المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

قـصـة (( بـانـــــورامــــا الـــيُـــتـــم ..! ))/ لكاتبها:بـــكـل هــــدوء

_" خواف" !! ..وأفكرٌ في كلماتٍ موجعة ؛ أرد بها على اتّهامات "لؤي" ؛وتهكماته المستمرة حينما ينتهي الدوام ونخرج من صفنا الرابع إلى خارج المدرسة ؛ لنلعب في

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14-09-2009, 09:37 AM   #1
آه ياسنيني
المركز الاول (أميرة الأبجديّــات)


الصورة الرمزية آه ياسنيني
آه ياسنيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27270
 تاريخ التسجيل :  03 2009
 أخر زيارة : 29-12-2011 (06:32 AM)
 المشاركات : 817 [ + ]
 التقييم :  54
لوني المفضل : Cadetblue
قـصـة (( بـانـــــورامــــا الـــيُـــتـــم ..! ))/ لكاتبها:بـــكـل هــــدوء



_" خواف" !!

..وأفكرٌ في كلماتٍ موجعة ؛ أرد بها على اتّهامات "لؤي" ؛وتهكماته المستمرة

حينما ينتهي الدوام ونخرج من صفنا الرابع إلى خارج المدرسة ؛ لنلعب في الطريق ...


متى يفهم لؤي أنني أقدر والدي , ولا يرضيني
أن أغضبه ؟
كيف أفسّرُ له أنّ الخوف خالةٌ طبيعية
كثيراً ما تعكسُ الحبّ !؟

:
وخرجت معهم كما في كل مرة..
دون أن أبرّرَ أو أفسّرَ موقفي ؛ لأثبت لهم عملياً أنّني
"رجل" !

وبينما نحن منهمكين في اللعب حيثُ تأخر والدي ,
وليس ذلك من عادته
حانت منّي ألتفاتةٌ لأرى عمي فاً ينتظر ..
"مفاجأة" مفرحة وغريبة في آن !

جريتُ نحوه : عمي سعيد
ونظر إليّ بملامحَ أدهشتني ظلال الحزن والوجع فيها ..
_ هيّا يا محمّد ؛ السيارة ع اليمين
_طيّب ....ولم أكمل

رافقتهُ بصمتٍ يبعثرُ فضوله ..
قلبي الغضّ لا يتوقُ إلى التفاصيل ..
وعمّي يتوجّعُ بتمزقٍ مكتوم أفزعني , وأخرس صمتي
فنطق..

_عمّي..ليش !؟ ( هذا ما استطعتُه ) !
فركن سيارته..ما عاد يقوى الحركة ؟ وأنّى له !!؟
_محمد إنتَ صرت رجّال !

وحبستُ أنفاسي..كموجوعٍ سُلطّت على جراحه كلَ
أضواءِ الأرض
_أبوك يا محمّد راح عند ربّ العالمين..


وما نطقتُ, ولا بكيت , ودمعاتي ما ضنّت عليّ بنزفها ..
فراحت للداخل تنهمر !
:
دقائقُ صامتة..أليمة؛أجهدها المرار
وعمي يلملمُ شتاته كـــ ثكلى أرهقها الفراق..
وعينايّ لا تتحولانِ عن وجهه..وصوتٌ يتمرد على الحقائق:
_كيف يعني !؟

_يتمتمُ : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ... )
وعينايّ لا تفترانِ تحدّقانِ فيه دونَ أن ترُفّا..
وبقسوةٍ علمتنيها الحياةُ آنذاك:
أقول لك:إيش يعني !؟

_أبوك مات في حادث وهو رايح العمل..
ويتبعُها : وإنتَ رِجّال يا محمّد

وأبكي .. وأبكي
أشعرُ بهِ بجواري يهذي .. وأنا أفكّرُ في أبي
ماتَ الحبيب ! مات!؟

وصلتُ إلى بيتنا الوديع..الذي كانَ وديعاً ,
وقلبي يتحسّسُ الوجوه
ونظراتي المبعثرة تتحاشى عمي..
أحاولُ أن أهربَ من صلابة الحقيقةِ وقسوتها..حتى وإن
كانَ
إلى ليونةِ الوهم !

جميعهم يرمقونني بقلق ,ينادونني..
لا يدركون أنّ صوتَ أبي يعلوهم ,حين همس لي هذا
الصباح:
( محمّد حبيبي..أبغاك تشدّ حيلك , وما تنسى الصّلاة )
وحرّكتُ رأسي بانقياد يلونه نزق الشّقاوة :أكيد , أكيد
وابتسمَ ؛ وعيناهُ تعانقُ وجهي..واللهِ ابتسم !!

وصلتُ إلى حيثُ أمّي فهالني النحيب..
وددتُ أن أضم وجعها لى وجعي ؛ فجلستُ حيثُ أنا
أخفي بيديّ وجهي..وأنا أحترِق !

تربّتُ جدتي عليّ ببكاءٍ ينفثُ النشيج:
"يا حبيبي يا محمّد "

هيَ فقط ..جدتي
من يبعث الدفء في زوايا هذا القلب !

وآن وقتُ صلاة العصر..
فتناديني أمي بنبرةٍ تتكئُ على الحزم ..
"الصلاة يا محمّد"
خلتُها تزم البكاء وهي تقولها..فبكيتُ أنا !

لم أنم تلك الليلة..
أنكرتني الدنيا,وأنكرتها !


أن يكون لك "أب" , فأنت تمتلكُ الكثير
على سطح هذا الكوكب..
أن يكون لكَ "أب" , فهذا يعني أن تضحك..تضحك
منَ القلبِ ؛ دون أن تكترثَ لعقباتِ الطريق..
أن يكون لكَ "أب" , فأنت تُسنِد "قلبكَ" إلى زاويةٍ
دافئةٍ..مفعمةٍ بالأماااان !


يا لمرار فقدكَ يا أبي..
وتأخذني الفكَر إلى "هيثم" زميلي في الصف..
"هيثم" يتيمُ الأب مثلي..
صحيح أنّه لا يُخالطنا كثيراً؛لكنّه دوماً يبتسمُ لنا

:
كيف لليتامى أن يستَلهموا البسمةَ في وجوه الآخرين/المترفينَ حناناً !؟
كيف !؟


عُدتُ إلى المدرسة,ةأثقالُ اليُتمِ قد غرستْ ملامحها
في وجهي..
صافحني أصدقائي,حتّى لؤي المشاكس ابتسمَ لي
وقال معزّياً:
"معليش يا محمّد ,إنتّ رِجّال"

:
كدتُ أبكي على كتِفه ؛ وأردّد :
"أنا خوّاف يا لؤي"
خائفٌ من الحياة والبشر,من العيون الشرسة واللامبالية
من النّوايا..وقواميس القهر والفقد
ومن قلبي !

لمحتُ "هيثم"..فرأيتُني فيه
وكأنّ "البؤسَ" يمنحُ ضحاياهُ ملامح واحدة !

:
تركتُ أصدقائي وذهبتُ إليه..
"هيثم" فقط من يُشبهني..وأنا أحبّه
لا أحقدُ على أصدقائي..لكنّ فقدَ أبي باتَ ضعفاً/عيباً
يفضّلُ التواري !

فعقدتُ معهُ لليُتمِ حكاية..
أذكرُ أننّي سألتهُ بتردّد: كيف مات أبوك يا هيثم ؟
فابتسم بلامبالاةٍ تجهلُ حقيقةَ أن يكونَ لكَ "أب"
وقالَ: "أصلاً ما أعرفه , مات وأنا في بطن ماما"

:
فاختنقتُ بغصّة ,وطفقتُ أسائلُ نفسي:
تُرى , من منّا نكستهُ مع الحياةِ أكبر !؟


ما عاد للحياةِ روح , ومن حولي يحاولونَ تزييفَ
حقيقةَ كوني "طفل" ؛ بابتساماتٍ باهتة تخفي شجنها وهيَ تكرّر
أنغاماً مللتٌها..تذكّرني بالرجولة !

أن ألتزمَ بما يحبّ أبي ,فهذا يُشعرني أن روحَه حولي ترفرف..
لذا حتى صلاةُ الفجر..ما فاتتني يوماً في المسجد !

تملؤني الصلاةُ بالقوّة, واليُتمُ يشدّني إلى أسفل
حيث الخوفُ, والشعورُ بضياعِ "السند" !!

:

الموتُ يرهبُ النّاس..
يصقلُ قلوبهم من القسوة فـــ "تخبِت" ..تبكي
ثمّ تنسى !

كلّهم ينسونَ..لكن اليتيمَ لا ينسى !
هناك في الأعماق زاويَةٌ تستجدي الحنان..
حنان الرّجال خاصّة..

وأن تكونَ رجلاً هنا..
فلا تطلبِ الحنانَ, ولا تكُ حانياً..
...هكذا يبدو !


صرتُ "عصبيّاً" بعضَ الشيء..
فحتّى تخفي ضعف أعماقك..وشغفها بيدٍ حنون
لا بدّ وأن تزيّفها..
...هكذا هيَ الحياة !!


جاء رمضان..وتجدّدَ حزنُ الدّار
يومُه الأوّل..كان لأحزاننا عمرا

:

لا أنظرُ إلى وجهِ أمّي , وهي تتدثّرُ بالأذكار
وجهها يتلوّن حتّى الدّمع..ووجهي يبحثُ عن قناعٍ بأيّ لون
حتى لو كانَ الفرَح !

:
تعلو نبرتُها بالذكر؛كمن يُقاطعُه صوتٌ ما..
فيبادرهُ ليهزِمه !


علا صوتُ المؤذّنِ,فتسمّرنا نرقبُ نبرةً حانيةً..
تتلمسُ "التمر" وتهمسُ في استسلامٍ مَهيب:
"بسم الله , للهم لكَ صمتُ..."

:

وبكت أمي وهي تقولها,وتسللتُ أنا إلى المسجد
وقد تبعثرت كلماتي,وما أجيدُ سوى "ياااارب"

:

رمقني الإمامُ بلطفٍ وهو يسألُ حائراً_كمن بيّتَ السؤالَ منذ أمد_
"ولد مين إنتَ" ؟
فقلتُ وأنا أبتلعُ الفقدَ: "ولد ماجد ..."
فربّت عليّ: "رحمة الله عليه ؛ اللي خلّف ما مات "

:

تُراك أبي راضٍ عنّي الآن..
إن لم يكن بكَ عتبٌ عليّ فلا أبالي !


وبقدرِ ما انتشت ساعاتُ رمضانَ بالسكينةِ والقرآن
بقدرِ ما فقدتُ أبي !

وحانَ العيد..
وأستقبلهُ كبريءٍ ينتظرُ إعدامه؛ بوجلٍ واستسلامٍ للقدر..
أخرجُ مع عمّي وأبناءه..
نصلي,وعينايَ لا تلبثانِ ترقبانِ كلَ عابرٍ بصحبةِ أبيه
أهتم بتفاصيلَ قد تبدو ساذجَة..لكنها تعني لي حياة !

يُقبّلُ عمّي أبناءه ؛ يهنئُهم بالعيد..وينساني
كنتُ متكوّماً على وجعي..
فغمزهُ وائل: "بابا محمّد .. نسيتُه ؟"

:

واحمرّ وجهُ عمّي , وعلمَ أنّه آلمني
كأوّل سوادٍ في صفحةِ العيد !

استقبلنا رجالاً كثيرين , وربّتَ عليّ أيدٍ كثيرة
فأرفعُ عينينِ عطشّى .. علّني أعانقُ لطفَ ابتسامة يكفكف يُتمي
لكن الوجوه تنصرف عنّي إلى غاياتٍ أخرى..
تتوقُ إلى الأجرِ في مسحةٍ على رأسي , وتسلبُني حقّ
الرّحمة !

:

يا لهذا اليومِ الباهتِ / البارد
وكأن الكون تماهى ووجعي فارتدَى الشّحوب
ما أقسا الحياةَ بلا ألوان !!


"لا يجبُ على اليتيم أن يثقلَ على الآخرين ؛ بحاجاتهِ العاطفية"
هذا ما قالهُ لي "هيثم"..
كأولِ درسٍ في التعاملِ مع حياةِ اليُتم !

لا يعترفُ أعمامُ هيثمَ به..
ولديه خالٌ قاسٍ لا يعبأ بالبراءة والحرمان..
ولا تملكُ أمّه إلا أن تبكي وتفيقَ على : "خليك رِجّال" !!

:

ياااه يا هيثم ..
أوجعتَ أسايَ,وأوجعني أساك !

فطنتُ مؤخراً إلى "لمى" شقيقتي الصغيرة..
لم تتعدّ العامينِ حين وفاةِ والدي..
لكنّ حيّزَ الأب في القلب يبقى فارغاً..
يُناشد القلوبَ ألا تنساه.. ولو من وقتٍ لآخرَ
بقُبلةٍ حانية , ضمّةٍ دافئة , أو حتىّ كلمَة .. لا روحَ فيها
تخبرهُ أنّه من عِدادِ الأحياء !

ومنذ ذلكَ اليوم ..
وقلبي لا يفتُر يصافحُ قلبَ لمى..
يقبّل مكانَ الوجعِ منه..
وكلما آلمَني الفقدُ..منحتُها إشراقةَ أعماقي !


بتّ أسعدُ بالعطاء , وبالرّجولة التي تفوقُ تصوراتِ من حولي السّاذجة
لتحلقَ في عالمٍ أرحبّ.. أرحب
لا يتقنهُ سوى البؤساء !

:

كمْ أنتَ قاسٍ .. أيّها العالم !!

:

كتبتهُ : بكلّ هدوء.


______________
أعجبتني هذه القصة فنقلتها, قرأتها منذ سنين,صورت شعور اليتيم بأصدق شعور..
بكل هدوء فليرعاك الله أينما كنت..

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 15-09-2009, 11:13 PM   #2
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


حياك الله ؛ وشكرا جزيلاً لهذه القصه الجميله ...

وعفوا لهذا الرد المقتضب ..

فجو القصه هو السبب ....

لكنها جميله ؛ وبها معانى نبيله راقيه ؛ ومشاعر دافئه حانيه .....

حياك الله ....


 

رد مع اقتباس
قديم 16-09-2009, 07:32 AM   #3
آه ياسنيني
المركز الاول (أميرة الأبجديّــات)


الصورة الرمزية آه ياسنيني
آه ياسنيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27270
 تاريخ التسجيل :  03 2009
 أخر زيارة : 29-12-2011 (06:32 AM)
 المشاركات : 817 [ + ]
 التقييم :  54
لوني المفضل : Cadetblue


أهلابك أخي الكريم أسامة,

جزاك الله خيرا لمرورك الكريم ولا ألومك فالغصة تجعلنا نبتلع كلماتنا أمام هذا الوجع..!

بارك الله فيك.


 

رد مع اقتباس
قديم 17-09-2009, 12:19 AM   #4
وردة الحب الصافي
مراقبه إداريه سابقة


الصورة الرمزية وردة الحب الصافي
وردة الحب الصافي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22566
 تاريخ التسجيل :  01 2008
 أخر زيارة : 13-02-2018 (07:11 PM)
 المشاركات : 12,624 [ + ]
 التقييم :  217
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green


كــل الـــشـكــر لـك آه يـا ســنـيـنـي،،،،،

عــلى هـــذا الـمـوضــــوع الـمليء بـالـمــشـــاعـر الـدافـئـــة،،،،،


 

رد مع اقتباس
قديم 17-09-2009, 05:38 AM   #5
آه ياسنيني
المركز الاول (أميرة الأبجديّــات)


الصورة الرمزية آه ياسنيني
آه ياسنيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27270
 تاريخ التسجيل :  03 2009
 أخر زيارة : 29-12-2011 (06:32 AM)
 المشاركات : 817 [ + ]
 التقييم :  54
لوني المفضل : Cadetblue


غاليــتـي وردة,

شكراً لكِ أيضاً لمرورك اللطيف.

بارك الله فيكِ.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا