه النافع الذي بقي بعد رحيله .
فاجعل اللهم خير أعمارنا آخرها .. وخير أعمالنا خواتمها .

دانية .


 

رد مع اقتباس
قديم 08-02-2003, 02:49 PM   #3
الزبير
عضو نشط


الصورة الرمزية الزبير
الزبير غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3089
 تاريخ التسجيل :  12 2002
 أخر زيارة : 15-02-2003 (06:44 PM)
 المشاركات : 150 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اللهم ارحمه برحمتك ................
ما اوصيكم على كتبه يا شباب............


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:50 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا